هل يعيش العالم نهاية الترامبية؟
بقلم: الدكتور نزار محمود
كنت قد كتبت، وبعيد تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، مقالاً تحت عنوان، ترامب، سياسة العنجهية والبلطجة، استقرأت فيه بعضاً من أسلوب تفكير الرجل وتصرفاته ومواقفه وقراراته المتوقعة. ولقد أظهرت وأثبتت الأيام التي تلتها صحة الكثير من رؤيتي في هذا الملياردير الأشقر الجامح، بناءً على متابعاتي وخبراتي المتواضعة وحدسي حول التركيبة النفسية لهذا الرجل.
فلقد بنى ترامب نجاحاته السياسية والاقتصادية المحفوفة بالمغامرة والمخاطر على اعتماده التلويح بالعصا الغليظة وأساليب الابتزاز وعدم مراعاة كثير من الأصول والآداب في التعاملات الدولية. وكان للقوى الخفية العالمية أن تفهم كيف تتعامل مع هذا “البلدوزر” وتستفيد منه على حساب أرواح وحقوق وثروات كثير من البشر. وكنا نحن العرب والمسلمين في طليعة المبتزين والمتضررين. فهاكم السعودية كم من مئات المليارات، وربما الآلاف، دفعت، وهاكم ما تحمله الفلسطينيون والعراقيون وغيرهم حتى الحلفاء والأصدقاء!
ولم تفت عدسات التصوير ولا كلمات الصحفيين وتحليلات المتخصصين عكس تلك العنجهية والبلطجة في مواقف ترامب وقراراته وتصرفاته، إلى الحد الذي لا يساور الشك إنسان في اعتلاله النفسي.
لقد جمع ترامب في شخصيته بين الإيطالي “موسيليني” والكوري الشمالي “كيم جونغ أون” وشخصية رجل الأعمال الرابح دائماً!
فلقد أصر ترامب على أن تكون أمريكا أولاً في نتائج سياساته وحساباته دون كثير اعتبار للآخرين ومنهم حلفائه، وأن يكون قوة ضاربة رادعة، وأن يحقق في ذات الوقت أكبر الأرباح التجارية.
لكن الرياح لا تسير دائماً كما يشتهي السفان، ولا الأمواج ولا البحارة ولا أيام الزمان…
وجاءت كورونا، بكل ضبابيات حيثياتها، لتحط من كبرياء الرجل وتجعله يتخبط في قراراته حتى وصل إلى حد الإستهزاء به والسخرية منه.
لقد تجاهل ترامب أن العالم في تطور متسارع، وأن عقلية القائد الآمر الأوحد لم تعد تستسيغها عقول الناس ونفوسها، وأن عقلية الرأسمالي الأبيض الأشقر الجميل ليست حتمية في التفوق البشري. فالشعوب لم تعد جاهلة ولا يمكن تجهيلها بعد تطور العلوم وانتشار وسائل الاتصالات المرعبة وتنامي جرأة الرفض والتحدي.
لقد آن الأوان لنقلة بشرية نوعية جديدة في مفاهيمها وأخلاقياتها وسياساتها واقتصاداتها، وقبل كل شيء في إنسانها.
إنني، وكأني، ألمح إنهيار وسقوط تمثال الترامبية!
برلين، ٢٥/٤/٢٠٢٠
