المقالات

الوفاء للأرض

الوفاء للأرض

رشيد حسن

ليس هناك من شعار أو مناسبة او ذكرى، تجسد أسباب الصراع مع العدو الصهيوني، وتكثفه في عبارة موجزة عظيمة الدلالة.. مثل يوم الأرض.

فالارض كانت وستبقى هي عنوان الصراع مع العدو.. والأرض هي التي تحدد ماهية هذا الصراع، فهو صراع وجود وليس صراع حدود.

وعودة الى التاريخ نجد أن دعاة ومنظري الصهيونية الاوائل قد اجمعوا بان لا سبيل الى حل المشكلة اليهودية في اوروبا الا باحتلال فلسطين، ولا سبيبل الى هذا الاحتلال الا بالسيطرة على الارض، ولن يتم ذلك الا باقامة مستعمرات تستوعب المهاجرين اليهود.

ومن هنا بدأت ترجمة هذه الاستراتجية باقامة أول مستعمرة في فلسطين، وهي مستعمرة “بتاح تكفا” عام 1878، علما بأن الهجرة اليهودية بدأت عام 1882، وقام المليونير اليهودي الفرنسي، ادموند روتشيلد بتمويل اقامة هذه المستعمرات، اذ مول اقامة “30” مستعمرة في الفترة الواقعة ما بين الثمانينات من القرن الماضي وحتى عام 1914.

وزيادة في التفاصيل، أنشأ البارون موريس دي هيرش وهو مليونير يهودي ألماني “رابطة الاستعمار اليهودي في فلسطين” ونشر ثيودور هيرتسل كتابه “الدولة اليهودية” حيث قام بدمج لافكار الصهيونية الرائجة في اواخر القرن التاسع عشر، وحدد برنامجا لتنفيذها يقوم على الاستيطان.

ومن هنا فالهجرة والاستيطان هما السبب الرئيس للثورات الفلسطينية المتتابعة، بدءا من هبة البراق 1929 مرورا بالثورة الكبرى 1936 وحتى اليوم، واستطاعت هذه الثورات أن تحد من سيطرة الصهيونية وحليفتها بريطانيا على الارض الفلسطينية، أو بالاحرى من سرقتها، اذ لم تستطع أن تستولي على أكثر من 6% من اراضي فلسطين التاريخية حينما بدأ عدوان 48، وهذا يؤكد وعي الشعب الفلسطيني لمخططات وخطط العو، ويؤكد تمسكه بارضه، واستعداده للتضحية والاستشهاد بلا حدود، فقدم لهذه الارض المقدسة الاف الشهداء والمصابين على مدى مائة عام من النضال والكفاح الدامي، اضافة الى الاف الاسرى الذي دخلوا زنازين واقبية العدو، ولا يزال صوتهم عاليا، يسمعه احرار العالم، رغم شراسة الجلاد، واساليبه الهمجية اللاأخلاقية في التعذيب النفسي والجسدي، والتي لم تستطع اسكات صوت المقاومة، واطفاء جمرتها المتقدة.

وفي هذا الصدد نقف باحترم واجلال لاهلنا الصامدين الصابرين في الجليل والمثلث والنقب، وفي كل شبر من الارض المحتلة، الذين تجذروا في ارضهم، وكتبوا بدمهم ملحمة المواجهة مع العدو، واسطورة الصمود في ارضهم في وجه الة الموت التي حصدت الالاف.. وجعلوا لامهم الارض منذ عام 1967 يوما مجيدا .. لا بل جعلوا كل الايام تليق بها، فهي أم الصراع، وهي عنوان الوجود، وأي تنازل عن ذرة من ترابها الطاهر المقدس، هو خيانة لدم الشهداء الابرار.

باختصار…. نؤكد تفاؤلنا بالمستقبل وبأن الارض الفلسطينية ستبقى عربية، رغم قتامة المشسهد العربي والفلسطيني، فالعدو والذي عجز عن تحقيق أهدافه وعلى مدى مائة عام،وبمساعدة الدنيا كلها، لن يستطيع ذلك في المستقبل، في ضوء وعي الشعب الفلسطيني وتجربته النضالية،وتمسكه الاسطوري بوطنه، واقدامه على التضحية واجتراح اساليب نضال قادرة على مفاجأة العدو وارباكه، وتشهد بانه قادرعلى امتلاك زمام المبادرة.

المجد لشهداء يوم الارض ولكل شهداء القضية الفلسطينية؛ الذين رووا بدمائهم الطاهرة أعز واقدس أرض، والمجد للمقاومة الشعبية التي قررت ان تحمي الارض.

الدستور، عمّان، 30/3/2013

مقالات ذات صلة