المقالات

نضال حمد || في ذكرى الراحل تيسير قبعة كان مناضلا فلسطينياً كبيراً

بدأ مسيرة النضال مبكرا جدا وربما قبل أن أولد أنا في مخيم عين الحلوة

نضال حمد

تيسير قبعة ‏(1938 – 2016)‏

في حوار أجريناه في برلين أنا والزميل عبد خطار لصالح موقعي الصفصاف و – البداوي – سنة 2012 قال لنا الأسير المحرر سكران سكران وهو أول أسير لل ( ج ش ت ف) وثاني أسير للثورة الفلسطينية المعاصرة أنه بعد نكسة 1967 دخل السجن الصهيوني كل من تيسير قبعة واحمد خليفة واسعد عبد الرحمن وكثيرين آخرين .. كانوا يقولون ها هو البطل سكران أمامنا من شو خايفين.

في طفولتي بمخيم عين الحلوة وبعد تلك المرحلة التي تحدث عنها سكران سكران بقليل كنت احتفط في خزانة كتبي ودفاتري المدرسية بملصق للمناضل تسير قبعة اصدرته ال (ج ش ت ف ) في ذلك الوقت من الزمن. وكان تسير قبعة كما سكران وحجازي بالنسبة لنا رمزا ثوريا وفدائيا أعتز به.

تيسير قبعة كان مناضلا فلسطينياً كبيراً بدأ مسيرة النضال مبكرا جدا وربما قبل أن أولد أنا في مخيم عين الحلوة. وسيرة حياته مليئة بالمحطات المنيرة.

تعرفت عن قرب على تيسير قبعة في بيروت في سنوات الثمانينات من القرن الفائت وذلك خلال زياراته للرفيق الشهيد القائد طلعت يعقوب الأمين العام ل (ج ت ف ).

في مؤتمر تأسيس اتحاد الجاليات والفعاليات الفلسطينية في أوروبا والشتات الذي انعقد في أيار – مايو سنة 2007 حصل تلاسن بيني وبينه على خلفية كلام قاله اثناء القاء كلمته عن مؤتمر العودة الذي عقد في بيروت بنفس العام. كان أبا فارس يعتقد أن المشاركين في المؤتمر يخططون لانشاء اطار بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية. ولم يكن مصيبا في تقديره وموقفه. لأننا نحن الذين دعوناه الى مؤتمر برشلونة كان هناك قسم كبير منا من المشاركين فعلاً في مؤتمر بيروت.

بعد ذلك تعززت العلاقة بينيا وكنا كثيرا ما نلتقي في مؤتمرات مختلفة بعواصم ومدن عربية وأوروبية متعددة.

وكان آخر لقاء جمعني به أيضا في مؤتمر اتحاد الجاليات والمؤسسات والشخصيات الفلسطينية في اوروبا، الذي عقدناه في دمشق سنة 2014 تضامنا مع سوريا وضد الهجمة الارهابية الرجعية الصهيونية عليها.

وفي ذلك المؤتمر الذي كنت عريفه حصل ايضا شيء مزعج بالنسبة له وبالنسبة لي أيضا. بحكم عرافتي للمؤتمر والذي كانت الكلمات فيه كثيرة والوقت قليل. اتفقنا في الأمانة العامة للاتحاد أن نعطي لكل متحدث عشر دقائق فقط لا غير. ولما أطال الرفيق تيسير في كلمته وتجاوز قليلا العشرة دقائق توجهت اليه وهو على المايكريفون وأبلغته بضرورة انهاء كلمته لأن الوقت انتهى. انزعج الرفيق ابو فارس وانزعجت أنا أيضا لأنني كنت مضطرا للقيام بذلك. لكن فيما بعد جلسنا في بهو الفندق وتحدثنا وضحكنا وتصافحنا وودعنا بعضنا وكان ذلك اللقاء الأخير وأيضاً الوداع الأخير.

بالرغم من اختلافنا في الموقف من منظمة التحرير الفلسطينية والشكل الذي غدت عليه بعد سلام شجعان اوسلو ومن قادتها الحاليين. فأنا ومن يفكرون مثلي كنا ولازلنا نعتبرها مسروقة ومغتصبة ولا تمثل كل الشعب الفلسطيني ولا تطلعات الفلسطينيين بالتحرير والعودة. بينما هو كان يفضل النضال من داخل المنظمة للتغيير ولاعادة الاعتبار والاعمار. هذا برأيي لم يكن ممكنا ولن يكون ممكنا في ظل وجود عصابة تغتصبها وتختطفها وبعد أن نزعت منها كل اسباب تأسيسها سنة 1964. وبعدما أصبحت أكبر المتنازلين عن حقوق شعب فلسطين.

تولى ابو فارس منصب نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني حتى وفاته. وكان عضوا في قيادة (ال جب هة ال شع بية). وتولى أيضاً مهمات كثيرة وعديدة في المنظمة حتى وفاته في 21-7-2016.

بالنسبة لي فإن من أهم المواقف التي تأخذ على تيسير قبعة مشاركته في (همروجة) ما سمي يومها الدورة 21 للمجلس الوطني الفلسطيني (غير شرعي وغير مكتمل النصاب) التي عقدت في غزة بحضور الرئيس الأمريكي كلنتون في ابريل – نيسان 1996. وكان لها هدف واحد هو تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني أي شطب أهم الثوابت الوطنية والقومية الفلسطينية، وحصل ذلك ارضاءا لكلنتون والصهاينة وترسيخا لمسيرة سلام الشجعان. لا اعرف كيف صوت تيسير قبعة في تلك الدورة مع انها كانت أشبه بحفل زفاف تخللته الفوضى لأن غاية القائمين عليها كانت فقط اجراء التعديلات على الميثاق الوطني الفلسطيني.

قبل وفاته وبسبب خلافاته السياسية مع محمود عباس – أبو مازن – رئيس سلطة الحكم الذاتي المحدود ورئيس ما تبقى من منظمة –أوسلو- التحرير الفلسطينية، قام عباس بوقف مستحقات ومرتب وعلاج تيسير قبعة كمحاولة منه لكسر ارادته وتغيير مواقفه.

ففي قرار عباسي وقح وخسيس أوعز محمود عباس لرئيس المجلس الوطني سليم الزعنون – أبو الأديب – بقطع راتب ومستحقات تيسير قبعة، وأرسل القرار مع صورة ونسختين للصندوق القومي والمالية. طالباً تنفيذه فورا ومتحججا بمبرر لغة تيسير قبعة المتطرفة. أي لغة غير لغة عباس في مخاطبة العالم في البرلمانات العربية والدولية. عند وفاة قبعة قام عباس بوقاحته المعهودة بالاتصال بعائلة قبعة التي جوعها من أجل تقديم العزاء. .

سبق لعباس أن فعلها وعاقب كثيرين بقطع رواتبهم وميزانياتهم ومنهم فصائل فلسطينية مثل الجبهتان الشعبية والديمقراطية. كما وفعل الشيء نفسه مع الرفيق الراحل علي اسحق عضو اللجنة التنفيذية السابق وأمين عام ( ج ت ف ) بسبب مواقفه المعارضة لعباس وتنازلاته.

كان تيسير قبعة رئيساً للاتحاد العام لطلبة فلسطين خلال سنوات عديدة في الستينيات من القرن المنصرم وخلال رئاسته للاتحاد أصبح يضم يضم أكثر من أربعين فرعاً في جميع أنحاء العالم..

ثم في شهر النكسة يونيو – حزيران 1967 ترك الاتحاد وعاد الى فلسطين، بعد أن تخرج من الجامعة وبعد أن نال درجة البكالوريوس في الآداب، ثم الماجستير في التاريخ، ودخل مع العديد من الطلبة الفلسطينيين إلى الضفة الغربية لمقاومة الاحتلال الصهيوني، لكنه اعتقل في القدس في 20 من ديسمبر/ كانون أول من العام 1967. ويتفق هذا مع ما ورد في شهادة الأسير المحرر سكران سكران لموقعي الصفصاف والبداوي.

مكث قبعة في السجن أكثر من ثلاث سنوات، ولكن الاحتلال الصهيوني وتحت الضغط العالمي أبعده إلى الأردن.

رحم الله تيسير قبعة بما له وبما عليه ..

أما شعب فلسطين الوفي لفلسطين، الوفي للمبادئ وللثوابت سيبقى على عهد الشهداء حتى التحرير والعودة.

https://www.youtube.com/watch?v=8nIf8q1fPw8

سكران سكران

نضال حمد في 23-7-2020

مقالات ذات صلة