المقالات

الانقسام, نحن ولعبة الوحدة الوطنية

الانقسام, نحن ولعبة الوحدة الوطنية

بقلم رائف حسين

قبل ستة سنوات بدأت رحلة الشقاء الفلسطيني الحديث.

قبل ستة سنوات استولت حركة حماس على السلطة في قطاع غزة بقوة السلاح وطردت مليشيات دحلان وكوادر حركة فتح من غزة. وانقسمت فلسطين سياسيا جغرافيا اقتصاديا واجتماعيا. اصبح لشعب فلسطين دولتين وحكومتين وقوتين امنيتين وسياستين ووو. نعم الانقسام فرض على الشعب الفلسطيني من الخارج. اسباب الوصول لهذه المرحلة عديدة ومتنوعة ونحن نعرف بان كلاهما: فتح وحماس ومن يمدهم بالمال والسلاح ويقف خلفهم كان قد قرأ المرحلة السياسية آنذاك بخطأ وظن كل منهم بان الوقت سانح للتخلص نهائيا من الاخر.. ولسخرية القدر ادعى كل من الطرفيين حمايته للراية الوطنية!

في سابقة تاريخية لا يعرف تاريخ الشعوب المحتلة مرادف لها: جماهير وارض وهواء وماء شعب كامل تقبع تحت أخبث احتلال عرفتة البشرية، وجميع قوى هذا الشعب المحتل تقاتل، على حسب قولها، ضد الاحتلال وتدعي جميعها انها كلها حركات وطنية ثورية تكافح من اجل طرد الاحتلال ورغم هذة الحقيقة، حقية الاحتلال في كل مكان، راقبنا جميعا كيف تروض الجميع وانخرط الكل في لعبة الدولة العتيدة في ظل الاحتلال! نعم دولة بعرش مهدم وبسيادة وطنية تنتهي بكلمة جندي صهيوني في العشرين من العمر ويرنخ لكلمته معالي الوزراء وسعادة السفراء والمدراء.. في هذا السيرك الفلسطيني الذي خلقه أوسلو حصل الانقلاب! انقلاب حركة وطنية على اخرى وكلاهما يدعيان باننا ما زلنا في مرحلة التحرر الوطني ..يا لسخرية القدر! هذه المصيبة التي حلت بشعب فلسطين بأيدي قيادات تدعي الوطنية ما زالت غيمة سوداء تحلق في سماء فلسطين وتسقي شعبه وأرضه بين الحين والآخر جرعات سم تزيد الانقسام.

منذ ستة سنوات ونحن نتابع ما يسمى خطأً “مسار المصالحة الوطنية” انها مخدر ومهدء أعصاب للشعب ليس الا. أحدا لا يدرك كم مرة اجتمع السادة القادة حتى الان وكم اتفاق وقع وكم حسن نية اعلنت لإكمال المصالحة وإنهاء رحلة الشقاء الفلسطيني الحديث وقبل وبعد كل اجتماع قمة تثار الآمال بإنهاء الانقسام وإعادة اللحمة الوطنية لمجابهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه.. كل هذا كلام لا رباط عليه.. الانقسام ما زال موجود وأزلام الانقسام في كلا الحركتين يعملون بجهد للإطاحة بكل محاولة لإنهائه. والكلام عن ان اطراف خارجية تعيق المصالحة ما هو الا ذر الرماد في العيون وهو نصف الحقيق. انه حق يراد به باطل اذ ان من يريد مصلحة الوطن عليه ان يعي ان مصلحته الشخصية لا تحتل المكان الاول وعليه ان يتنازل عن الإغراءات الآتية من أطراف عربية وغربية بألوان مختلفة. من ارد المصالحة عليه ان يضرب بسيف شعب المصالحة وليس بسيف من زرع ويغذى بذور الانقسام. مرجعية فتح هي شعب فلسطين وليس امريكا وأوروبا ومرجعية حماس شعب فلسطين وليس قطر والإخوان المسلمين.

الانقسام أجرام بحق الشعب الفلسطيني وبتاريخه وقيادة الحركتين مسؤولتين عن هذا الأجرام وسكوت قواعد الحركتين عن هذا الأجرام واستفحاله بحق الشعب هو بحد ذاته مصيبة ومشاركة هادئة بالأجرام. ان ألأوان ان نسمي الشيء باسمه وان نحمل المسؤولية لمن قام بالخطأ. في كلى الحركتين تبلورت في السنوات الستة الماضية مجموعة طفيلية تتغذى وتستفيد ماديا وسياسيا من الانقسام. مصلحة هؤلاء القذرة مضادة لمصلحة الشعب والقضية وحان الوقت لأبناء فتح وحماس الشرفاء ان يعروا هؤلاء ان أرادوا فعلا الوحدة الوطنية. حان الوقت ان تقف قواعد الحركتين امام قياداتها وتجبرها ان تضع مصلحة الشعب فوق مصلحة الحركة ومصلحة القادة الشخصية. ان الأوان ان يخرج شعب فلسطين الى شوارع فلسطين ويعيد الكرامة للشعب ومناضليه. ان الأوان بهدم عرش من عبث ستة سنوات بمصير الشعب والوطن. ان الأوان ان نجبر هؤلاء في غزة ورام الله ان يحترموا إرادة الشعب ومصلحته وان يتنحوا. ان الأوان بان نتعلم من شعب تونس من شعب مصر من شعب تركيا وان نأخذ مصيرنا بأيدينا.

كل الكلام عن مقارعة الاحتلال ومقاومته في ظل الانقسام هو كلام فارغ ونعاق لا جدوى منه. الانقسام هو المصيبة الكبرى التي يجب ان نتخلص منها لنتفرغ لمقاومة الاحتلال يد بيد بوحدة وطنية حقيقية.

* مدير معهد الدراسات الاستراتيجية للشرق الاوسط – هانوفر/ المانيا

مقالات ذات صلة