اخبار الوطن العربي

طلب من نصرالله إلى المقاتلين في الجرود

ليست معركة جرود عرسال بالمعركة السهلة على عكس ما يحاول البعض الإيحاء به، فمنطقة جغرافية كجرود عرسال والقلمون وفق كلّ ما تحتويه من هضابٍ كاسرة ومرتفعاتٍ شاهقة ووديانٍ عميقة وطبيعة صخريّة صعبة بمغاورها وسنانها، ليس من السهل أن يقتحمها أو يعمل أو يقاتل فيها عناصر مشاة من النخبة أو غيرها، دون أن يواجهوا صعوبات أمام عدوٍّ متقدّمٍ عليهم بعوامل التثبيت الطويل والتأقلم مع الطبيعة فضلاً عن تجهيز خطوط الدفاع، لكن وعلى الرغم من كلّ تلك الأسباب التي ليست بالسهلة، أثبت مقاتلو حزب الله أنّهم عناصر ذو كفاءةٍ وجدارةٍ ويستطيعون التجانس مع أيّ بقعةِ عمل.

في الأيّام الأولى للنسخة الثالثة من معركة الجرود كان اندفاع المقاتلين مثاليّاً وعملوا على إفراز استعداداتهم التي راكموها لأشهرٍ على كلّ المستويات ما نتج عنه سرعة في التنفيذ وتقدّم على جبهاتٍ مهمّة، لكن تلك الاندفاعة وعلى الرغم ممّا نتج عنها، كان بين سطورها هفوات قاتلة أدّت إلى حصول ضرباتٍ كان حزب الله قادراً على تحاشيها، سقط خلالها العدد الأكبر من الشهداء في المعركة (13 من أصل 20).

تداركت عمليات حزب الله التي حصلت في اليوم الأوّل معمّمةً على القطعات العسكريّة كافةً الالتزام وعدم الاندفاع بشكلٍ خطيرٍ قد ينعكس سلباً على العمل والتقيّد بالخطّة الموضوعة، ما أثمر تبدّلاً في مجرى سير العمليّة في الأيّام التي تلت.

تُشير معلومات “ليبانون ديبايت” أن الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، وبعد أن تابع سقوط هذا العدد من الشهداء في اليوم الأوّل، كان لا بدّ له من السؤال عن الأسباب التي تبيّن أنّها مرتبطة بالاندفاعة السريعة للمقاتلين وما تراكم عنها من خطوات كانت ضارة. وبعد أن نوّه بعملِ المقاومين، لفت إلى أنّ الخطّة الموضوعة لا تشمل إسقاطاً للجرود في أيامٍ معدودةٍ؛ بل خصّص لها وقت محدّد، وعليه، يجب العمل برويّة وعدم التسرّع تداركاً للأخطاء وإعطاء العمليّة بعدها ووقتها.

ويبدو أنّ هذه التوجيهات قد فعلت فعلها على أرض الميدان، إذ رصد في الأيّام التي تلت انخفاضاً ملحوظاً في عدد الشهداء والإصابات، مع الإبقاء على الزخم نفسه من العمليّة لكن بحدود المعقول، والتركيز على النوعيّة في انتقاء الأهداف والعمل عليها وفق نموذج المسك.

ميدانياً، كان لافتا الرسالة التي وجّهتها قيادة عمليات المقاومة إلى مسلحيّ النصرة من أنّ “المعركة معهم أصبحت على مشارف نهايتها”، داعية إيّاهم إلى “الاستسلام” و “أن يحقنوا دماءهم بإلقائهم السلاح وتسليم أنفسهم مع ضمان سلامتهم”.

جاء ذلك بُعيدَ سيطرة المقاومة على وادي الخيل، أحد أكبر معاقل الجبهة في جرود عرسال.

وفي خطوةٍ معبّرة منهم، رفع مقاتلو الحزب صور شهداء الجيش اللّبنانيّ الذين قُتلوا على يد جبهة النصرة، وذلك على مدخل غرفة عمليات جبهة النصرة.

إلى ذلك سجل اليوم الرابع من العملية انتقال حزب الله إلى توجيه ضرباتٍ تحت الحزام، إذ شنّ المقاومون هجوماً موسّعاً على جبهاتٍ عدّة متقدّمة مستفيدين من سيطرتهم على كامل وادي المعيصرة ومرتفع قلعة الحصن الذي يُشرف بشكلٍ مباشرٍ على مثلث معبر الزمراني شرق جرد عرسال، وهو نقطة تفصل بين مناطق النصرة وداعش.

كذلك سيطر المقاومون على وادي كحيل ووادي زعرور ووادي الدم ووادي الدقايق في جرود عرسال، في وقتٍ نجحوا بتدمير محطّة الاتّصالات الأساسيّة التابعة لجبهة النصرة في الجرود.

ليبانون ديبايت

مقالات ذات صلة