المقالات

ليبرمان: جسد داخل القفص، وقلب في حقيبة الخارجية !

ليبرمان: جسد داخل القفص، وقلب في حقيبة الخارجية !

د.عادل محمد عايش الأسطل

بعد فترة طويلة من التحقيقات، بدأت مساء اليوم الاحد 17-2 محاكمة وزير الخارجية الاسرائيلي السابق والمثير للجدل-عربياً ودولياً- رئيس حزب (إسرائيل بيتنا) “أفيغدور ليبرمان” أمام محكمة الصلح الاسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، بتُهم تتعلق بممارسة الاحتيال والغش وخيانة الثقة، في قضية تعيين “زئيف بن أرييه” سفيراً لإسرائيل لدى (لاتفيا) وذلك بعد أن سرّب له معلومات عن سير التحقيقات، التي جرت ضده عندما أشغل “بن أرييه” منصب السفير الإسرائيلي في بيلاروسيا.

وصل “ليبرمان” إلى قفص المحكمة، وهو يرتدي بدلة جديدة وربطة عنق زرقاء، وكأنه لدى مؤتمر هو من عقده للضرورة ليس إلاّ، يرافقه فريق تأسس للدفاع عنه برئاسة الدكتور” يعقوب وانروث” الذي رفض الإدلاء بأي تصريح لوسائل الإعلام. وتكفّل منذ البداية بإعطاء ردٍ مفصلٍ على لائحة الاتهام، حيث تضمّنت النفي والإنكار لكافة التهم الموجهة إلى موكله، بعد الاستماع إلى المدعي العام “ميشال سيبيل” الذي سرد على المحكمة لائحة الاتهام أمام لجنة المحكمة المكونة من ثلاثة قضاة برئاسة القاضي “هاغيت ماك”.

وأكّد فريق الدفاع بأن “ليبرمان” تصرّف بشكل قانوني منذ دخوله في السلطة ولم يرتكب أية جريمة جنائية، وخاصةً في مسألة تعيين “بن أرييه” الذي تم تعيينه بالإجماع وبمعرفة اللجنة الوزارية للحكومة.

لكن ما يُضعف من موقف “ليبرمان” ولدرجةٍ عالية، هو موقف نائبه السابق في وزارة الخارجية “داني أيالون” الذي هو على علم بدقائق الأمور، في كل ما يتعلق بمكتب وزارة الخارجية، بغض النظر عن عملية اسثنثاءه من قائمة مرشحي الحزب (يسرائيل بيتنا) في الانتخابات التاسعة عشرة للكنيست الأخيرة، لأنه سيكون شاهد الادعاء الرئيسي في هذه المحاكمة. ويُشار إلى أن رئيسة هيئة القضاة “حاجيت ماك كلمنوفيتش” كانت القاضية في قضية السفير “زئيف بن أرييه، الذي اتهم بتشويش التحقيق في قضية “ليبرمان”، عبر تسليمه مواد حساسة خاصة بمسار التحقيق في القضية، وحكمت عليه بأربعة أشهر يقضيها في خدمة الجمهور، بعد أن كانت النيابة العامة قد طلبت الحكم عليه ستة أشهر.

وبالرغم من الوضع السيء والأكثر حرجاً الذي يمر به “ليبرمان”، فإنه سيطلب من المحكمة تسريع الإجراءات القضائية آملاً في الانتهاء من ملف القضية، والتمكن من الحصول على حقيبة سيادية في الحكومة المقبلة، وخاصةً حقيبة الخارجية، بالرغم من تفوهاته السابقة من أنه أقل حرصاً على تلك الحقيبة، وأنها لم تُسجل على اسمه في دائرة (الطابو) – دائرة تسجيل الممتلكات – كما تجدر الإشارة إلى أن راديو الجيش الإسرائيلي في مقابلة خلال الشهر الماضي، أكّد “ليبرمان” بإنه سيعتزل الحياة السياسية نهائياً إذا ما تمّت إدانته في القضايا المنسوبة إليه، لكن ما يجري الآن هو الحديث عن نيّة احتفاظ رئيس الوزراء “بنيامين نتانياهو” بحقيبة الخارجية ريثما تنتهي الاجراءات القضائية ويتسنى “لليبرمان” العودة إليها في تشكيلة الحكومة الجديدة.

وكان يأمل “ليبرمان” في الانتهاء من الإجراءات القانونية، قبل حصول الانتخابات الأخيرة، لكن المفاوضات التي جرت بين محاميه والادعاء، انتهت دون نتائج، حيث كان “ليبرمان” يسعى إلى تسوية القضية بصورة أو بأخرى دون الحاجة إلى المساس بمكانته السياسية والدبلوماسية.

ويُتوقع أن يطلب “ليبرمان” من المحكمة منذ الآن، تسريع الإجراءات القضائية آملاً في طي ملف القضية مما سيمكنه من الحصول على حقيبة (الخارجية) في الحكومة الاسرائيلية المقبلة.

في سياق متصل توجهت عضو الكنيست “ميراف ميخائيلي” إلى رئيس الحكومة “نتانياهو” بعدم الاحتفاظ بحقيبة الخارجية “لليبرمان” وذلك لتمكين موظفي وزارة الخارجية من الشهادة ضده دون الخوف من فقدان وظائفهم. “ميخائيلي” استندت إلى تصريحات “ليبرمان” ذاته الذي قال إن الاتفاق مع (حزب الليكود) يقضي ببقاء حقيبة الخارجية بيده وأن “نتانياهو” سيحتفظ بها ريثما تنتهي محاكمته.

وكان اختلف خبراء القانون في إسرائيل بحق “ليبرمان” في تولي حقيبة الخارجية بعد توجيه الاتهامات إليه. فبينما قال البرفسور القانوني “مردخاي كرفنيتسر” بأنه لا يجوز تعيين شخص مثل “ليبرمان” وزيراً للخارجية بالمطلق، وأن هذا أمر لا جدال فيه”. فقد أكّد آخرون، بأن لا مانع في القانون” من توليه منصب وزير الخارجية، إلاً أنه لا يستحقها وهو غير مناسب لها”.

وذلك باعتمادهم إلى وجود ملفات إضافية تحتوي اتهامات ومخالفات خطيرة ضد “ليبرمان” منها القيام بالاحتيال والرشوة واستغلال المنصب، متسائلين بأنه من غير اللائق وجود مرشحين لتولي منصب هام كالخارجية، قد وُجهت إليهم تُهماً بالنصب والاحتيال، وحتى في حال حصول رضا الحكومة، فإن الجمهور الإسرائيلي سينظر إلى ذلك بشكل سلبي جداً.

ويشار إلى أن مكتب رئيس الحكومة رفض الحديث حول ما إذا كان “نتانياهو” قد استشار المستشار القانوني للحكومة أو آخرين بخصوص شرعية الاتفاق مع “ليبرمان” أم لا، في حين قال أحد الخبراء في القانون، يتوحب على المستشار القانوني عدم انتظار الاستشارة والمبادرة في إبداء رأيه حول الموضوع، مشيراً إلى أن خطوة “نتانياهو” بالتحالف مع “ليبرمان” – الليكود بيتنا- لا تشير إلى أنه ينظر بخطورة إلى قضية الأخير. لأنه لا يزال مأخوذٌ بسحره، أو يخشى اندثاره من بعده.

خان يونس/ فلسطين

مقالات ذات صلة