اخبار الوطن العربي

غانتز || الجعبري كان دائما تحت مراقبتنا وانتظرنا فقط الموافقة من المستوى السياسي لاغتياله

كشفت صحيفة ‘يديعوت أحرونوت’ العبرية عن تفاصيل جديدة في ما يتعلق باغتيال القائد العسكري لحركة حماس، الشهيد أحمد الجعبري، قائلةً إن الجعبري (52 عاما) كان على رأس قائمة أهداف اغتيال الجيش الإسرائيلي، حيث قال ضابط من وحدة جمع المعلومات 8200، التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) إنه استُعملت حوله جميع القدرات، تعلمنا أن نعرفه وأنْ نفهم ما يفعله وان نخنقه بشكل استخباراتي مُحكم، لافتًا إلى أن المستويين السياسي والأمني في الدولة العبرية أعلنا قبل حوالي السنتين أن الجعبري هو الهدف ذو التفضيل الأعلى.

وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس هيئة الأركان العامة، الجنرال بيني غانتس، قال مؤخراً إنه من الخطأ الأساسي أن نقول إن الجعبري قد اغتيل في الـ14من تشرين الثاني (نوفمبر) 2012. ففي ذلك الوقت نُفذ الاغتيال المادي نفسه فقط، لكنه كان مستهدفًا لنا قبل ذلك بزمن طويل. وقد انتظرنا فقط الوقت المناسب والموافقة من المستوى السياسي، مشددًا على أن من حمى الجعبري حيًا ومنع اغتياله هو الجندي غلعاد شاليط خاصة.

زهير أندراوس
زهير أندراوس

ونقلت الصحيفة عن ضابط في الاستخبارات العسكرية، لقبته بـط قوله إنه نجا في الماضي من الاغتيال، كان شكاكًا وكان يعلم جيدًا بأن الجيش الإسرائيلي يتعقبه. وسلك سلوك مطلوب على نحو قاطع فسكن عدة بيوت. ولم يسافر وحده في سيارة، بل إلى جانب أشخاص اعتمد عليهم فقط. ولم يخرج لتناول الطعام في المطاعم بل جيء بالطعام إلى بيته. واعتمد حقًا على حلقة ضيقة فقط من المساعدين المقربين. وقد علمنا أنه حينما يفعل أحد أولئك المقربين شيئًا ما فان ذلك يتصل بالجعبري.

وكشف الضابط النقاب عن أنه باعتبار الجعبري رئيس أركان حماس كان معظم وقته مصروفًا لموضوع الجناح العسكري للحركة، وأضاف: اعتاد كما هي الحال في كل منظمة عسكرية أن يُجري لقاءات عمل مع المستويات العليا للذراع، وأنْ يصل إلى مواقع حماس ويراقب التدريبات، ومع ذلك اجتهد كي لا يخرج في جولات كثيرة، لأنه علم أننا نتعقبه، وفي لقاءات كثيرة كان كبار مسؤولي الذراع هم الذين يأتون إليه كي لا يضطر إلى الخروج إليهم والكشف عن نفسه.

وتابعت الصحيفة قائلةً إن الجسم الذي ركز وحلل في السنوات الأخيرة أكوام المواد الاستخبارية التي جمعتها عن الجعبري هو قسم البحث التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان).

أما الضابط زيف، من قسم البحث فقال إن الجعبري لم يكن فقط رئيس أركان حماس بل كان أكثر من ذلك، مضيفًا أنه كان في الوسط بين المستوى العسكري للمنظمة والمستوى السياسي لها. وقد تحكم تحكمًا ممتازًا بالجناح العسكري، لكنه كان على صلة أيضا بالقيادة السياسية فهاتان الذراعان غير مفصولتين بعضهما عن بعض، على حد تعبيره.

وأشار الضابط إلى أنه عُرض على قسم البحث سؤالان وصل الجواب عنهما إلى طاولة رئيس الوزراء. وكان السؤال الأول: كيف سترد حماس على اغتيال الجعبري؟ هل تطلق صواريخ على تل أبيب أم تستمر في الإطلاق إلى نفس المدى؟ والسؤال الثاني: كيف سيؤثر اغتيال الجعبري في حركة حماس على الأمد البعيد؟ وأضاف: في الجواب عن السؤال الأول عرضنا عددًا من سيناريوهات الرد المحتملة من حماس اشتملت إطلاق صواريخ أيضًا على مركز البلاد، كما أن التقديرات رجحت أن اغتياله قد يُفضي إلى إطلاق الصواريخ على غوش دان، وبالتالي درسوا في الجيش وفي الشاباك الكلفة في مقابل الفائدة، وكان الذي رجح كفة الاغتيال عملية القضاء على مخازن القذائف الصاروخية بعيدة المدى التي تمتلكها حماس، والتي خُطط لتنفيذها بعد اغتيال الجعبري فورا، والاعتماد على قدرات منظومة (القبة الحديدية). وكان جواب السؤال الثاني أكثر تعقيدًا، أضاف الضابط زيف قائلاً إن الجعبري في الحقيقة عامل مهم جدًا في حماس، لكنها تستطيع أنْ تواجه غيابه. ومنذ اغتيال الشيخ ياسين والرنتيسي الذي حل محله، أدركوا في حماس أنه لا يمكن أنْ يكون كل شيء في يد إنسان واحد.

وأصبحت البنية الحاكمة شبه هرم مقطوع الرأس ليس طرفه الأعلى شخصًا واحدًا بل أربعة أو خمسة من كبار المسؤولين. وكان الجعبري واحدًا من أولئك الكبار إلى جانب أسماء مثل نزار عوض الله، ومحمود الزهار وخليل الحية. وبرغم ذلك كان التقدير أن اغتياله سيؤدي إلى زعزعة شديدة في الحركة وإلى شعور بالتغلغل الاستخباري وتجديد الردع الذي ضاع بعد (الرصاص المصبوب).

وكشفت الصحيفة أن جهاز الشاباك هو الذي أوصى بأن تكون ضربة بدء عملية (عامود السحاب) اغتيال الجعبري، والتزم أن يُقدم جميع المعلومات المطلوبة لإنشاء صورة استخبارية دقيقة كاملة تفضي إلى اغتياله الناجح مع أقل عدد من المصابين من الأبرياء، معلومات جُمعت مدة سنين ومعلومات تم الحصول عليها في الوقت الحقيقي.

وتابعت الصحيفة قائلةً إنه في الجلسة المغلقة التي ظهر فيها لأول مرة اسم الجعبري في سياق عملية (عامود السحاب) شارك كبار قادة الأجهزة الأمنية، إلى جانب الجنرال غانتس، الذي نُقل عنه قوله في الجلسة عينها إنه حينما وضع اسم الجعبري على الطاولة كانت الغريزة الأولى لغانتس تقول إن هذه خطوة متقدمة إلى الأمام وأنه لا يصح قتله، مضيفًا أن بداية كهذه لن تفضي إلى جولة أخرى، بل ستفضي بإسرائيل إلى مكان آخر، على حد تعبيره.

ولفتت الصحيفة أنه في نهاية المشاورات بين المستويين الأمني والسياسي أصدر رئيس الوزراء ووزير الدفاع موافقة مبدئية على اغتيال الجعبري، أما قرار تنفيذ الاغتيال بالفعل، كما تقرر، فيتخذه غانتس فقط، لأنه يملك الصورة كاملة، واتخذ غانتس قرارا وقال: سننتظر الجعبري يومين، إلى ظهر يوم الأربعاء. فإذا لم نجده حتى ذلك الحين فإن الأمر سيطول كثيرا، وفي هذه الحال سنبدأ العملية باغتيال اثنين أو ثلاثة من كبار المسؤولين برتب ميدانية.

وخلص أحد الضباط إلى القول إن قادة حماس ما زالوا في مراحل استخلاص الدروس، لكن لا توجد شكوك فحماس مستمرة في زيادة قوتها وهي مستمرة في تهريب الوسائل القتالية وتواصل تهريب الأموال وبناء القوة، ومن الواضح أنها ستقوم من بين الأنقاض وتعيد بناء نفسها بفضل الدعم الإيراني، ولا يوجد اليوم شخص بما في ذلك إسماعيل هنية، بإمكان اغتياله تحطيم حماس.

القدس العربي، لندن، 11/4/2013

مقالات ذات صلة