د. يوسف جبارين: خطاب نتنياهو – “مسرح دمى” تحركها خيوط القوّة والسيطرة والاستعلاء
استاذ القانون والنائب السابق في القائمة العربية المشتركة،د. يوسف جبارين، قال في تعقيبه على خطاب نتنياهو: “ان مجرد دعوة نتنياهو الى الكونغرس في الوقت الذي تبتّ فيه محكمة العدل الدولية بانتهاكات اسرائيل لمعاهدة منع ومعاقبة الابادة الجماعية، وفي الوقت الذي تبتّ فيه محكمة الجنايات الدولية بطلب اصدار مذكرة اعتقال ضده بتهمة ارتكاب جرائم حرب، هذه الدعوة تضرب بعرض الحائط معايير الشرعية الدولية وأسس القانون الدولي، وتؤكد ان الكونغرس الامريكي لا يزال رهينة قوى اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وفي اسرائيل”.
وأضاف: “لقد تجلى ذلك فعلًا في مسرحية التصفيق المتواصل خلال خطاب نتنياهو امام اعضاء الكونغرس، وكأن الحديث عن “مسرح دمى” تحركها خيوط السيطرة والقوّة والاستعلاء بحيث تجرد المشاركون من ابسط المعايير النقدية. بل وصفّق اعضاء الكونغرس حتى حين اطلق نتنياهو تصريحات تتناقض والمواقف الامريكية الرسمية في مشهد مفضوح من النفاق الجماعي والازدواجية الممجوجة”.
وأكّد جبارين: “لقد جاء خطاب نتنياهو خطابًا عسكريًا واستعلائيًا وكولونياليًا، مدافعًا عن الرواية الصهيونية التوراتية بكاملها، ومهاجمًا جمهور المتظاهرين ضد الحرب في الولايات المتحدة، ومستهزئًا بمواقف المؤسسات الأكاديمية فيها التي تجرأت وانتقدت سياسات حكومته. كما وهاجم نتنياهو محكمة العدل الدولية وكل من يساندها، وتحدث وكأنه “الاب الروحي” للمجتمع الامريكي برمّته والمرشد الأعلى للسياسيين الامريكيين، بما يتناقض حتى مع ابسط قواعد واعراف الخطاب الدبلوماسي لرئيس حكومة امام برلمان دولة أخرى”.
وأضاف جبارين: “واللافت في خطاب نتنياهو ايضًا هو ما غاب عنه، فلا مكان في خطابه للشعب الفلسطيني ولا مكان لدولة فلسطينية، ولا مكان حتى لمفاوضات “على عينك يا تاجر” مع الفلسطينيين. نتنياهو عرض عمليًا في خطابه الترجمة الفعلية لقانون القومية اليهودية الذي بادر شخصيًا الى تشريعه، بكل ما يحمله هذا القانون من تنكر للفلسطينيين ولمكانتهم ولحقوقهم التاريخية، وذلك ضمن نشوة القوّة والسيطرة التي طغت عليه. اما في حديثه القليل عن “اتفاق” مع بعض الدول العربية فقد كان واضحًا في طرح نتنياهو بان الاتفاق الذي يسعى اليه لا يأتي من منطلقات السلام في المنطقة او للوصول الى حلّ متفق عليه، بل هو اتفاق للتطبيع مع الدولة الواحدة، اليهودية الصهيونية، ولترسيخ الفوقية اليهودية، بحيث وضع نتنياهو ايران في موقع التهديد على السلام العالمي وكأنه لا احتلال ولا تشريد ولا دمار، وكأن ماكنة الحرب لم تحصد حتى الآن عشرات الاف الارواح من النساء والاطفال والشيوخ”.
واختتم جبارين: “وتبقى اللافتة المتواضعة التي رفعتها خلال الخطاب عضو مجلس النواب، رشيدة طليب، شاهدة على التاريخ بما كُتب عليها بالإنجليزية: مُجرم حرب”