المقالات

أطلِقوا سراح مروان البرغوثي

أطلِقوا سراح مروان البرغوثي

أمنون شاموش

بحسب معرفتي القليلة وفهمي الضئيل في الشرق الاوسط المتقلب، فإن الشخص الصحيح – ولن نقول الوحيد – الذي يمكن ان ينتخبه الشعب الفلسطيني بحماسة ويكون شريكاً جدياً في السلام هو مروان البرغوثي. أعرف أفعاله وأتذكر محاكمته، ولن يكون من السهل الثبات في وجه عاصفة المشاعر التي ستهب معارضة الافراج عنه. لكن خطوة جريئة كهذه فقط يمكنها أن تشعل ستارتر السيارة العالقة منذ 100 سنة والتي تمنع الحركة وتكلفهم الدم الكثير.

تستطيع خطوات جريئة وشجاعة وغير مقبولة فقط أن تُخرجنا من الوضع الانساني لقبيلتين يقتل بعضهما بعضا منذ أكثر من 100 سنة وتختصمان على قطعة الارض نفسها التي أخذت تمتلئ بالقبور.

توجد سبل قانونية أو سياسية تفضي الى الافراج عن البرغوثي كعفو الرئيس عنه مثلا. ويكون هذا عملاً حقيقياً من أجل السلام الذي يسعى إليه الحاصل على جائزة نوبل للسلام عندنا. وقد تكون هذه فرصة للحصول مقابل ذلك على الافراج عن جونثان بولارد.

تمت أمور كهذه في التاريخ. فرؤساء وزراء كانوا ارهابيين كباراً أصبحوا مقبولين مُقدرين عند شعوب كثيرة بل عند شعبنا. للحقائق جانبان يسمى أحدهما “إرهابياً” والآخر محارب حرية. يكون مكروهاً عند أعدائه جليلا في نظر أبناء شعبه، والأعمى وحده لا يرى هذا ولا يفهمه.

إن زيارة الرئيس اوباما ووزير خارجيته النشيط لاسرائيل والسلطة الفلسطينية تهيئ تهيئة واسعة لنشاط أصيل من هذا النوع يحطم الجليد ويعيد حكومتنا الجديدة الى خطبة بار ايلان التي عبرت عن بدء سلامة العقل في النوافذ العليا. ثمة تعب من الحروب وثمة استعداد لمجتمع راغب في الحياة للتوصل الى مصالحة عادلة مؤلمة توافق الأكثرية الكبرى منذ زمن على اطارها ومبادئها – في المجتمع الاسرائيلي وفي المجتمع الفلسطيني وعند العم في اميركا الذي نأكل على مائدته نحن وجيراننا في شره. انه ذلك العم الذي قال عنه ستانلي فيشر مؤخرا انه “لم يعد غنيا ولا صديقا كما كان”. ومن الحسن انه برغم مشكلاته المالية والعالمية ما زال يرى الشرق الاوسط هدفا مناسبا (لا يقل عن الشرق الاقصى) ليستثمر فيه ارادة خيّرة وجهودا ومالا للافضاء الى سلام بين ابني العمومة الصغيرين المتطرفين الصقرين ومنع حريق لا يمكن السيطرة عليه. ونقول بعبارة صريحة: حرب عالمية ثالثة. نحن شعب يحب ان ينشد “مرحى للثقاب…” وعندنا فرصة للامتناع عن ان نكون ثقابا يشعل ويُنشب الحروب.

أسكن مع أبناء شعبي. وهو شعب يائس من السلام ومتعطش اليه. وهو شعب سيغضب من اقتراحي الجريء بل سيغضب عليّ. وهو شعب أخرجه الثكل عن طوره. وهو شعب يعمل عملا صعبا وتتجه ثمرة عمله لانتاج وسائل مدمرة. وهو شعب وجوده يُسوغ تهديده. وهو شعب أضاع الطريق لكنه يعلم انه يمكن ان يقول “نجحنا” فقط بعد تسوية مرحلية لدولتين في هذه الارض الصغيرة. وهو شعب غاضب على سيدنا موسى لأنه لم يأخذنا الى اسكندنافيا، ومع ذلك كله يحب هذه الارض حبا عميقا وهو شديد الصلة بها وهو مستعد لتقاسمها بالطريقة التي بدأها بن غوريون.

وثمة جملة أخيرة للكثيرين الذين سيُغضبهم اقتراحي. أقول وجهوا من فضلكم الغضب على الأخطاء الكثيرة، والكراهيات واضاعة الفرص التي أفضت الى هذا الوضع المخزي حقباً طويلة، وافهموا ان المصالحة ستنقذ من الضياع وانه لا توجد آمال دون مخاطرة. وانه يحسن استغلال أثر اوباما. ونُذكر بيبي بقولنا إما اوباما وإما بينيت.

إن مروان البرغوثي هو الشريك الذي يُجله أبناء شعبه. وقد كان له ما يكفي من الزمن في السجن ليفكر في حل. وهو قوي يحبه أبو مازن. وهو أفضل كثيراً من خالد مشعل. فأنا أتوجه شخصيا بهذا الى الرئيس والى رئيس الوزراء قائلا: زنا الأمر. وأتوجه الى الجمهور قائلا: ستغضبون عليّ لكنكم ستؤيدون اقتراحي بعد تفكير ثانٍ وتفكير في الأجيال التالية.

“يديعوت”، 14/2/2013

الأيام، رام الله، 15/2/2013

مقالات ذات صلة