اخبار الوطن العربي

التقرير السنوي الاستراتيجي الإسرائيلي:الخطر الإيراني.. حماس وحزب الله يواصلان تعاظمهما

التقرير السنوي الاستراتيجي الإسرائيلي:الخطر الإيراني.. حماس وحزب الله يواصلان تعاظمهما

الناصرة – زهير اندراوس: اصدر معهد ابحاث الامن القومي الإسرائيلي التقرير السنوي الاستراتيجي لإسرائيل للعام الجاري، جاء فيه ان التقدير الشامل للتطورات والمستجدات التي سُجلت العام الماضي في منطقة الشرق الاوسط، من وجهة النظر الإسرائيلية، يؤكد على وجود تقييم متشابك، ولكن مع ذلك فان التقديرات بحصول حرب لم تتحقق، والاحداث التي عصفت وما زالت تعصف بالمنطقة تفتح الباب على مصراعيه لتحسين الوضع الاستراتيجي الإسرائيلي.

وبحسب التقرير، الذي نشره المركز على موقعه الالكتروني فان التحدي الاكبر والاخطر الذي يُواجه الدولة العبرية يتمثل في تتويج ايران كراس الحربة في معاداة إسرائيل في المنطقة، ذلك انه بالتوازي مع تقدمها في برنامجها النووي، الذي سيمنحها التاثير الكبير على الاجندات في منطقة الخليج، والسيطرة على مصادر الطاقة، وحتى ايضا التأثير على انظمة الحكم، تُواصل طهران قيادة المعسكر المعادي جدا لإسرائيل.

وتابع التقرير قائلا انه على الرغم من الحصار الاقتصادي المفروض على ايران من قبل الغرب، فان هذه الدولة تؤكد مرة تلو الاخرى انها قادرة على استيعاب هذه العقوبات وصد الضغوط الدولية التي تُمارس عليها لوقف برنامجها النووي، ولفت معدو التقرير الى ان العجز في مواجهة ايران يُشكل تاكيدا على القيود في الامكانيات التي تُميز المجتمع الدولي في محاولاته لوقف التصعيد في الشرق الاوسط، وتحديدًا يؤكد ذلك على تراجع قوة ونفوذ الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة، والتأثير على مجريات الاحداث، علاوة على ذلك، اشار التقدير الاستراتيجي، الى ان امتلاك ايران للسلاح النووي سيفتح المجال امام سباق تسلح بين الدول الاخرى، الامر الذي سيدفع بمنطقة الشرق الاوسط الى حالة من الزعزعة وعدم الاستقرار.

ويُطلق التقرير على ما يُسمى بالربيع العربي الذي بدا في الوطن العربي قبل حوالي السنتين لقب موجة الارتجاجات الاجتماعية والسياسية، والذي اكد على تدخل المواطن العادي في الدول العربية في تغيير الامور واسقاط الحكام المستبدين، ومن الناحية الاخرى فان هذه الموجة وضعت القوى الاسلامية المتشددة جدًا في الصدارة، وهذا التطور، برأي مركز ابحاث الامن القومي، المرتبط بالمؤسستين الامنية والسياسية في تل ابيب، صعدت حالة التوتر بين الدولة العبرية وبين قوى في الاقليم، ان كان ذلك من الدول اوْ من الجماعات المسلحة، التي رات في إسرائيل جريرة للغرب، وانها تحتل الاراضي الفلسطينية، ومع ذلك فان هذه الامور مجتمعة لم تخلق تحديات جديدة امام إسرائيل، انما ادت الى تاجيج التحديات العسكرية امامها وبالقرب منها جغرافيًا، علاوة على ذلك، اشار التقدير الى ان التحدي الإسرائيلي الكبير هو محاولتها لصد محاولات نزع الشرعية عنها في الحلبة الدولية، مشددًا على ان نزع الشرعية عن إسرائيل اتخذ منحى خطيرًا جدًا وعلى صناع القرار في تل ابيب التشديد على معالجته باسرع وقت ممكن قبل فوات الاوان.

بالاضافة الى ذلك، تناول التقدير الاستراتيجي الضغط المباشر الذي تتعرض له الدولة العبرية لكي تُباشر بالمفاوضات مع الجانب الفلسطيني، لافتًا الى ان الهدوء الدبلوماسي في هذا السياق يؤكد على عدم الثقة بانه من الممكن التوصل الى حل سلمي للقضية الفلسطينية، هذا الشعور، بالاضافة الى موجة الانتقادات العالمية ضد إسرائيل وتحميلها مسؤولية الجمود في العملية السلمية، كانا السببان اللذان اديا الى تحقيق السلطة الفلسطينية الانجاز الكبير في الامم المتحدة، قبول فلسطيني كدولة غير عضو في المنظمة الاممية، والابعد من ذلك، اكد التقرير، على ان الاعتراف الاممي بفلسطين يعني انه بالامكان اقامة دولة فلسطينية دون الحصول على موافقة من إسرائيل. بالمقابل، اضاف التقدير، تستمر حركة حماس في تسليح نفسها وبسط سيطرتها الكاملة على قطاع غزة، الامر الذي عزز مكانتها في القطاع ومنحها الفرصة والامكانية لفتح حرب مع إسرائيل، كما ان حماس باتت القوة الاولى في الشارع الفلسطيني من الناحية السياسية.

اما في ما يتعلق بالتحدي العسكري الذي تضعه حماس امام الدولة العبرية، فقال مركز ابحاث الامن القومي، انه من غير المستبعد انْ تقوم حركة حماس بجر مصر الى مواجهة عسكرية مع إسرائيل، مشيرًا الى انه في حقيقة الامر النظام المصري الجديد ليس معنيًا بالمرة بالغاء اتفاق السلام (كامب ديفيد)، كما ان لنظام الرئيس محمد مرسي مصلحة في التقليل من قوة وتاثير حركة حماس، وهو في هذا الخط يلتقي مع إسرائيل، ولكن من شان مواجهة عسكرية جديدة بين حماس وإسرائيل انْ تؤدي الى تردي العلاقات بين تل ابيب والقاهرة الباردة اكثر مما هي عليه اليوم.

وبالنسبة لحزب الله اللبناني، قال التقدير الاستراتيجي الإسرائيلي، ان تعاظم قوة الحزب العسكرية في تواصل واستمرار بدون توقف، واذا اخذنا بعين الاعتبار هذا المعطى بالاضافة الى الحرب الاهلية الدائرة في سورية منذ حوالي السنتين، وسيطرة قوى اسلامية متشددة ومتطرفة على مناطق معينة في بلاد الشام، يُنذر بتشكل جبهة اسلامية جديدة معادية جدًا للدولة العبرية في الشمال، يكون حزب الله فيها احد اللاعبين الرئيسيين، وهذه الجبهة اوْ الحف الجديد تضع تل ابيب امام تحد سياسي وعسكري على حدٍ سواء، هذا بالاضافة الى ان العراق تحول الى معقل للقوى الاسلامية الراديكالية جدًا، علاوة على ذلك، لا يستبعد التقدير بتاتًا تحول النظام المركزي في المملكة الهاشمية الى نظام ضعيف جدًا بسبب الاحتجاجات الشعبية التي اخذة بالتوسع في هذه الفترة بالذات.

ولفت التقدير الى ان التهديد المباشر على إسرائيل ليس من اسلحة الدمار الشامل، ولكن من غير المستبعد بالمرة انْ تقوم تنظيمات اسلامية متشددة، بما في ذلك حزب الله، بامطار إسرائيل بصواريخ تملكها وبكثرة، وهذا الامر بات خطيرا جدا لان معالجة مشكلة الصواريخ من قبل الجيش الإسرائيلي سيؤدي الى تنازلات دبلوماسية من قبل تل ابيب، وذلك بسبب خشيتها من الرد على الصواريخ وقتل المدنيين، الامر الذي سيؤجج الضغوطات والادانات ضد الدولة العبرية.

كما اشار التقدير الى ان الجمود في ما يُسمى بالعملية السلمية يمنع من إسرائيل الانضمام الى المحور الاقليمي مع تركيا والسعودية والاردن ومصر، هذا المحور الذي يُشكل محفزًا للاتحاد الاوروبي وامريكا لوقف برنامج ايران النووي، ولكن بالمقابل خلص التقرير الى القول ان اي محاولة من قبل الحكومة الإسرائيلية الجديدة لتخفيف الضغوطات الخارجية عليها لتحريك العملية السلمية مع الفلسطينيين، ستُواجه بمعارضة شعبية واسعة لدى الجمهور الإسرائيلي، وبالتالي فان الحكومة مُلزمة بايجاد التوازن بين الضغوطات الخارجية والضغوطات الداخلية، كما قال التقدير.

القدس العربي، لندن، 8/2/2013

مقالات ذات صلة