المقالات

ماذا يدور من نقاش في الرياض بعد قرار بايدن انهاء حرب اليمن ؟

سيناريوهات للاتصالات السرية لاجراء حوارات بين دول المنطقة

– كيف تتعامل قطر مع المستجدات الاميركية وفضيحة التجسس الاماراتية عبر محللين سابقين في الأمن القومي الاميركي ؟

– سيناريوهات للاتصالات السرية لاجراء حوارات بين دول المنطقة .

بسام ابو شريف

كما تبدأ كل العواصف ، وتنمو ، وتتصاعد تدور النقاشات في صالونات الجزيرة ، والخليج السياسية منذ اعلان بايدن الخطوط الاستراتيجية العريضة للسياسة الخارجية الاميركية ، وذهب ليقضي عطلة نهاية الاسبوع في بيته الخاص في بلدته دبلاوير ، اختار بايدن يوم الخميس / الجمعة ليلقي خطابه حتى يختفي في نهاية الاسبوع تحت مظلة اجازته الاسبوعية كي يتابع ، ويراقب بهدوء ردود الفعل على ما أعلنه ، لكنه لم يغادر واشنطن قبل التأكد من بعض الخطوات الهامة ، وأهمها : –

1- الاتفاق مع الدول الاوروبية ” تحديدا المانيا وبريطانيا وفرنسا ” ، على تحرك منسق فيما يتصل بقضيتين مركزيتين الاولى : هي التعامل مع الاتفاق النووي الايراني ، وتمهيد الطريق الأقل خسارة لعودة واشنطن للاتفاق تمهيدا لبدء مفاوضات مع ايران حول اتفاق آخر ، والثانية تمهيد الطريق لوقف الحرب في اليمن عبر حلول تضمن مصالح واشنطن واوروبا في تلك المنطقة الحساسة ، وفي الحالتين – يبرز موضوع الشراكة الاسرائيلية كمعضلة تحتاج الى اختراع حل لها ، وتأكد بايدن ثانيا من أن وزير الخارجية ، ووزرائه سوف يتعاطون اعلاميا مع المسألتين ضمن توجيه واضح لفتح الأبواب ، وليس لاغلاقها .

ايران واليمن قضيتان شكلتا أولوية تحرك بايدن ، وفريقه الحكومي السياسي على الصعيد الخارجي ، وسبق أن كتبنا باسهاب حول الجانب الآخر من هذه السياسة ( أو الوجه الآخر وهو شن الحرب ميدانيا بكافة الوسائل ، والأدوات على فصائل المقاومة ) ، وبالفعل بدأ تحرك قوي يوم الجمعة – السبت ، فأعلنت وزارة الخارجية الاميركية عبر أكثر من وسيلة أن وزير الخارجية انتوني بلينكن سيعلن الغاء تصنيف أنصار الله كتنظيم ارهابي ، وفسرت بعض المصادر المقربة من الخارجية أن السبب يعود للآثار السلبية انسانيا على اليمن من وراء قرار ترامب ، وليس لأسباب سياسية !!! ، والجميع يغلم أن الأمر سياسي ، وان ما طرحه بايدن حول ايجاد حل سياسي لمأساة الحرب في اليمن لا يمكن أن يتم بالتفاوض مع المجهول بل مع من يسيطر على 70 – 80% من اليمن ، ويرتبط بهذا الموقف توجه وفد اوروبي عالي المستوى على متن طائرة خاصة فجر السبت للاجتماع بالحكومة ” عبد ربه منصور هادي” ، لبحث التفاوض لانهاء الحرب في اليمن ” قفزا عن الرياض ” .

وتقديري انه مع عودة بايدن للبيت الأبيض مساء الأحد سيحفل يوم الاثنين باعلانات متعددة حول اليمن ، والاتفاق النووي للتدليل على سرعة تحرك الادارة عمليا ترجمة لما أعلنه بايدن سياسيا في خطابه ، في يوم الاثنين سيكون مجلس الأمن القومي ، وبمشاركة زعماء من الكونغرس قد درسوا كيفية عودة واشنطن للاتفاق النووي اذ تطرح ايران ، محقة ، بأن أي نقاش يجب أن يتم بعد عودة واشنطن للاتفاق ، الذي خرج منه ترامب ، والغاء العقوبات التي فرضها ترامب بعد سحب عضوية الولايات المتحدة من مجموعة 5+1 ، ورغم المحاولات الصبيانية لماكرون لاحداث المزيد من التعقيدات في وجه ايران ( كزيادة عدد المشاركين بضم السعودية واسرائيل ) ، الا أن المسألة بين واشنطن وطهران واضحة ، فلن يتم أي تحرك مالم يتخذ بايدن قرارات تنفيذية : –

1- بالعودة لعضوية 5+1 .

2- الغاء قرارات العقوبات ” وليس جميعها ” ، المفروضة على ايران وأتوقع ان يشمل ذلك الدواء ، واللقاح ، والغذاء ، وبعض اشكالات مصرفية للتدليل على نوايا الادارة الجديدة ، وقد تسمح واشنطن لكوريا الجنوبية الافراج عن سبعة مليارات دولار تحتجزها في بنوكها من أموال ايران .

باختصار سوف يجبر بايدن على اتخاذ اجراءات تحت بند الغاء ما أخطأ فيه ترامب لكي يدلل على عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي ، وستحاول الادارة أن تصل لموافقة على أن هذا يجب أن ينسق توقيتا مع اعلان ايراني بالالتزام الكلي ببنود الاتفاق .

——————————————————————–

هذه تطورات هامة ، وسريعة ويمكن القول انها تمت بتصرف من طرف واحد ، هو قائد التحالف – واشنطن – ، فكيف تلقت الأطراف الحليفة ذلك وماذا تناقش الآن ؟

الرياض

يحكم السعودية ملك ، هو أخبث اخوته الذين سبقوه ، فهو حقود ، ومتآمر ، وخبيث يكفي أن نعلم أن وراء ارسال اسامة بن لادن لافغانستان لتأسيس القاعدة ، ومحاربة الكفار السوفيت يقف سلمان بن عبدالعزيز ، وقد جمع لاسامة في البداية ملياري دولار ، أجبر بعض الأثرياء والمجنسين على دفعها ، سلمان كان مسؤولا عن ملف فلسطين عندما كان اميرا ، وحقده على الفلسطينيين دفعه لتذويقهم الأمرين ، وكم من مرة خرج ياسر عرفات غاضبا لأنه يرفض الاهانة ….. !! .

على كل حال هذا الملك ميكافيللي ، وخطط منذ زمن ، وقبل توليه العرش كي يحول الوراثة في الجزيرة ( وهي تحتاج لموافقة الراعي ، والمعين ، والحامي – أي واشنطن ) ، الى آل سلمان ، وليس آل عبدالعزيز من بعده ، ولذلك كان هاما جدا لديه أن يعترف ترامب بهذا باستقباله محمد بن سلمان بصفته بديلا عن الملك سلمان ، وكان ترامب قد رفض في البداية استقبال محمد بن سلمان ، اذ جاء سفير واشنطن في الرياض ليبلغ أن ترامب لن يستقبل محمد بن سلمان ، وحسب ما نقل أرسل سلمان طائرته لعدنان خاشوقجي ، الذي كان مريضا ، ومقيما في القاهرة ” بعد أن أفلسه أبناء العائلة الحاكمة ” ، وأرسله لواشنطن كي يرتب الأمور وتم ذلك ، ومن المعروف أن لعدنان علاقة وثيقة سابقة مع اديلسون عراب ترامب ، وهكذا استقبل ترامب محمد بن سلمان ، وكان على وجهه علامات عدم الرضا لكنه بش عندما وقع محمد بن سلمان على عقود بتريليون دولار ، اشترى سلمان العرش لآل سلمان بتريليون دولار من أموال السعودية .

كيف يفكر سلمان الآن ؟

لا أشك لحظة بأن سلمان ، وابنه محمد صدما من اعلان بايدن على الرغم من شعورهما بالخشية من أن اتفاقهما مع كوشنر ” نيابة عن ترامب ” ، والمتصل بآل سلمان قد يتهدده خطر بمجيء بايدن ، وازداد شعورهما بالفزع على مراحل كان أعلاها عند تلويح ادارة بايدن تقديم التقرير الاستخاراتي السري حول اغتيال خاشوقجي للكونغرس ، وهما يعلمان كما كان يعلم ترامب ماذا يحتوي هذا التقرير من ادانة لمحمد بن سلمان ، أي أن التلويح هو ان الادارة الجديدة لن تستقبل محمد بن سلمان ، وهذا يعني البحث عن ملك بديل لمحمد بن سلمان ، وهذا يضرب طموح سلمان لتكريس آل سلمان .

أما اعلان بايدن بوقف أي مساعدة عسكرية للسعودية ، والامارات تستخدم في اليمن ( سلاح لوجستي ومشورة وتكنولوجيا ) ، فقد أثار فزعا من حيث حسابات الميدان في حال استمرت الحرب ، وأسرع سلمان باعلان الاستعداد للتعاون المستمر مع واشنطن ، والتنسيق معها في ضرب الارهاب ، وكأنما يذكر بايدن بأن ترامب صنف المعركة الاجرامية ، واحتلال أراضي اليمن كملاحقة للارهاب ، واستنجد ابن سلمان ببعض ضباط في البنتاغون الذين سارعوا لتأكيد التعاون ، واستمراره ، ودشنوا الكلام بغارات على محيط مأرب ، وهي مواقع لأنصار الله ، وأثار هذا استياء في الخارجية الاميركية ، التي كانت تهيء لاعلان الغاء صفة الارهاب عن أنصار الله يوم الاثنين مع عودة الرئيس بايدن من عطلة نهاية الاسبوع ، واضطرها ذلك لتسريب الخبر حول نية وزير الخارجية اعلانه لأسباب تتعلق بالعواقب ، والمآسي الانسانية المترتبة على هذا القرار ، وفهم سلمان أن الأمر أكثر من جدي ، وأن واشنطن ستدخل على موضوع اليمن من خلال الفريقين اليمنيين ، وليس من خلال الرياض وابوظبي ، وانه مطلوب منه أن ” يضبضب عسكره ” ، سلمان يعرف أن واشنطن تريد أن تحل الأزمة مع ايران بطريقة سياسية ، وهذا يعني أن كل ما تكلفته العائلة السعودية في زمن ترامب ذهب هباء ، وان الحلف الذي كان يسعى لاقامته ترامب لم يعد مؤكدا ، أو لم تعد أهدافه مؤكدة ، ولذلك أعتقد أن سلمان سيتبع بخبث اسلوبا جديدا لمواجهة التغييرات في البيت الأبيض ، فمن ناحية سوف ينظر هو الى ايران ، ولايدع واشنطن تستفيد من كونها ممثلا شرعيا وحيدا للسعودية وان النظر الى طهران سوف يعني أن ينظر الخليج الى طهران ، أي فتح باب للحوار بين دول المنطقة ، وهو ما عرضته ايران منذ زمن ، وسوف يطلب من قطر التي عاداها دهرا بسبب علاقاتها مع طهران سيطلب منها فتح الابواب ، وترتيب الجلسات الحوارية ” وقد تكون بدأت يوم أمس الجمعة ” ، ولن يكتفي بذلك لأنه لايضع ” البيض في سلة واحدة ” ، بل هو من النوع الذي لايتردد بارسال من يطرق باب “دمشق ” ، التي طال تآمره عليها ليطلب فتح صفحة جديدة تماما كما فعل عندما شطب ملف قطر من مجلس التعاون ، وكل القضايا المثارة وعادت العلاقات طبيعية بجرة قلم .

سوريا هي المدخل الأوسع على ايران لقد كان حافظ الاسد ، هو أول من فتح هذا الباب ، والآن يمكن أن يعيد فتحه بشار ، الملك سلمان يفتح الأبواب طلبا لعلاقة مع دمشق بهدف فتح أبواب على طهران ، وقد يؤثر ذلك على قطر ، التي قدم لها عربون النية الحسنة بالطلب من السيسي الافراج عن مدير مكتب الجزيرة محمود حسين ، الذي قضى في السجن دون محاكمة اربع سنوات وقد تم الافراج عنه الجمعة ، وسيطلب من سوريا ترتيب لقاءات تبدأ سرية وتتحول الى علنية ، وقد يكون المكان قطر، وكذلك سيشارك القطريون في الترتيب ، وأعتقد أن هذا سيعكس نفسه نسبيا على الوضع في سوريا ، ولقطر دور كبير بسبب علاقتها ، وتمويلها لتركيا ، وعصاباتها المسلحة في سوريا .

المنطقة حبلى بسلسلة تغييرات مترابطة كمسلسل المتفجرات المرتبطة بحبل واحد في الوقت ذاته ستتعارض المصالح نسبيا بين واشنطن ، والرياض دون أن تتمكن واشنطن من الاعتراض على تحرك السعودية ، وقد يساعد هذا التحرك المقصود به الانتقام من واشنطن ايران على تحقيق مكاسب أكبر من خلال صمودها ، وموقفها الحازم ، يبقى أن نأخذ بالاعتبار عاملا هاما ، وخطيرا ، وهو اسرائيل التي تشعر بأن القطار يكاد يسبقها ، وأن كل أحلامها مهددة بالانهيار ، فكيف ستتصرف ؟

هذا العامل قد يجعل الأمور أشد تعقيدا ، وأبعد بكثير عن هدف استقرار المنطقة ، لكنني أعتقد أن ما حاولت اسرائيل أن تهضمه عبر ” اللقمة الضخمة ” ، أصابها بسوء هضم لاعلاج له ، وان نظام الأبارتايد بدأ بالسقوط ، وليكن قرار محكمة الجنايات الدولية بداية انهيار العنصرية الفاشية الدموية الاسرائيلية!!!؟ .

مقالات ذات صلة