أرشيف المنتدى

مخيمنا البداوي.. كيف كان وكيف أصبح!

مخيمنا البداوي.. كيف كان وكيف أصبح!

في مخيمنا البداوي نشأنا، وبين أزقته كانت طفولتنا.. وعلى مداخل حاراته إكتسبنا مع الأقران شقاوة الأيام. وفي حجرات مدارسه علمونا أساتذتنا الأفاضل كيف نجتهد وكيف نغلب الصعاب رفقة الأهل والجيران.

كنا ومخيمنا الحبيب كما السمك في البحر نختنق إذا ما أطلنا عنه البعاد. كان الحديث مع الكبار يعادل في أدبه مخاطبة الآباء والأمهات. كان فرح الجيران فرحنا وكذلك كان العزاء.

رغم أعمارنا الصغيرة ورغم الفقر وغربة الأوطان كنا والحق يقال، نشعر بالأمن والآمان. كان لدينا إحساس لا يخيب بأن الآباء والوجهاء داخل المخيم يملكون مفاتيح الحلول لكل مشكلة قد نواجهها وإن تعاظمت وتفاقمت لكنها تبقى أسيرة حكمتهم الخالية من ثقافة الأبواب المغلقة على رسائل لا ندري من علَّبها وأرسلها.

ما نشهده الآن داخل مخيمنا الحبيب من إعوجاج في القيم وإنحراف بالمفاهيم، يتطلب من العقلاء داخل المخيم ولست أعتقد خلو المخيم منهم، إعادة النظر في كثير من الأمور قبل فوات الآوان.

القلق على كل شيء ومن كل شيء قادم لا نعلمه.. يحتم علينا المصارحة لنقول:

كان عقلاء الماضي الجميل، يأخذون بعين الإعتبار صَغائر الأمور قبل أن تصبح من الكبائر فيصعب حلها.. لذلك نجحوا.

كان عقلاء الماضي الجميل، يخاطبوننا بقلوبهم لكنهم يديرون الأمور بعقلوهم.. لذلك نجحوا.

كان عقلاء الماضي الجميل، يرفضون أن يشاركهم الرأي كل من لا يرى في المخيم عنوان للصدق والإستقامة.. لذلك نجحوا.

كان عقلاء الماضي الجميل، لا يأوون المجرم ولو كان من أقربائهم، ويحاكمون السارق ولو كان من أبنائهم، ويعاقبون القاتل ولو كان من أخوانهم.. لذلك نجحوا.

هكذا كانوا فأين نحن منهم!. لا أكتب الشيء الجديد إن قلت أن وضع المخيم لا يرضي أحداُ وأنه مليء بالكثير من المفساد الثقافية والإجتماعية. لذلك نطلب من العقلاء فيه قبل غيرهم، التحرك السريع لإطفاء ما تحت الرماد. فالمتربصون بالمخيم كثر والكارهين له أكثر والساعين لتدميره وتدمير رمزية العودة للوطن السليب ينتظرون الفرصة السانحة لتحقيق أهدافهم. وقتها الكل سيدفع الثمن.. والكل سيخرج خاسراً.. وسنبكي على مخيم خرَّج العلماء والأطباء وكان رغم قلة إمكانياته مركزا للعلم والثقافة.. لا كما نراه الآن مرتع لكل سارق ومارق ومتسلق وقاتل وفارٍ من وجه العدالة!

فهل يحسن العقلاء صُنعاً.. قبل فوات الآوان!

“اللهم أني قد بلغت اللهم فأشهد”

ولنا لقاء

أبورياض