المقالات

الفلسطينيون وغسالة التاريخ

الفلسطينيون وغسالة التاريخ

رؤوبين باركو

زعم شيوخ الاستيطان العبري في حينه في تهكم أن الفلسطينيين ‘وغد من رحم الصهيونية ومن أب بريطاني’ في فترة الانتداب، بيد انه بحسب ما تقول محطة اذاعة ‘دولة فلسطين’ لم توجد قط في ارض اسرائيل أم يهودية. فبحسب زعم علماء الآثار في محطة ‘صوت فلسطين’ الفلسطينيون هم أصحاب الارض لكونهم من نسل الشعوب التي سكنوها قبل اجتياح ‘السالبين والقتلة’ الذين جاءوا مع موسى والذين بقوا في البلاد بصورة عرضية تحت اسم ‘حبيرو’ أو ‘عبيرو’. وقد تم توثيق هؤلاء بصفة رُحل متنقلين عابرين حتى في وثائق تل العمارنة الفرعونية.

في اسرائيل لا يرفضون الفلسطينيين فهناك من يشيرون الى الجذور اليهودية لقرويين فلسطينيين أسلموا. وهناك من يجدون صلة جينية بينهم وبين اليهود ويشير آخرون الى تدفق عمال من العالم العربي على البلاد لصدع رداء مع نماء الصهيونية. ويشير مستشرقون الى المحتلين العرب في القرن السابع أما الرحالة الاوروبيون فقد وثقوا في الماضي ارض اسرائيل خاصة باعتبارها ارض أمراض خالية وقفرا.

بيد ان الفلسطينيين يرفضوننا من الأساس. فراديو ‘صوت فلسطين’ يشغل نفسه بانتاج التاريخ من العدم، للشعب الفلسطيني الذي لم يُذكر في أي سجل تاريخي حتى ولا في القرآن. والمشكلة هي ان ايجاد الرواية الفلسطينية المزورة يتم مع نفي الحق التاريخي لليهود في ارض اسرائيل والذي يُعرض على أنه مشهد عابر برغم ان حق اليهود ثابت في وحي الاسلام وفي التاريخ المسيحي وفي سفر الأسفار الكتاب المقدس بالطبع.

إن عرفات هو الذي جدد الـ ‘البدء الفلسطيني من جديد’ باعتباره أكبر سارقي التاريخ. فقد أنكر في ذروة الاتصالات السلمية كل علاقة بين اليهود واسرائيل والقدس وهو الذي أوجد للفلسطينيين شهادة ميلاد باعتبارهم من نسل اليبوسيين. وينشر من جاءوا بعده نسخة جديدة من عيسى ابن مريم اليهودية من الناصرة بصفته ‘المسيح العربي الفلسطيني’. ويبالغ البرنامج الوثائقي في ‘الجزيرة’ في مسلسل الانكار ‘أرشيفهم في مقابل تاريخنا’ الذي يعرض اسرائيل على أنها وهم مبني على مجموع وثائق كاذبة واعمال قاتلة في مقابل حق الفلسطينيين التاريخي الذي لا يتضعضع.

وفي اسرائيل حول عدد من الصحفيين من فناني الثرثرة أنفسهم الى قادة احزاب. فهناك كُتاب صحفيون من قبل أنفسهم يعرضون ‘اليمين الغريزي والبدائي’ على أنه يرفض بفظاظة ارادة الفلسطينيين ‘المؤكدة’ للسلام. وهؤلاء يعتقدون ان اليسار وحده قادر على القيادة وانه هو وحده قد وُهبت له صفات العدل العام وحقوق الانسان والمساواة الاجتماعية والتعددية والاشتراكية. وهم يرفضون أجزاءا كثيرة من الشعب فانظر الى الواقع نظرا صحيحا وتصغي الى صوت الحدس ‘الارضي’ بدل صوت أجنحة الطبقة المثقفة السماوي. وقد يبلبل المصوت الساذج: هل يخدع اليسار نفسه فقط أم الجمهور ايضا، أو أنه نجح في ان يدس الى الفلسطينيين اتفاق سلام لا يعرفونه هم أنفسهم ولم يوقعوا عليه ايضا؟.

بخلاف الشيفرة التشغيلية اليهودية التي تريد رضا فوريا وسلاما الآن وتؤمن بأن يتخلى الفلسطينيون إثر شيء من الغوغائية عن فلسطين كلها فان الشيفرة التشغيلية الفلسطينية المصوغة بالعربية ترى ان ‘الصبر مفتاح النصر’ وينبغي التصرف مع اليهود بحسب تركة عرفات وهي: ‘خُذ واطلب ايضا’.

في قطاع غزة وفي يهودا والسامرة وفي الجاليات الفلسطينية لم يتخلوا عن حق العودة وعن تدمير اسرائيل. والذي يصغي اليوم الى صوت فلسطين يدرك ان الفلسطينيين ما زالوا يتحدثون عن السلام للعالم باللغة الانجليزية لكنهم ينشدون ويتحدثون بالعربية في حماسة عن ‘العودة الى فلسطين’ بقوة الرشاش، والتي تشمل حيفا وعكا ويافا وصفد.

إسرائيل اليوم 20/1/2013

القدس العربي، لندن، 21/1/2013

مقالات ذات صلة