المقالات

امريكا والارهاب وسوريا

بداية لا بد ان نعترف انه منذ اكثر من ثلاثة عقود وكلمة ارهاب مرتبطة بمعشر المسلمين. لا بل ان بعض وسائل اعلام الغرب اصبحت تستعمل كلمة ارهاب مرادفة لكلمة اسلام. والعداء للمسلمين اصبح في الغرب تجارة رابحة تستطيع من خلالها خوض معارك سياسية وربح انتخابات برلمانية كما كان الامر في بعض دول السوق الاوروبية المشتركة.

السؤال الواجب طرحه في هذا السياق هو ليس ان وجد ارهاب جذوره اسلامية او عدمه؟ فهذه حقيقة لا يمكن انكارها. لكن كيف اتى الارهاب لدين سماوي ميزته الاساسية التسامح وحب الحياة ونشر الخير بين البشر، وهيمن هذا الارهاب على صورة الدين الحقيقية وشوه سمعته؟

قبل البدأ في تتبع جذور الارهاب العالمي المتأسلم وتمحيص موارده علينا ان نعي بان استغلال الدين لاهداف شخصية وسياسية ليس خصوصة اسلاميه بحته. جميع الديانات السماوية لاقت منذ نزولها وما زالت اليوم تلاقي سرائب من اتباعها تفسر الدين على مقاسها بما يخدم مصلحتها الشخصية والفئوية.

رائف حسين- المانيا
رائف حسين- المانيا

وفي الدين الاسلامي ولاسباب شتى اهمها الافتقاد لمؤسسة دينية عليا معترف بها من جميع الاطراف والملل المذهبية تبقى الابواب مفتوحة على مصراعيها لكل من اراد الاجتهاد ليفسر قول الله ويفتي باسمه كما يشاء ويعبث في مفهوم الدين ودلائله دون رادع.

العوامل التي سرعت من انتشار الحركات الاسلاميه والحركات الاسلاموية الارهابية منذ نهاية سبعينات القرن الماضي وحتى الان متنوعة وعديدة، تم تناولها بدراسات علمية مختلفة. ما يدفعني لكتابة هذه الاسطر، ونحن نقف على عتبة حرب جديدة يعتمد المروجون لها زوراً الانسانية وحقوق الانسان قاعدة لمطالبتهم بدك قطر عربي بالصواريخ القاتلة الهدامة. وكلنا يدرك بان قوى الرجعية السلفية خاصة في سوريا وفي العالم الاسلامي باجمعه هي التي ستكون الرابح الوحيد من هذه الحرب الاثمة،

الغريب بالامر ان دول ديمقراطية غربية تتجاوب مع طلب قوى اقليمية رجعية استبدادية تفتقد لاقل معايير حقوق الانسان والانسانية. هذه القوى الاقليمية الرجعية التي تنفخ في بوق الحرب والدمار شرت بماله اقسم من الاعلام العربي المدعوم باصوات عديدة من اشباه المثقفين لذر الرماد بعيون الامة كلها.

في الاسطر القادمة اود مرة اخرى ان اسلط الضوء على العوامل التي ساعدت على انتشار الارهاب الاسلاموي في الفترة الماضية لاوضح ان مراد قوى الرجعية الاقليمية هو تثبيت قدم نمط حياتهم الوهابي في العالم الاسلامي الذي يلتقي مع دعم مصالح القوى الاستعمارية الجديدة التي تهاجم اوطاننا باسم حقوق الانسان والديمقراطية الكاذبين.

من اهم عوامل الانتشار الهائل لحركات الاسلام السياسي الارهابية وبانحاء العالم الاسلامي هو استغلال هؤلاء المرتزقة للفطرة الصادقة عند اكثرية المسلمين البسطاء وحبهم لدينهم الحنيف. فمعشر المسلمين ما زال يخاف مِن مَن تقمص الدين ولبس جلبابة وحفظ بعض الصور القرأنية والاحاديث النبوية المنتقاه ليبهر بها المستمعون

وترى اعداد هائلة بين معشر المسلمين، لجهلها وقلة ثقافتها، تعتقد خطأً ان دعمها المالي واللوجستي والمعنوي لهذه الحركات الاسلاموية هو من جوهر الايمان وخدمة الاسلام.

العامل الاساسي الثاني لانتشار قوى الارهاب المتأسلم هو نبع المال الوهابي الرسمي والغير رسمي الذي لا يجف ويوزع على هذه القوى بسخاء نادر هم وبمالهم وفي الماضي وبايعاز مباشر من الولايات المتحدة قاموا بدعم هذه الحركات في افغانستان وفي الجزائر وبعدها في البلقان والشيشان وما زال رجال الاعمال الوهابيون والحكومات الوهابية وتحت اعين المخابرات الغربية يدعمون القاعدة في كل مكان. وهم من يدعم شُعَب القاعدة في سوريا من امثال حركة النصرة وغيرها.

والعامل الاهم هو دعم بعض الانظمة الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الامريكية لقوى الاسلام السياسي التي فرخت قوى الارهاب الاسلاموي لاحقاً. تم دعم هذه القوى لتصد تيار القومية التقدمية العربية الذي قاوم استبداد الانظمة العربية المدعومة من القوى الغربية التي باعت موارد الوطن العربي بابخس الاثمان وداست حقوق المواطن باقدامها عشرات السنين.

ان الاوان ان تستيقظ امة المسلمين من سباتها وتنتفظ على قوى الرجعية التي تقودها باسم الدين وان تنتفظ على المشعوذين الذين زوروا دينهم الحنيف. ان الاوان ان ندرك بان امريكا لا تحارب الاسلام بل تحارب العرب الوطنيين من مسلمين ومسيحيين وملحدين الذين سأموا الاستعمار الذي يسلب ثرواتهم بمساعدة العملاء العرب. علينا ان ندرك ان امريكا تعمل فقط ما يخدم مصلحتها وانه ان الأوان ان تكون مصلحة الوطن والامة البوصلة الوحيدة التي تحكم خطواتنا المستقبلية

أن الاوان ان نتمعن بكلمات الشاعر العربي الكبير ” حافظ ابراهيم”

كم عالم مد العلوم حبائلا

لوقيعة وقطيعة وفراق

وفقيه قوم ظل يرصد فقهه

لمكيد او مستحل طلاق

يمشي وقد نصبت عليه عمامة كالبرج لكن فوق تل نفاق

رائف حسين * مدير معهد الدراسات الاستراتيجية للشرق الاوسط – هانوفر/ المانيا

مقالات ذات صلة