المقالات

ثبوتية المبدأ عند الانسان

ثبوتية المبدأ عند الانسان

طه دخل الله عبد الرحمن

ان الثبات على المبدأ في مواجهة الضغوط والصعوبات المختلفة هو الشعار الذي ينبغي أن يتحلى به الإنسان المؤمن في هذه الحياة. فالإنسان بطبعه يرتاح لرضى الآخرين عنه ، فمتى ما عاش في محيط اجتماعي راض عنه كان ذلك سببا لراحته النفسية. ان من مسلمات الأمور أن على المؤمن أن يترك لدى الآخرين السمعة الحسنة والانطباعات الطيبة عن نفسه ، غير أن الشيء المهم أن لا تكون نظرة الناس لنا هي معيار التقويم للذات ولسلامة المنهج ، وإنما يكون وفقا لمعيار المبادئ ومدى الالتزام بها بالدرجة الأساس ، أما رأي الناس فينا مدحا أو ذما فذلك ما يجب أن يأتي في المرتبة التالية. ينبغي على الإنسان المؤمن أن يقيّم نفسه على أساس المبادئ والقيم.

إن رضا عامة الناس ربما يكون سهل المنال متى ما التزم الفرد بتوجه معين يستهوي هذه العامة. ولكن السؤال الأهم هل هذا الاتجاه يتطابق مع المبادئ والقيم؟. حقيقة الأمر، لا ينبغي للمرء أن يسير على منهج معين لمجرد خطب ود الآخرين، فرضى الآخرين لا ينبغي أن يكون هو الهدف. ان هدف المؤمن هو رضا الله تعالى ، وأن يكون ملتزما بهذا المبدأ. ان من المفهوم أن الانسان المؤمن ومن خلال سلوكه الحسن مع الآخرين يسعى لجذب رضاهم ، ولكسب السمعة الحسنة بينهم ، بالالتزام بحسن القول وطيب السيرة وسلامة السلوك ، وليس بالتنازل عن مبادئه. المبادئ والقيم العليا ينبغي أن تبقى بعيدة عن الشك لمجرد عدم قناعة الآخرين بها.

إن التمسك بالمبادئ العليا التي يؤمن الإنسان بها عن قناعة وعلم حجة على المرء فلا يقبل منه بأي حال التنازل عن ما اكتشفه وتبين له. هذا يذكرنا بعالم الفلك الايطالي الشهير (غاليلو) الذي توصل إلى حقيقة أن كوكب الأرض ليس إلا جرم سماوي متحرك ولا يمثل مركز الكون كما كان الاعتقاد السائد في الأوساط الدينية الكنسية في تلك الآونة ، لكن (غاليلو) مع ذلك لم يتنازل عن تلك الحقيقة العلمية التي توصل لها رغما عن الكنيسة والحكومة والرأي العام الذي كان بالضد منه تماما. جاء عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه قال في وصيته لجابر بن يزيد الجعفي : “إن مدحت فلا تفرح ، وإن ذممت فلا تجزع ، وفكر فيما قيل فيك، فإن عرفت من نفسك ما قيل فيك فسقوطك من عين الله عز وجل أعظم عليك مصيبة مما خفت من سقوطك من أعين الناس ، وإن كنت على خلاف ما قيل فيك فثواب اكتسبته من غير أن تتعب بدنك”.

ومقتضى قول الإمام أنه إذا لامك الناس وكان الحق معك فذلك ثواب لك ، تلك هي سيرة الأولياء والصالحين حينما يسمعون كلامًا سيئا بغير حق، فإنما يقولون هذا ثواب بالمجان حصلنا عليه.

فنحن في مجتمع يتعرض لأحداث غير متوقعه ونجبر على التصرف معها بعقلانية كي لا نضطر لخسارة ما لدينا. فيجب أن يكون لدينا مبدأ في هذه الحياة لكي نحسن التعامل مع الظروف التي تواجهنا.

فكم من شخص لا يحكمه أي مبدأ يسير عليه في أمور دنياه ، وقد يكون بعضهم مبدؤه خاطئاً وإن بقي على المبدأ الخاطئ فلن يجني أية فائدة تعود عليه بالمنفعة ولن يحقق الهدف الذي وضعه نصب عينه. فالمبدأ يعتبر وسيلة لتحقيق ما تطمح إليه.

ويجب علينا أن نتمعن جيدا بما يحدث من حولنا من أحداث ومواقف طارئة وربما تكون سيئة في بعض الأحيان ، وهنا لابد أن نتعامل معها بحسب ما اعتدنا عليه وما يفرضه علينا “مبدؤنا الصحيح” وليس بحسب ما يريده الآخرون ، اجعل مبادئك الصائبة هي التي تحكمك وتقودك نحو القرار الصائب ولا تكن من أصحاب “عامل كما تعامل” بل يجب أن تنتهج مبدأ “عامل كما تحب أن تعامل”.

وبالحديث عن المبادئ ، فهناك مبادئ كثيرة ويجب أن نتقن تطبيقها على أرض الواقع ، فهي ليست مجرد أقول أو حكم نتباهى أمام الجميع فقط ، فلا بد أن يرى الآخرين مبدئك في تعاملك وتصرفاتك. التفت إلى أصدقائك واسألهم عن مبادئهم وانظر ان كانوا يطبقونها في أمور حياتهم أم لا؟

فهناك مبادئ أعجبتني من أصحابها حين أخبروني بها، وعلى سبيل المثال (رضا الناس غاية لا تدرك ، القناعة كنز لا يفنى). والحديث عن مبادئ الآخرين طويل جداً ، ولكن ضع في ذهنك شيئاً واحداً وهو أن يكون مبدؤك يرضي الله عز وجل ويعود عليك بالنفع وتذكر قول الله تعالى : }هل جزاء الإحسان إلا الإحسان{سورة الرحمن الآية 60 فأرجو منك عزيزي القارئ أن تغير مبدأك لمنفعتك ، واسأل نفسك ما مبدئي في الحياة ؟؟؟.

طه دخل الله عبد الرحمن

البعنه == الجليل

مقالات ذات صلة