المقالات

سقوط الإخوان المسلمين يوفر لإسرائيل طاقة إيجابية عظيمة

ليست “مؤامرة صهيونية” ولا مؤامرة منظمات استخبارات أجنبية هي التي أفضت الى سقوط حكم “الاخوان المسلمين”، بل الشعب المصري بجموعه. إن “الاسلام السياسي المتطرف”، الذي تمثله حركة الاخوان المسلمين”، ليس مهيأً لحكم ديمقراطي، فهو لا يعرف تقاسم السلطة، ولا يريد تقاسم السلطة بل يريد حكماً مطلقاً. وقد كُشف عن الأساس الاستبدادي وسلوكه السياسي عاجلا كما في مصر أو آجلا كما في تركيا. وغزة تحت حكم “حماس” أيضا هي مثال على ذلك. فالديمقراطية والاسلام السياسي المتطرف لا يمكن ان يسكنا تحت قبة واحدة.

إن موجة السيطرة الاسلامية التي أغرقت العالم العربي تم وقفها. وسقوط “الإخوان المسلمين” في أكبر الدول العربية علامة واضحة على ذلك.

لا يعني ذلك ان هذه الموجة قد زالت. فان جزءاً كبيراً من المعارضة في سورية على الأقل محسوب على “الاخوان المسلمين”، بل على منظمات أكثر تطرفا منهم لها صلة بـ “القاعدة”. لكن في ميدان التحرير تم وقف الزخم الذي كان يبدو أن لا شيء سيقف في طريقه.

إن شعار “الإسلام هو الحل”، الذي لوحت به الحركات الاسلامية على اختلافها، قد فشل، فلا يستطيع الإسلام باعتباره عقيدة دينية ان يحل المشكلات الاجتماعية الأساسية للعالمين العربي والاسلامي.

فقد فشلت الثورة الاسلامية في ايران وكذلك حكم “الاخوان المسلمين” لمصر مدة سنة. وفي تركيا ايضا حيث أفضى الحكم الاسلامي الى نماء اقتصادي، أفضى الاستبداد والقهر الديني الى موجة احتجاج عظيمة في الشهر الماضي. لقد بدأ حكم اردوغان يتهاوى.

في العالم العربي قوة جماهيرية كبيرة من الباحثين عن الديمقراطية والتقدم تحاول التغلب على كونها غير منظمة وغير ذات تجربة. ولم تقل هذه القوة الى الآن كلمتها الأخيرة.

الى جانب هذه الدروس والعبر يوجد لسقوط مرسي تأثيرات اقليمية اخرى. فقد قوي الملك عبد الله في الاردن ورئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن نتيجة فشل “الإخوان المسلمين” في مصر. وخسرت المعارضة لهما ركيزة عظيمة الأهمية، فلم تعد جزءاً من قوة لا تُقهر.

نأمل في ان تكون الادارة الاميركية، التي اتكلت على حكم مرسي وكانت لها علاقات وثيقة كما يبدو ايضا بـ “الاخوان المسلمين” في الاردن، قد تنبهت من الوهم الساذج الذي يرى أن الاسلاميين قد يصبحون حليفا ديمقراطيا. فاذا ساعدت الادارة الاميركية في نهاية الامر المعارضة السورية مساعدة حقيقية فيجب عليها ان تفحص جيدا أنها لا تساعد مرسي سورياً أو اسوأ من ذلك لا تساعد منظمات سلفية.

إن الاحداث في مصر تقدم لاسرائيل ايضا مادة للتفكير. إن استراتيجية حكومة اسرائيل الحقيقية وإن يكن قليلون فقط من متحدثيها سيقولون هذا بصراحة، لا تؤيد مد يد لمعسكر الديمقراطية والتقدم في العالم العربي، وترى هذه الاستراتيجية انه يجب “تسوية الأمور” مع المتطرفين وعدم مساعدة المعتدلين. فالفكرة هي إحداث توازن ردع مع الجهات المتطرفة يقوم على تفوق اسرائيل العسكري واحراز فترات هدوء أمني قصيرة بواسطته كما هي الحال مع “حزب الله” في لبنان ومع “حماس” في غزة. وليس غريباً أن امتنعت اسرائيل عن اسقاط حكم “حماس” بل أوحت علنا بالتسليم بوجوده. وقد قوّت الحكومة “حماس” في صفقة شاليت على حساب أبو مازن عمداً.

يوجد ثمن لأي صلة استراتيجية اقليمية بأعداء “الاسلام المتطرف” من القاهرة الى أبو ظبي. والثمن هو التوصل الى حل الصراع مع الفلسطينيين بتقسيم الارض، والحكومة غير مستعدة لدفع هذا الثمن. ولذلك لن تستطيع اسرائيل ان تستخرج الطاقة الايجابية العظيمة من سقوط “الاخوان المسلمين” في مصر.

افرايم سنيه

“يديعوت”، 8/7/2013

مقالات ذات صلة