المقالات

حقيقة أبو مازن

حقيقة أبو مازن

معاريف – عاموس غلبوع:30/9

(المضمون: ترى السلطة الفلسطينية أن العودة الى حدود 1967 غير كافية فالصراع لن ينتهي الى أن يحصل لاجئو 1948 على موافقة على العودة الى بيوتهم).

يُعقد اليوم في اسرائيل مؤتمر دولي تحت عنوان “من الحقيقة الى الاصلاح – عودة اللاجئين الفلسطينيين”. وتُنظم هذا المؤتمر جمعية “متذكرات”. وهو يُعقد كما تقول الدعوة “في مساحة قرية الشيخ مؤنس التي كانت موجودة في المنطقة الى النكبة”. والعنوان (اليوم): متحف ارض اسرائيل، في تل ابيب. ويرمي المؤتمر كما يقول منظموه الى التباحث “في العودة الفعلية للاجئين الفلسطينيين”، على أساس أن تعترف دولة اسرائيل بحقيقة الظلم الفظيع الذي أصابهم وأن تتحمل مسؤولية عن ذلك وتبدأ في مسار إزالة الظلم. والتصور الأساسي لمنظمي المؤتمر هو التالي: بعد 65 سنة من النكبة حان الوقت لتحقيق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى البيوت التي طُردوا منها بالعنف؛ فتحقيق هذا الحق، الذي هو حق أساسي لكل انسان، شرط ضروري لاسقاط استعمار هذا البلد وانهاء الصراع بين سكانه واقامة العدل وبناء مجتمع أكثر مساواة وأفضل للجميع، وفرصة لحياة أطيب للجميع؛ وتصبح دولة اسرائيل آنذاك “اسرائيل – فلسطين”، أي دولة ذات قوميتين.

وتتناول موضوعات المؤتمر في الأساس “استراتيجية للدفع بالعودة قدما”، والجوانب المختلفة لتحقيق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى قراهم ومدنهم وقضية التعويضات. والمحاضرون في جزء منهم اكاديميون فلسطينيون من يهودا والسامرة، واكاديميون فلسطينيون من عرب اسرائيل، وفلسطينيون يمثلون اللاجئين من قرى مختلفة في البلاد، واكاديميون اسرائيليون أكثرهم من جامعة تل ابيب، و”نشطاء” لأجل حقوق الانسان من اسرائيل ويهودا والسامرة، واكاديميون من خارج البلاد ايضا.

ولن يغيب عن ذلك الصحفي جدعون ليفي الذي سيحاضر في سبل مواجهة الخوف الاسرائيلي من حق العودة. وليكن واضحا أن الحديث عن مؤتمر لليسار الراديكالي الاسرائيلي المعادي للصهيونية، وهو قلة من القلة لكن له تمثيل قوي في الجامعات الاسرائيلية، وله مكان في وسائل الاعلام الاسرائيلية ودعم من سائر الجهات العالمية التي تريد القضاء على دولة اسرائيل باعتبارها دولة الشعب اليهودي. كان يمكن تجاهل هذا المؤتمر الهاذي لليسار الراديكالي. لكن المشكلة الخطيرة هي أن الموقف الذي يعرضه من موضوع “عودة اللاجئين” هو في واقع الامر الموقف الأساسي الفلسطيني، وموقف السلطة الفلسطينية والموقف الذي يُعرض في كتب التدريس الفلسطينية وعدد لا يحصى من المقالات والكتب والخطب. فقضية اللاجئين الفلسطينيين هي الأكثر جوهرية والأصعب في كل تسوية دائمة مع الفلسطينيين وذلك لأن قضية الحدود تأتي كما يرى الفلسطينيون لحل مشكلة “احتلال” حزيران 1967 فقط. إن غير قليل من الاسرائيليين يؤمنون حقا بأنه اذا انتهى “الاحتلال” فسينتهي الصراع بيننا وبين الفلسطينيين. لكن الفلسطينيين يرون أن بدء الصراع هو “النكبة” في 1948 التي كان مظهرها حدوث مشكلة اللاجئين الفلسطينيين. ولهذا فان اعادة اللاجئين وذرياتهم الى بيوتهم هي بمنزلة إزالة لظلم “النكبة”، وإقرار العدل.

ولما كان الامر كذلك فان الجانب الفلسطيني يُصر في كل المفاوضات مع اسرائيل وفي كل تصريح رسمي فلسطيني على ثلاثة مطالب وهي أنه يجب على اسرائيل أن تعترف بوقوع ظلم على الشعب الفلسطيني في 1948؛ ويجب على اسرائيل أن تعترف بأنها مسؤولة عن مشكلة اللاجئين (أي أن تعترف بالتهمة)، ويجب عليها أن تعترف بقرار الامم المتحدة 194 الذي يقول إن كل لاجيء فلسطيني يستطيع بصورة شخصية أن يختار بين التعويض والعودة الى المكان الذي كان يسكنه.

بعد أن تفعل اسرائيل ذلك فقط سيكون من الممكن التباحث في الأعداد المختلفة للاجئين الذين سيعودون الى اسرائيل في مدد مختلفة الى أن يستقر رأي الطرف الفلسطيني متى يكون العدد الاخير. وليست قضية اللاجئين مسألة تفضل انساني من اسرائيل كما يعتقد عدد منا بل هي تتصل بالجوهر الفلسطيني لـ “النكبة”، وهكذا حدد أبو مازن، في خطبته في الجمعية العمومية للامم المتحدة في 26 أيلول هدف السلام الذي يرجوه الشعب الفلسطيني وهو “إزالة الظلم التاريخي وعدم العدل الذي لم يسبق له مثيل الذي أصاب الشعب الفلسطيني في نكبة 1948، وتحقيق السلام العادل”.

مقالات ذات صلة