الشتات الفلسطيني

علي بركة ” لـ”النهار”: علاقتنا بالحزب وإيران ثابتة ويدنا ممدودة لحل الأزمة في سورية

ابراهيم بيرم: “علاقة حركة “حماس” بـ”حزب الله” “علاقة طبيعية، وفق ما ينبغي أن تكون العلاقة بين تنظيمين قاما على أساس مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ومقاومة مشاريعه”.

على هذا النحو يعرف ممثل الحركة في لبنان علي بركة العلاقة مع الحزب، ولا يحبذ إطلاقاً أن يصفها علاقة اعادة “احتضان” كما يسميها البعض او عودة للعلاقة بعد قطيعة أو جفاء، وفق تعريف البعض الآخر، أو أنها علاقة الضرورة كما يحلو لفريق ثالث أن يطلق عليها، منطلقاً من القول، بأن العلاقة عادت أخيراً الى طبيعتها بعدما أخفقت رهانات الحركة على الوضع الناشئ والمتحول اخيراً في مصر أو سواها.

ويقول بركة: “ثمة ثابت أساسي في علاقة الحركة مع القوى والدول، هو علاقتها بالقضية الفلسطينية قرباً أو ابتعاداً، فالحركة لا تقطع علاقة أو تبني أخرى إلا على هذا الأساس ووفق هذا المقياس. وهذا ما ينطبق على علاقتنا مع “حزب الله”، فنحن علاقتنا ثابتة أساسية بالحزب منذ نشأته واستطراداً منذ الإنتفاضة الفلسطينية الاولى في أواخر عقد الثمانينات”.

ويضيف: “صحيح اننا اختلفنا حول الملف السوري، ولكنه كان خلافاً سياسياً حول رؤية معينة لم يدفعنا الى مرحلة قطع العلاقة من جانبنا أو من جانب الحزب”.

ثم يقول: “أما خلافنا مع النظام السوري فلم يكن خلافاً سياسياً، كان خلافاً ذا طابع أخلاقي وإنساني، إذ اعترضنا على مسألة ذهاب هذا النظام الى الحسم العسكري ولجوئه إلى العنف وسيلة للتعامل مع الشعب السوري الذي يطالب بحقوق مشروعة، ومع ذلك فنحن كنا ولا زلنا مع حل سياسي في سوريا يحفظ وحدة هذا البلد ودوره وموقعه ويحقق للشعب السوري تطلعاته وأهدافه.

ونحن لا يمكننا إلا أن نقف هذا الموقف ولا يمكن أن نتراجع عنه، فنحن حركة تحرر نطالب بحقوق الشعب الفلسطيني، لذا لا يمكن إلا أن نكون مع انتفاضة الشعب السوري للمطالبة بالكرامة والعدالة والحرية”.

وأضاف: “لم نتدخل في الشأن السوري الداخلي ولا نسعى الى التدخل خلافاً لكل ما قيل ويقال، لذا نحن نرفض القول أننا نقاتل في سوريا إلى جانب المعارضة السورية. قلنا هذا مراراً ونقوله مجدداً. نحن ندرك أن سوريا سند أساسي وتاريخي للشعب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية منذ ما قبل عام 1948، ونعي دور الشعب السوري في دعم نضالات الشعب الفلسطيني منذ أيام الانتداب البريطاني، وندرك تماماً أن أول قائد فلسطيني قاتل واستشهد على أرض فلسطين هو سوري، وهو القائد الشيخ عز الدين القسام أحد أبرز رموزنا التاريخيين… نحن لا يمكن أن ننسى دور سوريا وموقفها التاريخي في احتضان القضية الفلسطينية ودعم رحلة النضال الطويلة للشعب الفلسطيني، هذا أمر، والخلاف الإنساني والأخلاقي الحالي مع النظام السوري وطريقة تعامله مع انتفاضة الشعب السوري أمر آخر”.

ونسأله هل من جديد في إعادة وصل ما إنقطع بينكم وبين دمشق، يجيب بركة: “نحن أيدينا ممدودة من أجل إنهاء الأزمة في سوريا بما يحقن دماء الشعب السوري من جهة ويحفظ دور سوريا من جهة أخرى ويدعم المقاومة ومحورها ونهجها.

وعما قيل عن جفوة حصلت في العلاقة مع “حزب الله” خلال العامين الماضيين يقول بركة: “لم نقطع علاقتنا مع الحزب رغم خلافنا معه حول الوضع في سوريا، وهناك تواصل دائم وتشاور مع الاخوة في الحزب حول كل القضايا والملفات. خلافنا مع الحزب حول الملف السوري لم يفسد الود، ولم يسقط مسألة أن ثمة قواسم مشتركة عديدة وتاريخية”.

ولا ينكر بركة اعتراض الحركة الصريح على مشاركة قوات من الحزب في المعارك في سوريا، “خصوصاً أن الحزب كان مع وجهتنا في ضرورة السعي لبلوغ مرحلة الحل السياسي والتسوية للأزمة في سوريا”.

ويؤكد أنه “في ربيع عام 2011 قمنا والحزب بمبادرة مشتركة لمعالجة الازمة في سوريا قبل أن تتحول إلى أزمة مسلحة ومواجهات عسكرية واسعة إذ زار رئيس المكتب السياسي للحركة الأخ خالد مشعل لبنان والتقى الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، ووضعا أسس مبادرة مشتركة للحل وتحقيق المصالحة والحيلولة دون إنزلاق الأوضاع نحو الأسوأ، ووافق يومها الرئيس السوري بشار الأسد على المبادرة ولكن بعد أيام قليلة أوقفت المبادرة من جانب القيادة السورية وقد استغربنا هذا التصرف ولا سيما أن الرئيس الأسد بارك المبادرة”.

وأضاف بركة: “نحن رفضنا تورط “حزب الله” في سوريا، لأننا لا نريد للمقاومة أن تخسر من رصيدها العربي، لذلك وفي حزيران الماضي أصدرنا بياناً طالب صراحة الاخوة في “حزب الله” بالانسحاب من سوريا وترميم العلاقة مع العالم العربي والاسلامي وأعلنا استعدادنا للمساهمة في حال قرروا الانسحاب من سوريا بغية اعادة الامور الى مجاريها”.

ونسأله هل ما زال بالامكان اعادة الاعتبار لهذه المبادرة السياسية؟

أجاب: “لقد قالوا لنا في حزيران الماضي انهم دخلوا الى سوريا للقتال مضطرين، وهم ينتظرون حصول تسوية للخروج وطلبوا منا ان يكون لنا دور في ذلك. ولكن نعتقد أن الأزمة في سوريا لم تعد أزمة سورية أو عربية صارت أزمة دولية كبيرة وصارت روسيا وأميركا هما من يقرران، وفي تقديرنا ان الاخوة في ايران يمكن أن يؤدوا دوراً لايجاد مخرج يحقن الدماء ويخرج سوريا من أزمتها، وبالتالي يخرج “حزب الله” من تورطه في الساحة السورية”. ويرفض بركة القول بأن حركة “حماس” غادرت محور المقاومة، ويؤكد انها “رأس حربة المقاومة سواء كانت موجودة في دمشق أو طهران أو الدوحة أو القاهرة أو في أنقرة. ونحن نريد اليوم قبل الغد وضع حد للأزمة في سوريا، لأن الخاسر الأكبر من استمرار الأزمة هو القضية الفلسطينية والمقاومة عموماً، ونريد أن يعود لسوريا دورها المحوري والاقليمي لأن ذلك سند للقضية الفلسطينية”.

واشار الى أن قيادة الحركة “تسمع عتاباً يصدر عن المسؤولين في سوريا، فهم يقولون ان “حماس” تركتنا وكان يجب أن تقف معنا، ونكرر أن موقفنا معروف وخلافنا معهم خلاف انساني واخلاقي حول مسألة التعامل مع انتفاضة الشعب السوري، ونكرر اننا لم نخرج من المقاومة أو محور المقاومة فـ”حماس” هي المقاومة.

ونحن الذين خضنا آخر حربين عربيتين مع اسرائيل في عامي 2008 و2009 (حرب الفرقان) وفي عام 2012، وفي الحرب الاخيرة لم نكن موجودين في دمشق إذ كنا قد غادرنا، ومع ذلك حاربنا ولم نتخل عن المقاومة، وقد نجحنا في ضرب تل أبيب. ونحن عندما كنا في دمشق لم نقطع علاقتنا مع كثير من العواصم، فنحن لا نخضع في سياستنا لمحاور معينة. ونذكر انه في الحرب الاسرائيلية على غزة في عامي 2008 و2009 تشكلت غرفة عمليات سياسية في دمشق ضمت وزيري الخارجية السوري وليد المعلم والتركي داود أوغلو، وكان وقتها مستشار رئيس الحكومة والأخ خالد مشعل وكانت طهران والدوحة تدعماننا.

وخلص الى “اننا لم نكن يوماً في محور ضد محور آخر ليقال اننا خرجنا من محور لندخل محوراً آخر. “حماس” لم تتغير أو تتحول، لذلك كل الكلام عن عودتنا الى محور المقاومة كعودة الابن الضال كلام غير دقيق، ولا ينم عن فهم تام للحركة ونهجها وتوجهاتها، وكذلك فإن علاقتنا مع “حزب الله” لم تنقطع لتعود الى سابق عهدها؟

وللعلم، الحديث مع بركة جرى في مقر حركة “حماس” في عمق الضاحية الجنوبية حيث كان وما يزال.

النهار، بيروت، 14/8/2013

مقالات ذات صلة