المقالات

عمر النايف والرد الجبهاوي المنتظر

يقول لينين؛ “لا فرق بين الخيانة المتعمدة، والخيانة بسبب الغباء”، ويذهب الشهيد غسان كنفاني لجهة أخرى من الخيانة ويقول؛ “أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر”.

عمر النايف، القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وابن مدينة جنين في الضفة الفلسطينية المحتلة، والأسير الذي نجح في الهرب من سجون الاحتلال بعد اعتقاله على خلفية المشاركة في عملية قتل مستوطن في القدس المحتلة قبل 27عاماَ، يستشهد في العاصمة البلغارية، صوفيا، داخل مقر سفارة السلطة الفلسطينية، حيث احتمى فيها 70 يوماً بعد مطالبة سلطات الاحتلال الصهيوني السلطات البلغارية بتسليمه.

اختار عمر رغم أنه كان قادراً على الهروب والاختفاء، خاصة وهو الذي هرب من سجون الاحتلال بخطة محكمة خدع فيها الاحتلال الذي بقي يطارده لحين اغتياله، اختار أن يلجأ إلى سفارة السلطة الفلسطينية في بلغاريا ظناً منه أنه سيكون بأمان هناك حيث أبناء شعبه. تُهاتف السفارة، صباح الجمعة 26 شباط، عائلةالنايف، لتخبرهم عن استشهاد عمر داخل مقرها في ظروف غامضة!

تُسارع سلطات الاحتلال لرمي الحمل عن كاهلها وتلقي به على السفارة وموظّفيها، وتقول إنها ليست بهذه الدرجة من الغباء لتغتال عمر بعد أن طلبت من السلطات البلغارية تسليمه لها، بل تذهب إلى أبعد من ذلك من الاستخفاف والهراء، لتقول إنها علمت عن حادثة الاغتيال من الإعلام مثل الآخرين، وذلك بحسب الصحف العبرية.

أما الجهات الرسمية السلطوية فتغرق في التيه والتخبط كلما كانت أصابع الاتهام تشير إليها بالتخاذل والتواطؤ مع الاحتلال والأمن البلغاري لتنفيذ هذه الجريمة بحق النايف، وتكتفي بتشكيل لجنة للتحقيق في الأمر!

في الحقيقة، لست أنوي الخوض في تفاصيل أكثر، ذلك أن المتابع العادي للحادثة وتفاصيلها سيصل، بالضرورة، لنتيجة واحدة، واضحة كعين الشمس؛ وهي أن المغدور عمر كان ضحية مؤامرة ثلاثية الأطراف، وجريمة مدبرة يشترك فيها المحتل ومن يُنسّق معه وصديق المحتل. لا حاجة لأن يكون المتابع قد عرف لينين، أو حتى قرأ شيئاً لغسان ليصل لتلك النتيجة، فدم النايف لا يحتاج معجماً أيدولوجياً أو وطنياً لتفسيره.

شخصياً، أرى أن في ذلك رسالة واضحة من العدو الصهيوني للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على وجه الخصوص، وكل من يسير على نهج المقاومة عموماً، مفادها؛ أنه لو لم يكن عمر النايف نداً لما فكر العدو باغتياله؛ وهذا ما يمليه علينا منطق المواجهة السليم.

ما المنتظر من الجبهة؟

نتساءل كلنا، متى سترد الجبهة؟ وكيف سيكون الرد؟

الجبهة صاحبة الموقف الجذري الثابت الذي لا يتجزأ، والتي عرفنا تاريخها وجربناها لم تكن يوماً سوى في قلب المشروع المقاوم، ولم تكن إلا على قدر ثقة الجماهير بها، رغم بعض الضعف الذي يعتريها.

باعتقادي، اليوم، على الجبهة إعادة ترتيب أوراقها وقراءتها لدائرة معسكر الأعداء، الذي يشمل الكيان الصهيوني، والحركة الصهيونية العالمية، والامبريالية العالمية والرجعية العربية المتمثلة بالإقطاع والرأسمالية. وعليه، علينا أن نجيب عن السؤال: هل لا تزال البرجوازية الطفيلية في السلطة الفلسطينية خارج معسكر الأعداء؟!

اليوم، وقبل الرد بالدم، كجزء من الرد والحساب المفتوحين والمستمرين مع العدو الصهيوني، مطلوب من الجبهة الشعبية، عدم التماهي مع سلطة التنسيق الأمني أو مهادنة مواقفها؛ فالسلطة ذاتها التي تآمرت على الرفيق أحمد سعدات ورفاقه وقامت بتسليمهم للاحتلال، شريكة في جريمة اغتيال الرفيق عمر النايف بطريقة أو بأخرى.

الوفاء لدماء رفيقنا، وللهدف الذي استشهد لأجله، يكون بعدم الصمت ومحاسبة كل من تخاذل وتواطأ ونفّذ. لا نستثني ولا نُبرئ منهم أحدا، ليلاحقهم عارهم حتى بعد موتهم لينطبق عليهم أيضاً قولاً آخر للشهيد غسان كنفاني؛ “حين تخون الوطن لن تجد تراباً يحنّ عليك يوم موتك ستشعر بالبرد حتى وأنت ميت”.

سأختم بتساؤل استنكاري، سمعته من أحمد البيقاوي، في تدوينة له حول ملابسات اغتيال الرفيق عمر النايف وتبعات العملية؛

“هل رح نظلنا نقول من قتل عمر النايف… زي ما إلنا سنين بنقول من قتل ناجي العلي؟!”

وسام الخطيب

10:40 – 21 مارس, 2016

مقالات ذات صلة