المقالات

الـ”بلاك بلوك”.. “لغـز” يـزداد غموضاً في مصر

الـ”بلاك بلوك”.. “لغـز” يـزداد غموضاً في مصر

سمدار بيري

كان واضحاً انه ستحين اللحظة التي يُصرون فيها على إدخالنا في الانتفاضة الجديدة في مصر. وكان يمكن أن نُقدر أيضا أن يدسونا في الحرب الأهلية من باب مركزي لا من زقاق ناءٍ.

أعلن المدعي العام المصري، طلعت ابراهيم، نهاية الاسبوع، أن المعتقل الأول في تعقب الـ “بلاك بلوك” – وهي مجموعة الفوضويين الذين يتسللون الى المظاهرات “اعترف” في تحقيقاته بأن اسرائيل أرسلته لتنفيذ عملية ارهابية في منشآت الغاز و”الاختلاط” في المواجهات.

اهتموا بتسريب عنوان سكن المعتقل، واجتهد الصحافيون في استخراج معلومة دامغة من والدين دهشين مذعورين. زعما أنه أصلا مع النظام، لكنهما لم ينجحا في الإقناع بذلك. صاحب مصدر أمني القضية مع خرائط ووثائق “كُشف عنها” عند المشتبه به تُبين موقع أنبوب النفط وسبل الوصول وأوامر تنفيذية تُبين كيفية تخريب المنشآت. أصغِ فقط لأبواق السلطة حيث ستؤدي بك إلى الاستنتاج بأن إسرائيل تتآمر مرة أخرى في مصر: إذا لم يبيعونا الغاز فينبغي ألا ينجحوا في بيعه لآخرين أيضا.

برزت الـ “بلاك بلوك” بصورتها المصرية في الشوارع قبل عشرة ايام في الذكرى السنوية الثانية للثورة. وكان هناك رجال أشداء مع أقنعة ومعاطف سوداء وبنطالات جينز. هذه هي القوة الخفية التي تفصل الآن بين الشباب الغاضبين وبين الإسلاميين وقوات الأمن.

غمرت “البلاك” الميادين دفعة واحدة، وخلّصت عشرات الشابات المحجبات قبل أن يُغتصبن اغتصاباً جماعياً عنيفاً. ووجه من نظم جماعات الـ “بلاك” أوامر صارمة تُبين أنه ينبغي ألا يُكشف عنهم وألا يفخروا أمام عدسات التصوير وألا يتركوا بصمات أصابع تُبين من أرسلهم ومن يدفع إليهم اذا كان يوجد أصلا من هو مستعد للإنفاق على الانتفاضة الجديدة.

صاغ أحدهم وهو “جعفر”- وهو يشبه روبن هود محليا- شعار “إما ثورة حقيقية وإما انتقام”، ودعا كل من يبحث عن أشياء جديدة الى تصفح الشبكات الاجتماعية. وفي كل يوم يمر يصبح اللغز أكثر جذبا.

يقولون إن كثيرين منهم من أبناء الطائفة القبطية. ويقولون انهم الذراع العسكرية لـ “شباب الثورة”، ويشتبهون في ان الفلول، وهم بقايا نظام مبارك، هم العقل والجيب وراء جماعات الـ “بلاك بلوك”، وقد نجحت الأجهزة الأمنية بحسب شهادات الاسلاميين في صيد 17 فوضوياً مقنعاً.

توجه إصبع طويلة الى حمدين صباحي. فهو معبود المتظاهرين وهو المرشح الذي فشل في سباق الرئاسة وهو غير مستعد لإغلاق فمه أمام الرئيس. وقد حاولوا إسقاط شريكيه الآخرين الفائز بجائزة نوبل، محمد البرادعي، والأمين العام السابق للجامعة العربية، عمرو موسى، في شرك اسرائيلي. فقد أصبح البرادعي بعد تصريحه “اجل كانت محرقة” هدفا لشتائم الاسلاميين. وتلقى موسى ضرباً على رأسه بسبب لقاء (لم يتم لكن من ذا يهمه ذلك؟) مع تسيبي لفني نقلت إليه فيه توصيات تُبين كيف يُنحي الرئيس المصري.

حدثت في ليل الجمعة فضيحة، فقد ضبطت قوات الأمن قرب القصر متظاهرا سُحل عاريا وتلقى ضربات وركلات وجُر على الشارع. وكان من سوء حظ السلطة انه وجد من وثق المشهد العنيف ولم توجد وسيلة اعلام عالمية لم تصدر بعناوين صحافية ضخمة. ورد الشباب بالملابس السوداء بمطر حجارة على أسوار القصر.

تُقسم الـ “بلاك بلوك” عبر تغريدات تويتر انه ليست لها أجندة سياسية ولا تنتمي لحزب ما. وهم يعدون المتظاهرين بقولهم جئنا لحمايتكم ولنضمن ألا يطلق الجيش النار وألا يستغل الإسلاميون الفرص في زحام الميادين. إن هذا المشهد، وهو مشهد كتلة عضلية قاتمة اللون مع وجوه مقنعة في خضم من البشر يبدو غريبا، وهو مشهد شاذ غريب في انتفاضة شعبية لا نرى لها نهاية.

“يديعوت”، 3/2/2013

الأيام، رام الله، 4/2/2013

مقالات ذات صلة