اخبار الوطن العربي

جيولوجي ألماني: أزمة المياه في فلسطين أمر سياسي بامتياز

جيولوجي ألماني: أزمة المياه في فلسطين أمر سياسي بامتياز

رام الله – تغريد سعادة: “ما هذه الخرافة؟ فلسطين بلد جاف؟ هراء بالطبع” هكذا يقول الجيولوجي الألماني كليمنس مسرشميد. وأزمة المياه في فلسطين أمر سياسي بامتياز. ففلسطين من البلدان التي تحتوي على مصادر مياه متجددة جيدة في المنطقة. فالمعدل السنوي لهطول الامطار في القدس أكثر منه في برلين، وفي رام الله أكثر منه في لندن، وفي نابلس أكثر منه في باريس.

وتتميز فلسطين بما فيها من مياه جوفية، غير أن “إسرائيل” تمنع الوصول إليها. ويقول مسرشميد إنه لم تحفر أي بئر جوفية “عميقة” منذ احتلال الضفة عام 1967، وما تم حفره إنما هو بعض الآبار الصغيرة التي لا تصل إلى الأحواض المائية الرئيسية في جوف الأرض. حتى الآبار السطحية فإن “إسرائيل” تمنع حفرها، ولا تعطي تصاريح بها.

وعن منطقة رام الله يقول: ثمة بئر واحدة عميقة في محافظة رام الله تستقي من الحوض الغربي، وهو مشترك مع الإسرائيليين، ويحصل الفلسطينيون على 10% مما يتم سحبه من الحوض، وتسمى هذه البئر شبتين وهي قريبة من نعلين وقبية.

وأشار إلى أن اتفاق أوسلو يخلو من النص على أي سيطرة فلسطينية على المياه، وما يستخدم في الأراضي المصنفة “أ” يطبق على الأراضي “ب” و “ج”. ولا بد من الحصول على الموافقة الإسرائيلية، ودائما تكون الإجابة بالنفي لأن مجلس المياه المشترك مشروط في قراراته بالإجماع.

وكشف مسرشميد أن “إسرائيل”، وباستمرار، ترفض الحديث عن الحوض الغربي الذي يضم مخزوناً للمياه العذبة بكميات كبيرة وعالية الجودة.

وقال إنه كان قد جاء عام 97 ضمن وفد ألماني لتنفيذ مشروع لحفر الآبار في الضفة موضحا أن المخطط كان حفر آبار شرق رام الله، وفي نابلس، مضيفا أنه تم إيقاف المشروع بعد سنتين بسبب المعيقات الإسرائيلية وممانعة “إسرائيل” لحفر الآبار، موضحاً أن آخر بئر حفرت كانت عين سامية منذ 15 عاماً ولم نحفر أي بئر أخرى.

وبالمقارنة مع أوضاع المياه في الضفة، قبل وبعد أوسلو، أشار الخبير الألماني إلى أن الأمور تراجعت أكثر، وأن الفلسطينيين منذ عام ونصف العام يشترون كل كميات المياه من شركة المياه الإسرائيلية ميكوروت. ويقول مسرشميد إن السلطات الإسرائيلية ترفض إعطاء تصاريح باستخدام مياه الحوض الشرقي أو الحوض الشمالي. ويعتقد أن الحل يكمن فقط في الآبار الجوفية.

ويحمل الخبير الألماني الدول المانحة مسؤولية ما يحدث، ويقول إن مسألة وجوب الحصول على تصاريح من السلطات الإسرائيلية لحفر الآبار توجب على الدول المانحة ممارسة الضغط على الإسرائيليين لإعطاء هذه التصاريح موضحاً أن هناك تواطؤاً من الدول المانحة في مشكلة المياه، وقال “إن الدول المانحة تعمل لصالح “إسرائيل” فقط.”

وأشار إلى ما يدور من حديث عن بناء محطات لتنقية المياه قائلاً إن ذلك مصلحة إسرائيلية وهي تدفع بالفلسطينيين لإقامتها، فللفلسطينيين حق في المياه الجوفية وإقامة مثل هذه المحطات سيكبد الفلسطينيين أعباء مالية كبيرة.

وقال إن كل دول العالم، بما فيها إسرائيل عندها مياه صالحة للشرب ومصادر أخرى من أجل الزراعة، وهذا غير متاح في فلسطين، فعدد الآبار التي حفرت من أجل الزراعة: صفر.

كما انتقد أيضا سياسة حفر آبار لجمع مياه الأمطار قائلاً إن هناك دراسة بريطانية عن فلسطين أجريت عام 1936 توضح إن هذا النظام غير مفيد زراعياً، لأن الأمطار معدومة صيفاً، وبالتالي ما زالت المشكلة قائمة. وقال: “الفلسطينيون ومنذ عام 2001 رجعوا لأيام العثمانيين، وليس إلى أيام الاحتلال البريطاني، في حصولهم على المياه”.

وعن جودة مياه الشرب قال خبير المياه، إن المياه في رام الله نقية وصالحة للشرب من الصنابير ولا داعي لشراء المياه المعدنية. ونصح حتى بعدم استخدام الفلتر لتنقية المياه فمصلحة المياه تفحص يوميا المياه وهي عالية الجودة. وأوضح أيضا أن المياه التي تباع في الأسواق على أنها مياه معدنية لا تختلف عما نشربه من الحنفية: “هي نفس المياه ولكن توضع في قناني بلاستيكية.” ومشيراً إلى مدينته الأصيلة قال: “هي أفضل من مياه ميونخ.”

الحياة الجديدة، رام الله، 13/2/2013

مقالات ذات صلة