المقالات

علامات على الطريق ..جدلية المصــــالحة !!!!!!

علامات على الطريق ..جدلية المصــــالحة !!!!!!

د. يحيي رباح

المصالحة الفلسطينية التي تشق طريقها وسط الصعوبات , و تقف وراء الباب قريبة جدا , و لكن الباب مازال مغلقا , ليست رهينة التفاؤل و التشاؤم كما يتوهم البعض , و ليست الكلمات الطيبة و التصريحات البسيطة التي يطلقها المشتغلون في عملية المصالحة حين يجتمعون !!! و أكبر دليل على ذلك , أن كل جولة من جولات المصالحة كانت تبدأ وسط أجواء احتفالية , ثم تنتهي الأجواء الاحتفالية إلى الفشل و الاحباط , , و ما أكثر الأشياء , و ما أكثر الاتهامات , و هكذا إلى أن تبدأ جولة جديدة , و تستمر عملية المصالحة و لكن بلا مصالحة .

و العجيب فعلا :

أن كل هذا الوقت الذي يهدر سدى بدون الانتقال إلى صياغة حقيقية للمصالحة التي جوهرها بناء نظام سياسي فلسطيني واحد , وصولا إلى دولة فلسطينية واحدة , يتولى إدارة شئون الفلسطينيين في وطنهم , هذا الوقت الذي يهدر سدى يضر بالمصالحة الفلسطينية العليا , و يصيغ الفرص المتاحة , و يطعن في أهلية الفلسطينيين للحصول على دولتهم , و يقلص من حجم الجهود الجدية التي تبذل لمساعدتهم عربيا و إسلاميا و دوليا , و تعود قضيتهم الكبرى العادلة إلى مجرد حلول لأزمات طارئة , أزمة مالية , أزمة كهرباء , أزمة انتهاكات لحقوق الإنسان , أو الحفاظ على تهدئة بلا معنى مع إسرائيل , أو زيارة هذا أو ذاك من الذين لا وزن لهم يأتون لالتقاط الصور على أشلائنا , و يحققون حضورا إعلاميا عارضا على بؤسنا !!!

و الأخطر من ذلك :

أن الانقسام الذي هو في الأساس صياغة إسرائيلية مائة في المائة , يمطرنا بوابل من الاتهامات من أقرب الناس إلينا , و يظهرنا في صورة غير جديرة بالاحترام و الجدية , و يعيدنا مرة أخرى إلى حصن القوى الإقليمية المحيطة بنا لنتعهد بالتزامنا بالسلوك الأمني الحسن مقابل استمرار الحياة ليس إلا .

خلال حشد الصعوبات في طريق المصالحة , تبدو النبرة عالية بينما النتائج هشة و تافهة , تطرح المقاومة ضد المفاوضات , بدون أدنى شكل من المقاومة و بدون أي نوع من المفاوضات , و يبقى الاستيطان و التهويد هو سيد الموقف !!! و يطرح الاختراق الإسلامي ضد المشهد الوطني , بينما القدس التي هي جزء من العقيدة و جزء من الميراث الحضاري لا يلبي ندائها أحد !!! و يطرح موضوع الاعتراف بإسرائيل مقابل دولة لنا في مواجهة عدم الاعتراف و التعويل على المستقبل البعيد !!! كل هذه الثنائيات و المجادلات و التراشقات تؤكد أن المساومة , و أن الابتزاز , و أن تحسين الشروط نتبادله مع بعضنا و ليس مع عدونا الذي يحتل الأرض بكل أشكال الاحتلال ابتداء من القوة العسكرية , و السيطرة على الحدود الجوية و البرية و البحرية , و انتهاء بالأحزمة الأمنية التي تقطع أوصالنا , و الجدران العنصرية التي تخنق أنفاسنا !!! مع أن أبسط الحقوق و الواجبات تفرض علينا أن نتقوى ببعضنا من أجل أن نساوم الاحتلال لا أن نساوك بعضنا !!!

جدلية المصالحة :

تجري بين الأطراف الفلسطينية بالمقلوب , تماما مثل الهرم المقلوب الذي يقف على رأسه و ليس على قاعدته , نتساوم مع بعضنا بقسوة و عناد , نصعب شروط المصالحة إلى حد المستحيل , نزرع طريقها بالأشواك و الألغام , نضخم ما هو بسيط , و نعقد ما هو سهل , و نختبئ وراء عقبات و أوهام هي من صنعنا لكي يبقى الانقسام الذي هو شر كله , و ليس فيه للفلسطينيين أي خير مهما كان بسيطا !!! فأنظروا ماذا يحل بحلمنا في المصالحة , هذا الحلم المقدس الذي تمزقه سيوف المساومات الحادة , بينما إسرائيل المحتلة لنا مطلوقة اليد لا يتعرض لها أحد .

مقالات ذات صلة