الشتات الفلسطيني

تحركات لتهجير الفلسطينيين تحت شعار الهم الأمني والمعيشي

يحلمون بالهجرة من أوطانهم، الى وطن بديل، واقع لا يبدو غريباً على الشباب العربي، ولكن من يملك وطناً تحت الاحتلال، فإن الأمر قد يبدو مغايراً، حيث الحلم بالعودة يتوارثه الأجيال…

ولكن، ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل، واقع لا ينطبق على الفلسطينيين في مخيمات اللجوء اللبنانية، حيث الحرمان من العمل في أكثر من 70 مهنة وتسليط الأضواء على المخيمات كبؤر أمنية، جعل الشباب يحلم بالخروج من هذا المأزق…

حلم استغله البعض من حيث يدري أو لا يدري، للقيام بحملات وتحركات تطالب بالهجرة الى الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي يضعه المطلعون ضمن خطط لتهجير الفلسطينيين من لبنان تمهيداً لإلغاء حق العودة…

مخاوف جدية على الهوية والإنتماء الوطني من تحركات جهات نافذة انطلاقاً من السفارات الغربية لتشجيع الشباب على الهجرة ونسيان قضيتهم…

“لـواء صيدا والجنوب” يسلط الضوء على هذه القضية والتحركات الساعية لتوعية الشباب الفلسطيني على التمسك بحق العودة…

تحركات بدعم غربي

بين الأزقة الضيقة والطرقات التي تعج بالإزدحام، هم واحد يؤرق الشباب الفلسطيني في مخيمات الشتات في لبنان، وهو هم البحث عن عمل، وربما يتشابه الأمر مع الشباب اللبناني، لكن يزاد الواقع قسوة بفعل القوانين التي تحرم اللاجئين الفلسطينيين من العمل في العديد من المهن، الأمر الذي يبقي لهم خيار العمل في المهن البسيطة، فيما الشباب الجامعي يبحث عن فرص بديلة في دول الاغتراب.

هذا الواقع استغله البعض من خلال الارتباط بسفارات أجنبية لتشجيع الشباب على الهجرة من لبنان، وبما أن المطلب “كلام حق إريد به باطل”، فإن بعض الشباب سارع الى المشاركة في هذه المسيرات والتحركات التي نفذت أمام سفارات أجنبية في لبنان للمطالبة بالهجرة، الأمر الذي يرى فيه المراقبون لهذه التحركات خطوة تمهيدية لتهجير الفلسطينيين من مخيماتهم وإلغاء حق العودة.

التحاور مع الشباب

* مسؤول “الجبهة الديمقراطية” في صيدا فؤاد عثمان قال: لا خوف على التمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين في لبنان على اعتبار أن جميع اللاجئين الفلسطينيين يعلنون تمسكهم بالعودة الى ديارهم وفق القرار 194، وهذا حق جماعي وفردي ثابت لا يمكن أن يسقط بالمفاوضات أو بتقادم الزمن. وقد تفاجأنا بأن هناك مجموعة من الشباب، تحت عنوان الهجرة بسبب الحرمان من الحقوق المدنية والفلتان الأمني في المخيم، باتت تطرح موضوع الهجرة من المخيمات الفلسطينية في لبنان الى الدول الأوروبية، وهؤلاء هم جزء من ابناء شعبنا الذين لا يمكن لهم التخلي عن حق العودة، ولكن دخل اليهم اليأس بسبب عدم قدرة القيادات السياسية الضغط على السلطة اللبنانية لاقرار الحقوق المدنية والإنسانية للشعب الفلسطيني وعدم المقدرة على ضبط الوضع الأمني في المخيمات، وخصوصاً مخيم عين الحلوة.

وأضاف: سوف نحاور هؤلاء الشباب الذين هم أسرى هذه الأفكار، ولا يعلمون مدى خطورتها، وقاموا بهذه الخطوة بطريقة عفوية رغم قناعتنا أن هناك مجموعة مرتبطة ببعض السفارات الأوروبية والأميركية، تهدف الى جر الشباب في المخيمات للتهجير، وسوف نقوم من خلال الحوار بإبطال هذه المشاريع، ونركز مع القوى الوطنية والإسلامية على ضرورة تعزيز دورها في انهاء الفلتان الأمني في المخيمات لنزع هذه الذريعة.

الحرمان والضغط الأمني

وأكد “أن هناك حرمان في مخيمات لبنان ومشروع يستهدف الى تهجير اللاجئين، والسلطة اللبنانية من حيث تدري أو لا تدري فهي مساهمة في هذا المشروع من خلال الاصرار على عدم منح الحقوق المدنية للاجئين والضغط على المخيمات من خلال التهويل الأمني، رغم أننا في المخيمات نعيش أوضاعاً أكثر استقراراً من بعض المناطق اللبنانية، وإن كنا نرى بعض الحالات الفردية التي تحصل داخل المخيمات على غرار ما يحدث في المنطقة ضمن عنوان الربيع العربي وخصوصاً ما يجري في سوريا ولبنان، لأننا جزء من هذا النسيج، والشباب قد ينجرون الى بعض الأمور، لكن لا يستطيعون جر المخيمات الى الفلتان الأمني، لذلك نناشد وسائل الإعلام عدم المبالغة في تسليط الضوء على الأحداث وتحميل المخيم أكثر مما هو عليه الواقع، ونؤكد بأننا ننأى بأنفسنا عن الصراع اللبناني ونقف على الحياد الإيجابي”.

وختم عثمان: نعرف الأشخاص الذين يحملون مشروع التهجير وارتباطهم بالسفارات الأجنبية من خلال العمل المنظم والمنسق الذي يقومون به، والأخطر هو من يفكر في جر المخيمات الى التهجير بما يخدم المشاريع الخارجية وانهاء قضية اللاجئين، ولكن لا سلام ولا استقرار في الشرق الأوسط إلا بعودة اللاجئين الى ديارهم، وما شهدناه من اعتصامات تطالب بالهجرة كان المشاركون فيها من الصبية وعددهم كان ضئيلاً، ولكن نحن لا نريد الدخول بأسماء الرموز التي تشجع على مشروع الهجرة، لأننا سنعمل على حوارهم، وإن لم يقتنعوا بالحوار سنكشف هذه الأسماء، ولذلك أقيم بدعوة من “المركز الثقافي الفلسطيني” لقاء للتأكيد على حق العودة بمشاركة 12 شاعراً والفنانة ميرنا عيسى.

أصوات نشاز

* بدوره رئيس “جمعية التكافل الخيري الاجتماعي” أبو وائل كليب قال: منذ مدة وجيزة رأينا أن المثقفين الفلسطينيين ابتعدوا عن خلق ثقافة جديدة في التأكيد على حب الشباب لوطنهم، مما سمح بإرتفاع أصوات النشاز للبعض والتي نسمعها اليوم وتدعو الى الهجرة، وذلك ليس كرهاً بفلسطين ولكن بالظلم الواقع على اللاجئين في لبنان، من خلال الضغط على المخيمات وعدم وجود فرص عمل، مما يجعل الشباب الفلسطيني يتساءل لماذا يتابع دراسته الجامعية، إن كان الأمر في نهاية المطاف هو العودة لبيع الخضروات أو التسكع في الشوارع.

وأضاف: من هنا بدأت نظرية الهروب الى المجهول تسيطر على بعض الشباب، ورغم أننا في السابق تعرضنا لظلم وقسوة حين كان الطيران الاسرائيلي لا يغادر المخيمات منذ السبعينيات، لكن كان الشباب يصر على التمسك بالقضية الفلسطينية وحب للوطن، ولكن الفجوة التي حدثت منذ العام 1982 وحتى يومنا هذا خلقت بعداً بين القيادات المثقفة الفلسطينية والشباب الصاعد حالياً، وابتعد الأخير عن قضيته ولجأ الى التسكع في الطرقات وتعاطي الممنوعات والتهرب من تحمل المسؤولية في ظل الضغوط الاجتماعية.

وختم كليب: هؤلاء الشباب لا يريدون الهروب من فلسطين ولكن من الظلم الواقع عليهم في لبنان. من هنا علينا كمثقفين اعادة فتح المراكز الثقافية واستقطاب الشباب واعادة تنشيط الفكر والوعي للحفاظ على الانتماء للوطن، وخير مثال على ذلك أنه رغم وجود ادوار سعيد في بلاد الاغتراب كانت وصيته أن يدفن في أرض الوطن، فعلينا تغيير أفكار الشباب السلبية والتأكيد على أهمية البقاء على مقربة من الوطن رغم كل المضايقات والضغوطات.

لقمة العيش والتمسك بالوطن

* أما عضو موقع “الترتيب العربي” أمنة كامل عوض قالت: لسنا مع الدعوات التي يطلقها البعض للهجرة، لأنها تساعد على مشروع التهجير، فإن سافر الشباب تضعف لديهم الرغبة في المطالبة بحق العودة بل التفكير بكيفية تأمين لقمة العيش التي يحرم منها الفلسطيني في لبنان، مما يضطرهم الى الهجرة، ونحن ضد هذه الفكرة.

* بدوره عضو الهيئة الادارية لـ “جمعية تواصل” الطالب الجامعي جلال محمود طحيبش قال: نحن كشباب فلسطيني نتمسك بحق العودة لفلسطين، أما ظاهرة الهجرة التي ظهرت مؤخراً فنحن لا نؤيدها ونشدد على حق العودة، فبعد مرورة 65 من التهجير لا يعقل أن نهاجر لبلاد أخرى، وإن كنا مع السفر للتعلم أو العمل، ولكننا لسنا مع ظاهرة الهجرة الجماعية التي تتصاعد في هذه الأيام، ويمكن علاج هذه القضية من خلال الاصلاحات السياسية والاقتصادية للمخيمات والتركيز على البنية التحتية والمطالبة بحق العمل وتعزيز الفكر واقامة مشاريع تعزز فرص العمل للشباب الفلسطيني في لبنان.

التمسك بالقضية ومواجهة الخيارات الصعبة، أمور تزيد من معاناة اللاجئين الفلسطينيين أينما كانوا وحيثما حلوا، فيما الأمل يبقى بتحقيق حلم العودة الى الديار مهما طال الزمان أو قست الظروف عليهم.

الجمعة, 21 فبراير 2014 01:08

موقع مخيم الرشيدية

سامر زعيتر

مقالات ذات صلة