المقالات

فتنة الذبح من حدود طهران الى عرسال

فتنة الذبح من حدود طهران الى عرسال

عماد العيسى

فتن متعددة تجتاح المنطقة العربية والاسلامية وتحديدآ بعد نجاح الثورة الاسلامية الايرانية ويعمل عليها بكل الوسائل دون كلل او ملل والمستفيد الاول من هذه الفتن ( دولة الكيان الصهيوني ) , وفي طبيعة الحال فأن الخاسر الأول لهذه الفتنه هم المسلمين عبر اسقاع الأرض , والكارثة الاكبر فهي ضلوع بعض من يحملون لواء الاسلام بشكل مباشر او غير مباشر وذلك من خلال توفير المال الوفير او توفير كل الامور اللوجستيه , بالعودة الى بداية ذلك المشروع فانني اعتقد ان نجاح الثورة الاسلامية الايرانية كان السبب المباشر الذي ادى الى اخراج ملفات الفتنة من الادراج الامريكية الاسرائيلية والاسباب عديدة , فمنها الخوف من تمدد فكر الثورة الاسلامية الايرانية الى باقي دول العالم الاسلامي مما يهدد بقاء كيان العدو الاسرائيلي بشكل مباشر , وكما نعلم جميعآ فأن هذا من الخطوط الحمراء على الصعيد الدولي والاشارات التي صدرت من طهران بعد الثورة هو الذي ادى الى اتخاذ تلك القرارات الفتنوية , فللتذكير منها : الغاء سفارة العدو الاسرائيلي في طهران وفتح سفارة دولة فلسطين وهنا يجب ان لا ننسى انه وفي ذلك الوقت لم يكن هناك اي سفارة بأسم دولة فلسطين عبر العالم بسبب حجة عدم الاعتراف الدولي بهذه الدولة , اما الجمهورية الاسلامية الايرانية فلم تكترث لتلك القرارات بل اتخذت القرار الذي يتناسب مع عقيدتها وفكرها الاسلامي , اضافة الى قطع العلاقات واعلان دولة الكيان الصهيوني ( عدو اول يجب مسحه من الوجود ) اما بخصوص امريكا فالجميع يذكر قضية السفارة الامريكية ورهائنها الشهيرة وقطع العلاقات مع الشيطان الاكبر , وهناك الكثير الكثير بهذا الخصوص بحاجة لحديث آخر .

تشكيل المحاور بعد تلك الثورة اخذ مكانه على الصعيد الدولي وظهر جليآ من خلال الحرب المفتعلة بين العراق وايران والتي دامت لسنوات وراح ضحيتها مئات الآلآف من الطرفين اضافة الى التدمير الاقتصادي والاجتماعي وما شابه والهدف المركزي من تلك الحرب كانت ضرب وانهاء الثورة الايرانية الاسلامية في مهدها او محاصرتها على الاقل , وهنا طافت على الاسطح الدولية تلك المحاور ومنها المحور المقاوم والذي تمثل بالجمهورية الاسلامية الايرانية والجمهورية العربية السورية والعامود الفقري لذلك المحور ( المقاومة الاسلامية في لبنان , والمقاومة الفلسطينية في فلسطين ) والقصد هنا من العامود الفقري لأن هاتان المقاومتان هما رأس الحربة ضد العدو الاسرائيلي , اما المحور الثاني فكما هو معلوم مؤلف من امريكا واوروبا ودول الخليج اضافة الى الكيان الأسرائيلي بشكل مبطن وللمفارقة فأن المحور المعادي للمقاومة لم يشهد تغيرات وتحالفات جديدة تذكر , اما محور المقاومة فشهد تحالفات جديدة وتحديدآ من امريكا الجنوبية بسبب صوابية ذلك المحور وعدم الضبابية والقناعات الدينية والفكرية الراسخة في عقول اصحاب ذلك المحور , وهنا وبعد فشل تلك الحرب بتحقيق اهدافها ( الحرب العراقية الايرانية ) , بسبب صمود محور المقاومة انتهت الفتنة الاولى بعد الثورة , ولكن المحور المعادي للثورة لم ييأس من تلك المحاولات لذلك , افتعلت الخطيئة الكبرى للرئيس العراقي الراحل صدام حسين فأجتاح الكويت تنفيذآ لأوامر ذلك المحور وعلى ما يبدو فأن الرئيس العراقي لم يعرف حقيقة انه عبارة عن اداة ليس الا , والهدف ايضآ الجمهورية الاسلامية الأيرانية ومحورها المقاوم ودخول الجيش الامريكي بشكل مباشر على الارض هذه المرة تحت حجة تحرير الكويت والعراق , وبذلك تكون القوات الامريكية قد استطاعت تطويق ايران من كل الاتجاهات , والعمل بكل الوسائل على اشعال نار الفتنة المذهبية ةتحديدآ بين السنة والشيعة وخاصة ان العراق بيئة خصبة لذلك المشروع فتم استقدام الجيل الثاني من القاعدة , وبدأت فتنة الذبح وقطع الروؤس المتبادلة بين المذهبين وظاهرة الانتحاريين بشكل غير مسبوق عبر التاريخ والعمل الاساسي لأشعال تلك الفتنه كانت القوات الامريكية والاوروبية المتواجدة على الارض ولكن ورغم ذلك استطاع ذلك المحور المقاوم الصمود قدر المستطاع ضد تلك الفتنة المذهبية المقيتة , بعد ذلك استكمل مشروع ضرب المقاومة فكانت حرب تموز 2006 والتي اذهلت الصديق قبل العدو وكانت بداية التغيير الجذري في العالم عندما تم تحطيم اسطورة الجيش الذي لا يقهر واثبتت المقاومة ان هذا الكيان هو أوهن من بيت العنكبوت

وهنا ازداد مشروع الفتنة كالنار في الهشيم امتدادآ في الوطن العربي ولكن وقبل ذلك , كانت محاولة اخرى لتحجيم محور المقاومة من خلال ضرب الجزء الفلسطيني من خلال الحرب التي شنت على قطاع غزة محاولة منهم لضرب جزء لا يستهان به في محور المقاومة … وبالمناسبة فأن النصر اللبناني في حرب تموز والصمود الفلسطيني في حرب غزة 2008 وبعدها عام 2012 ادت الى ان بفقد المحور المعادي صوابه بكل ما تعنيه الكلمة لانه وصل الى قناعة ان محور المقاومة فعلا سيفعلها بكل ما تعنيه الكلمة من معنى الا وهو , ( اقتلاع تلك الغدة السرطانية المسماة اسرائيل ) . فكان لا بد من فعل شيئ اكبر مما كان متوقع على المستوى الدولي فكانت فتم الاعلان عن الجيل الثالث للقاعدة من خلال جبهة النصرة واخواتها , وبعد ذلك داعش والغبراء والتي اوجدت من اجل المصلحة الصهيوامريكي وتعمل باجندتها . مع الاشارة الى ان كل هذه الفصائل هي من الجيل الثالث للقاعدة .

في هذه المرحلة حان الوقت من اجل التحول الى الجزء الاخطر والاكبر والاقوى وهو الملف السوري , ففي هذه المرة تم تجميع قوى امريكية اوروبية عربية وتحديدا خليجية وطبعآ دعم اسرائيلي منقطع النظير لضرب وتدمير سوريا الوطن سوريا الارض سوريا الكرامة والهدف المركزي هو نفس الهدف القديم الجديد ( ضرب محور المقاومة ) وهذه المرة من القلب لعدة اسباب منها : ان سوريا هي الخلفية الصلبة للمقاومة في لبنان تحديدآ وفي فلسطين ايضآ وهي الداعم المركزي لهاتين المقاومتين بحكم الترابط الجغرافي , ومنها ايضآ ان سوريا تحملت ضغوطآ كبيرة من العالم من اجل طرد او بالاحرى نفي القيادات الفلسطينية المتواجدة في سوريا منذ عهد الرئيس الراحل حافظ الاسد واستمرت ولو بشكل اوسع واكبر في العهد الحالي عهد الرئيس بشار الاسد , ولم تخضع لتلك الضغوط , وهنا كان القرار الغربي العربي المشترك الاخطر على الاطلاق وهو انشاء ما يسمى داعش والغبراء وفي الحقيقة هي الجيل الثالث من القاعدة , وهناك عدة سيناريوهات رسمت منها ان تقوم بما يطلق عليها داعش باحتلال الجزء الاكبر من المنطقة المحاذية للحدود العراقية السورية والتركية ايضا , لذلك تم احتلال محافظة الرقة والتوسع باتجاه الحدود العراقية السورية مرورآ بدير الزور والبو كمال والوصول الى العراق وتحديدآ المنطقة الواصلة جغرافيآ بين ايران وسوريا وهي منطقة الموصل وما يصل ما بين ايران وسوريا عبر الاراضي العراقية والهدف المركزي والواضح هو قطع التواصل الجغرافي بين لبنان وايران مرورآ بسوريا , وفعلا نجحت هذه الخطة حتى الان وبشكل مبدئي رغم اننا الان نشهد رد ايراني ممنهج على الارض من خلال القوات العراقية التي اعادت تشكيل القوات وعادت للهجوم من اجل تحرير ما تم احتلاله من قبل دولة داعش والغبراء , ومن هنا كان لا بد للمحور الصهيوامريكي

من ايجاد بديل فوري خوفآ من اعادة السيطرةالكاملة للقوات العراقية المدعومة ايرانيآ فأقنعوا العالم بأنهم ضد ما يسمى دولة داعش وارهابها وتم تأسيس التحالف الدولي لمحاربة الارهاب والهدف الاساس كما قلنا هو عدم ترك المحور الجغرافي الواصل بين ايران وسوريا من خلال السيطرة العسكرية لذلك التحالف بمعنى آخر احتلال جديد للقوى الاستكبارية للمنطقة الجغرافية المعنية , وهنا السؤال ( كيف يمكن لهذا التحالف ان يكون ضد دولة داعش في العراق , ويكون مع دولة داعش في سوريا ؟؟؟؟؟ ) , وهنا يجب ان ننتظر لنرى كيف سيكون الوضع على الارض رغم انني اعتقد جازمآ ان النهاية لن تكون لجانب محور امريكا واخواتها , بل لمحور المقاومة .

وهنا يجب ان لا ننسى بأي شكل من الاشكال ما فعله ابطال ومجاهدي غزة هاشم رغم القلة في العدد والعديد , استطاعوا ان يصمدوا وينتصروا على العدو الاسرائيلي ومن خلفه من محور امريكي غربي وعربي ايضآ , وهذا درس لذلك المحور الذي ما زال يحاول ويحاول ولكن دون جدوى تذكر الا القليل على الصعيد العام .

نصل الى الفتنة الاخرى لذلك المحور الذي بدأ بتحريكها وهي الجبهة اللبنانية السورية , واقصد هنا الحدود من الناحية الجغرافية وفيها نفس الهدف الذي جرى العمل عليه في العراق وهو محاولة قطع التواصل الجغرافي بين لبنان وسوريا في مناطق محدودة ولكن يستفيد ذلك المحور الصهيوامريكي من ابقاء تلك الجبهة ساخنة ومستعدة للعمل في الوقت الذي تراه الادارةالامريكة مناسبآ اضافة الى اشغال حزب الله ان استطاعوا وبذلك تكون دولة الكيان براحة تامة , وهنا تدور تلك الحرب ان صح التعبير بين اخذ ورد وكر وفر , وهنا تكمن الخطورة الكبرى بسبب الوضع المذهبي والطائفي في لبنان الهش والذي لا يحتمل كثيرآ وخاصة بعد ان تعاطت داعش والغبراء بفتنة الذبح وقطع الروؤس الممنهج وهذا من اخطر ما نشهده على صعيد هذه الفتنة وتحديدآ في لبنان, مع الاشارة الى ان هناك من عمل على ايقاظ هذه الفتنة المذهبية وتحديدآ منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14-3-2005 وما زال الشحن المذهبي يستعر بشكل يومي بل اكثر كل دقيقة بل اكثر كل ثانية والقيميين على هذا الشحن هم في حرص شديد على عدم اهدار اي ثانية بهذا الخصوص ولا نستطيع التذكير بكل هذه الفتن من طرابلس ومشاكلها المفتعلة الى البقاع وما جرى ويجري فيه الى صيدا وفتنه احمد الاسير وعكار ليست ببعيد , اما ما جرى ويجري في هذه الايام في منطقة عرسال فهو الاخطر على الاطلاق وخاصة ان فتنة الذبح هذه المرة الاولى التي تطبق في لبنان وتحديدآ ضد الجيش اللبناني والسبب الاخطر في الموضوع ان المؤسسة العسكرية هي المؤسسة الوحيدة في لبنان حتى اليوم بعيدة عن الانقسام الطائفي وهنا مربط الفرس , فأعتقد ان استهداف هذه المؤسسة عن سابق اصرار وترصد لم يأتي من فراغ , والحل في هذا الجزء من الفتنة

يستوجب توحيد ورص الصفوف اكثر واكثر في لبنان على كل المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية , وهنا ايضآ مشكلة بسبب الانقسام اللبناني كسائر القوى في العالم بين محمور مقاومة ومحور الاستسلام الصهيوامريكي , لذلك اعتقد ان الوضع في لبنان من خلال فتنة الذبح في عرسال مرتبطة ارتباط كامل بفتنة الذبح على الحدود مع طهران مرورآ بسوريا بشكل اساسي , ولا يوجد حل الا بأنتصار محور على الآخر ومن الواضح ان كفة محور المقاومة هي الارجح في الميزان الدولي لعدة اسباب من اهمها ان هذا المحور هو صاحب الحق ( وصاحب الحق سلطان ) .

عماد العيسى

مقالات ذات صلة