اخبار الوطن العربي

تحليل: الانتفاضة الثالثة.. فرصة ضيّعها الانقسام

تحليل: الانتفاضة الثالثة.. فرصة ضيّعها الانقسام

ضياء الكحلوت: كانت الظروف مهيّأة في الأسابيع الأخيرة لانطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة. وصُور ما حصل من احتجاجات في الضفة الغربية دفاعاً عن أسرى «الأمعاء الخاوية» على أنه شرارة أو بداية لانتفاضة ثالثة انتظرها الكثيرون، إلا أن ذلك لم يحصل، وما لبثت أن هدأت الضفة سوى من بعض الشباب الثائر. وساق قياديون في فصائل فلسطينية مبررات مختلفة لعدم انطلاقها، وبالتالي يمكن القول إن السبب الأبرز ربما يكون الانقسام الداخلي وغياب الثقة بين الأطراف.

ولم يكن الانقسام وحده المانع والمعيق أمام الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، فحركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، اتهمت السلطة في رام الله بمنع الانتفاضة خشية على كيانها والمساعدات المالية التي تتلقاها، أما فتح فقالت إنها تؤمن بالمقاومة الشعبية وقد أبرزت ذلك في الضفة.

ويقول القيادي في حركة حماس إسماعيل الأشقر لـ«السفير»، وإن كان جوابه يعكس رؤية عاطفية أكثر منها سياسية، إن اللحظة سانحة الآن للقيام بثورة تنتفض للأسرى في سجون الاحتلال، «فالأسرى أفنوا حياتهم من أجل وطنهم لا شخوصهم، ولا بد من وقفة وثورة إلى جوارهم».

وسياسياً، بيّن الأشقر أن السلطة في رام الله، وما وصفها بحكومة المقاطعة، رأت أن الانتفاضة ستسحب زمام المبادرة منها، وهي في الأصل حكومة وظيفية تريد أن تحافظ على وضعها، وترى أن الخطر المقبل عليها من المقاومة، فقمعت كل من حاول أن يثور.

ويذهب القيادي الحمساوي أبعد من ذلك في اتهامه للسلطة، فهي بنظره منعت الانتفاضة وتوسيع دائرة المواجهة مع الاحتلال، كما أنها الخطر الأكبر على القضية الفلسطينية. ليعود ويشدد على أنه يجب أن تنطلق الانتفاضة من الضفة الغربية لتساندها غزة.

على الجانب الآخر، أكد القيادي البارز في حركة فتح فيصل أبو شهلا أن الانتفاضة في الضفة موجودة فعلاً ومنذ فترة طويلة، خصوصاً أن حركته تتبنى المقاومة الشعبية وزادتها مؤخراً لمواجهة الاحتلال ومستوطنيه، بحسب قوله.

وأوضح أبو شهلا لـ«السفير» أن الأجواء في غزة لا تسمح بالتصعيد مع الاحتلال الإسرائيلي لأن هناك توافقاً على التهدئة داخلياً ومنعاً من الاقتراب من خطوط المواجهة مع الاحتلال، مشدداً على أن فتح صادقة مع نفسها باعتمادها المقاومة الشعبية، وترى أنها الأقدر على الوصول إلى الأهداف الوطنية الفلسطينية. فحركة فتح، بحسب قوله، تمارس المقاومة الشعبية بكل قوة وإيمان وقدمت شهداء في هذا الطريق، وترى وجوب تفعيل المقاومة الشعبية في كل مكان لأنها السلاح الأنجع حالياً للمواجهة مع الاحتلال.

وعلى عكس الحركتين السابقين، أكد القيادي البارز بحركة الجهاد الإسلامي خالد البطش أن سببين لم يدفعا لتطور المواجهات التي اندلعت في الضفة إلى انتفاضة، هما الانقسام وغياب الثقة بين الأطراف، بالإَضافة إلى موقف السلطة من الانتفاضة.

وشدد البطش في حديث إلى «السفير»، على أن الأطراف الفلسطينية ما زالت تتشكك في فعل الجماهير في كل ساحة من ساحات الوطن، وأن الانقسام الذي غيب الثقة بين الأطراف يعتبر سبباً لعدم تطور المواجهة مع الاحتلال.

والبطش حمّل السلطة الفلسطينية المسؤولية، فهي بنظره، من أخذت موقفاً معلناً ضد حركة الجماهير والاشتباكات مع المحتلين، ولم تكن تريد أن تتطور المواجهات مع الاحتلال، لكنه في الوقت ذاته شدد على أن الفرصة ما زالت مواتية، وأن الانتفاضة يمكن أن تنفجر في أي وقت.

وذكر قيادي الجهاد الإسلامي أن إسرائيل أيضاً حاولت عدم الإفراط في المواجهة خوفاً من توسيع دائرة الاشتباك، مؤكداً أن الصراع مع الاحتلال مفتوح، وأن الانتفاضة الشاملة بحاجة إلى إنهاء الانقسام أولاً.

الجماهير قادرة على الثورة وتحقيق إنجازات، ولكنها تفتقد الرغبة الحقيقية للثورة، وكأن البيئة لم تنضج بعد، ولا تريد أن تدخل في دائرة نصف انتفاضة فلا تحصل نتائج كبرى، يقول المحلل السياسي.

السفير، بيروت، 9/3/2013

مقالات ذات صلة