المقالات

عمالة الحكام ونفاق العامة

بقلم: د. نزار محمود

لعل من أكبر وأخطر ما يصيب المجتمعات من أمراض سياسية وإجتماعية وثقافية ويحيلها الى كيانات منخورة أو هامدة هي مسألتي عمالة الحكام ونفاق العامة.

وليس من السهل تقدير أي المرضين أخطر من ثانيه! أو أيهما يسبق الآخر أو يشترطه؟! أم أنهما يولدان ويعيشان في علاقة حتمية وجدلية وبتفاعل يديم لهما الاستمرار في الحياة!

وفي جلسة افتراضية وحوار مع الذات أبدأ بطرح التساؤل التالي:

لماذا تبتلى مجتمعات دون غيرها بحكام عملاء؟ ما هي حيثيات العمالة ودوافعها الاخلاقية والسياسية، وما هي مآلاتها؟ هل عرف التاريخ من عمالة وطنية أو ايجابية؟!

وبعيداً عن الخلط بين مفهومي العمالة والتعامل السياسي، الذي لا غنى عنه في الحياة البشرية والعلاقات بين الشعوب، والابتعاد عن التشهير الغوغائي في كيل الاتهامات والرمي والقذف، أقول: إن من تقود مواقفه وأعماله وسياساته الى هدر وتفريط بحقوق شعبه وثرواته وكرامته وحريته ثمناً لبقائه في منصب أو طلباً لحماية أو استثراء أو من أجل إشباع لنزوة جاه أو سلطة إنما لبسته العمالة من قمة رأسه حتى أخمص قدميه!

إن مثل هؤلاء الحكام لا يخلقوا في مجتمعات لا يعشعش فيها الجهل والتخلف وينخرها الضعف، وقبل هذا وذاك لا تعرف الجبن والنفاق!

وعلى عكس ذلك تشكل أخلاقيات الشعوب وقيمها الثقافية والاجتماعية وبالتالي وعيها السياسي وما يحكمها من نزعة للحرية والعدل والكرامة ما يمنع من قيام وبقاء عمالة حكامها.

إن مروراً سريعاً على وجوه حكام شعوبنا العربية، وقراءة لمواقف كثير من أبناء تلك الشعوب يكشف انتشار مرضي عمالة كثير من حكامنا ونفاق جزء كبير من أبناء شعوبنا. فضعف النفوس لا يفرق بين حاكم ومحكوم.

ترى ماذا يشترط ماذا؟ عمالة الحكام أم نفاق الشعوب؟!

من أين يجب أن يبدأ مبضع الجراح؟ متى وكيف؟

إن ما أشرت له في خاطرتي هذه، يثير شهية الباحثين من علماء نفس وفلسفة واجتماع وسياسة وادارة واقتصاد للغوص في أعماقه وسبر أسبابه ومحاولة علاجه.

برلين، ٩/٨/٢٠١٩

مقالات ذات صلة