
مجزرة مخيم عين الحلوة – كتب نضال حمد مدير موقع الصفصاف
مجزرة مخيم عين الحلوة – كتب نضال حمد مدير موقع الصفصاف – وقفة عز:
ارتكبت طائرات جيش الاحتلال “الإسرائيلي” مجزرة مروعة في ملعب كرة قدم بمخيم عين الحلوة جنوب لبنان. ففي يوم الثلاثاء الموافق 18 نوفمبر ٢٠٢٥، استهدف طيران العدو ملعباً رياضياً مفتوحاً في حارة ضيقة، تعج بالسكان المدنيين، يرتاده الفتيان من أبناء المخيم، وهو معروف لعموم أهالي مخيم عين الحلوة. للعلم فإن كل الذين قُتلوا وجُرحوا في العدوان الغاشم هم مجموعة من الفتية كانوا متواجدين في الملعب لحظة الاستهداف. وليس كما إدعت “اسرائيل” انهم مقاتلين يتدربون على مهاجمة جيشها. شخصياً علمتُ أن من بين القتلى أقرباء لي، صبيّين لم يبلغا الثامنة عشرة من عمرهما، سأتحدث عن واحد منهما وهو محمد عامر خليل، بحكم معرفتي به منذ ولادته. الصبيان كانا يلعبان كرة القدم في الملعب المذكور الذي يقع في طرف آخر من المخيم، إذ إن منزليهما يبعدان قليلاً عن المنطقة المستهدفة. الفتى محمد عامر خليل، الذي قتلته غارة معادية وهو في سن السابعة عشرة، هو ابن صديقي الحميم المرحوم عامر خليل، رفيق الطفولة والصبا والنضال والحارة والمدرسة. كان محمد في طفولته شديد التعلق بوالده عامر، وكان يرافقه في كافة تحركاته وزياراته ولقاءاته مع الأقارب والأصدقاء والجيران. عندما كنتُ أزور أهلي وعائلتي ووالدي في مخيم عين الحلوة، كنت أرى الطفل محمد كل يوم لأن منزل عائلته ملاصق لمنزل عائلتي، ونحن أقرباء. وبسبب صداقة العمر التي ربطتني بوالده، فقد كنا نلتقي كل يوم تقريباً، وكان محمد يأتي مع والده ليستمع إلى أحاديثنا. كان فتىً هادئاً ومرحاً، قليل الكلام ولم أجده ولو مرة واحدة مُزعجاً. كان يحب الاستماع إلى ما كنا نتذكره عن طفولتنا في نفس البيت ونفس الحارة؛ فأنا ووالده وبعض الأصدقاء ولدنا وكبرنا هناك في نفس مكان ولادته. كان محمد يحب الاستماع إلى حكايات الكفاح وذكريات الحروب والمعارك. أحبَّ أن يسمع مني كيف أصبتُ في معركة الدفاع عن اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا سنة 1982، وكيف استطعتُ بعد عودتي من الإصابة التغلب على العامل النفسي قبل الجسدي. كنت أحدثه عن كل ذلك، وكان يستمع بانتباه شديد ويخزن كل شيء في ذاكرته. ذات يوم قبل سنوات صُدم الطفل محمد بوفاة والده عامر في حادث مأساوي بمخيم عين الحلوة، إذ صعقه سلك كهربائي أثناء قيامه بعمله في أحد الأماكن داخل المخيم. تجدر الإشارة إلى أن الأسلاك الكهربائية العشوائية المنتشرة في المخيمات، ومنها مخيم عين الحلوة (مخيمي)، تسببت في مقتل المئات من سكان المخيمات الفلسطينية في لبنان خلال السنوات الثلاثين الأخيرة. هذا الموضوع الشديد الأهمية عملت عليه فنياً منذ نحو عشر سنوات الفنانة البولندية دومينيكا روجانسكا في مدينة كراكوف وهي صديقة كبيرة لشعب فلسطين وقضيته العادلة. كما ولها عشرات اللوحات التي تجسد مأساة المخيمات وسكانها مع الأسلاك الكهربائية. أحزنني جداً أمس خبر قصف ملعب الكرة في المخيم، لأنه لا يوجد في المخيم سوى ملعبين للكرة كانا المتنفسين الوحيدين لسكان المخيم المحاط بجدار عازل والمحروم من كل شيء تقريباً. فالحياة داخل المخيم صعبة جداً وشديدة التعقيد. الكيان “الإسرائيلي” العدواني المسنود أمريكياً والمدعوم غربياً لا يشعر بالخوف أو الخشية من العقاب، لذا نراه يرتكب المجازر يومياً في فلسطين المحتلة وفي لبنان ومخيماته للاجئين الفلسطينيين كذلك، ويعتدي على سوريا بشكل يومي. بدوره اعتاد النظام الرسمي الغربي المتأمرك وربما المتصهين ملاحقة واعتقال وتدمير بلاد المتهمين بارتكاب جرائم حرب أو بالدكتاتورية وبالذات المعارضين للسياستين الأمريكية والsahيونية، باستثناء المتهمين “الإسرائيليين”، بارتكاب جرائم حرب، مثل نتنياهو وغيره من مجرمي الحرب “الاسرائيليين”، فلا أحد يدعو لمحاسبتهم ولا أحد يذكّر بضرورة اعتقالهم، لأنه كما يظهر من تصرفات الغرب أنه يُسمح لمجرمي الحرب “الاسرائيليين” بما لا يُسمح لغيرهم من مجرمي الحرب الآخرين. نضال حمد موقع الصفصاف- وقفة عز 20 نوفمبر 2025


