المقالات

حركة حماس ودروس من التجربة المصرية

حركة حماس ودروس من التجربة المصرية

اسم الكاتب : صلاح محمد*

2013-07-09

فور الإطاحة بحكم حزب الإخوان المسلمين في مصر من قبل القوات المسلحة كاستجابة لمطالب “التمرد” الشعبي الشامل الذي غطى الميادين الرئيسية في غالبية المدن المصرية، والقاهرة في مقدمتها، وهو ما أكده البيان الأول الذي صدر عن القوات المسلحة ثم في بيانها الثاني، طرحت العديد من الأسئلة في الاتجاهات المختلفة، وإذا كان محورها يدور حول: مصر إلى أين، لأن الوضع مهما كانت سماته سوف يترك أثره على الوضع العربي، وعلى القضية الفلسطينية بشكل محدد وغيرها من القضايا، بطبيعة الحال فإن الكل الوطني والقومي بل كل أصدقاء شعوبنا والحريصون هلى مصالحها الحقيقية يتمنون لمصر وشعبها الاستقرار والازدهار الاقتصادي.. إلا أن هذه التطورات المتسارعة ونتائجها المحتملة تثير منظومة أخرى من الأسئلة المرتبطة بالوضع الفلسطيني بصفة عامة ووبحركة حماس بصفة خاصة من زوايا متعددة ومن ثم انعكاسها على علاقاتها في الداخل الوطني، ولن تكون المصالحة الوطنية بعيدة عن ذلك،كما إن عدم انجازها لم يكن معزولا في احدى جوانبه عن مراهنة حماس على التطورات الجارية في المنطقة وأهمها يتخص في نجاح الإخوان المسلمين في الانتخابات الرئاسية المصرية وما تبعهامن تداعيات ومرد تلك المراهنة يكمن في محاولة تقوية موقفها ضمن المعادلة الفلسطينية لجهة فرض ماتريد.

إن علاقة التوأمة بين إخوان غزة وإخوان القاهرة لازمها التنسيق بينهما اتجاه العديد من قضايا المنطقة، كالوضع في سوريا، بل يمكن القول: أن من حق حركة حماس الاستفادة من تلك التوأمة أو من تلك التحالفات لأنه لو كانت أية قوة أخرى في موضع مشابه لن تفعل غير ذلك، لكن ومن زاوية أخرى يجب التوضيح أين تصب نتائج تلك الإستفادة، هل تصب في مصحلة الشعب أم مصلحة حزب الإخوان هذا أولا، وثانيا أين موقع نتائج هذه العلاقة من أهداف الحركة الوطنية الفلسطينية، وبالمحددات هل كانت علاقة التوأمة لمصلحة خط المقاومة؟ أم إبقائها كعنوان للتداول اليومي الجاري. لعل إبرام اتفاق التهدئة التي قادت القاهرة دفته، بعد عدوان الثمانية أيام على قطاع غزة أواخر نوفمبر 2012 عبر المفاوضات غير المباشرة مع الإسرائيليين، وملحقه الذي يقضي باللقاء بعد كل ثلاثة أشهر من أجل التقييم والتباحث في الجديد أيضا وفي ذات الأسلوب، يوضح منحى العلاقة وأفقها الواسع بين إخوان غزة والقاهرة.

بعد ذلك كما قبله، هل تتدارك حماس تفردها في القطاع لتستفيد من دروس تفرد الاخوان في مصر والذي ساهم في انتاج أسباب عزلهم:

أولا : في العلاقة مع الناس: إن مستوى العلاقة المرتبط بالقدرة والتفاني في تبني مصالح الناس، والتصدي لانشغالاتهم، ثم مستوى التفاف الشارع حول هذا الحزب أو ذلك، هو المقياس الرئيسي في عملية التقييم، لقد وصل الحزبان في غزة والقاهرة للسلطة بفعل فوزهما بالانتخابات الديمقراطية، بغض النظر عما يقال في القانون الانتخابي في غزة، لكنهما لم يحافظا على هذا المكسب، فالمؤشرات الراهنة تدلل على انفضاض شعبي من حولهما، مما سهل في الإطاحة السريعة بسلطة الرئيس السابق محمد مرسي كنتيجة لتلك الحشودات الشعبية في ميادين المدن المصرية التي فاقت أضعاف ماحصل عليه مرسي من أرقام في الانتخابات الرئاسية، مما أضعف أية نقاشات قد تدافع عن شكل وصوله للرئاسة، لأن الأهم من النجاح في العملية الانتخابية السلمية والديمقراطية هو المحافظة على العلاقة الوطيدة مع الناس الني منحته الثقة، وذلك بالتصدي لتحقيق مطالبها ضمن منهج ثابت وليس باتخاذ قرارات آنية عابرة، إن بوصلة المناخ الشعبي هو الموقف الواضح من قضاياها المختلفة، مثال على ذلك: الحشد الشعبي الكبير واللافت الذي وقع يوم احتفال الثورة الفلسطينية في مطلع العام بمدينة غزة، كردة فعل شعبية على مجمل سياسة وإجراءات حركة حماس في القطاع، لقد بات الحديث اليومي للمواطن الغزاوي يدور حول أنواع الجباية والجديد منها التي أرهقته مع المشاكل الأخرى: كقضيتي الكهرباء والماء.. ثم مقارنة الحال مع ظاهرة المليونيرات الجدد التي نمت في فترة سلطة حماس وتجاوز عددهم المئات، ولهم القاب محددة مثل مليونيراتالأنفاق..الخ، مع ترك المواطن يتخبط في مشاكله اليومية التي أشرنا اليها أعلاه، مع العلم أن أي من هؤلاء الأثرياء الجدد على حساب الناس يكون قادر على حل مشكلة الكهرباء وذات الشيء بالنسبة للمياه، يرافق هذا المسلك الضاغط على حياة السكان تدفق المساعدات المالية على حكومة حماس.. والخلاصة هنا: تكون الوجهة الرئيسية للسياسة الداخلية الخاصة بالمعيشة اليومية هي مصلحة الحركة ومنتسبيها وليس مصلحة سواد الناس، إنه الأمر الذي تحدثت عنه المعارضة المصرية لدى تناولها السياسة الداخلية للإخوان أي مصلحة التنظيم فوق كل اعتبار.

ثانيا: العلاقة مع القوى ومكونات المجتمع المدني: تجمع القوى الوطنية أن هناك تفرد تام لدى حماس في إدارة شؤون القطاع، وتجاوز لدور الشركاء الموضوعيين في الحقل الوطني، فهي لا تتشاور مع أحد في القضايا التي تهم الجميع مثلما حصل في اللقاءات الغير مباشرة مع الإسرائليين في القاهرة حول التهدئة وما بعد ذلك، ومن جانب آخر تم إغلاق غالبية مؤسسات المجتمع المدني دون تبريرات مقنعة ثم مواصلة المضايقة على ما تبقى منها.

إن هذا التفرد قد ميز حكم الإخوان في مصر كما تحدث عنه مرارا العديد من رموز القوى المصرية في سردها لعوامل التمرد الشعبي.

ثالثا: استخدام الدين والمال السياسي: إن التعدد الديني بكل ما يرافقه في بلدان المشرق العربي يعتبر جزء من تكوينها الديمغرافي والاجتماعي وجزء من تاريخها وموروثها الحضاري، وعلى مدار مراحل زمنية طويلة، قبل وبعد مرحلة النهوض القومي العربي، لم يطرأ ما يعكر صفو هذه التعددية المتعايشة والمندمجة في رفع شأن الوطن والدفاع عنه، إلا في العقدين الأخيرين مع بروز وصعود تيار الأحزاب الدينية حيث رافقها ظاهرة استخدام الدين للوصول الى السلطة أو البقاء بها ولذات الهدف تم التعامل مع المال السياسي، كان ذلك في إطار المتغيرات الدولية والاقليمية والعربية وما نتج عنها، من جانبها سجلت أحزاب التمرد الشعبي ليوم 30 يونيو رفضها لمنهج اخونة مصر، فهل تؤكد حركة حماس رفضها لكل الخطوات أو الممارسات بمافيها المسطرة في الاشهر الأخيرة التي مست الحرية الشخصية للمواطن الفلسطيني في غزة، والتي تحترم في ثناياها الأعراف الاجتماعية المرتبطة بمسار تطور الحياة.

هناك العديد من العناوين الأخرى التي تحتاج الى المساهمة في نقاشها مثل السياسة الاقتصادية كعنوان أساسي بكل ما يحيط به من عوامل، ثم الموقف من التطورات الحاصلة في بعض البلدان العربية وخطورة التسرع في التعاطي معها أو الخلط المقصود للوقائع المختلفة والمتناقضة أحيانا..ثم موضوع المقاومة بكل ما يدور حولها من مفاهيم وممارسات. فهل يستفاد من دروس التجربة الفلسطينية المشتركة والخاصة، في القطاع وفي الضفة وباقي أماكن التواجد، بتغليب المصلحة الوطنية من أجل مواجهة المخططات التصفوية الصهيونية التي تحاول القضاء على مكونات الحالة الفلسطينية.. من أجل الخروج “سالمين” من نفق التسوية الأمريكية..

* ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الجزائر الشقيق

مقالات ذات صلة