المقالات

17 أكتوبر… عبر ودروس

17 أكتوبر… عبر ودروس

اسم الكاتب : جادالله صفا

تاريخ إدراج المقال : 2013-10-15

إن إقدام الكيان الصهيوني على اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى وضع الجبهة وقيادتها أمام السؤال التالي: كيف سيكون الرد على عملية اغتيال أمينها العام؟ !

كان اغتيال القائد الرفيق أبو علي مصطفى هو بداية سلسلة اغتيالات طالت الصف الأول من قيادات فصائل العمل الوطني، فلحقه الشهداء أحمد ياسين وياسر عرفات وغيرهم من القيادات التي تحظى باحترام وتقدير الشعب الفلسطيني، والذين شكلّوا جزءاً من سلسلة اغتيالات نفذتها قوات الاحتلال ضد القيادة الفلسطينية إلى جانب حملة الاعتقالات الكبيرة ضد القيادات والكوادر والتي تهدف بالمحصلة الى تصفية القضية الفلسطينية بعد التخلص من قياداتها.

كان رد الجبهة الشعبية على اغتيال أمينها العام رداً محقاً وفي الوقت المناسب، وجاء في إطار سياسة المواجهة الطبيعية للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني الذي احتل أرض فلسطين وشرد أهلها، كما جاءت هذه المواجهة ضمن مرحلة التحرر الوطني التي يخوضها الشعب الفلسطيني.

جاءت عملية الرد التي نفذتها مجموعة فدائية فلسطينية من كوادر الجبهة الشعبية لتؤكد أنها اللغة الصحيحة التي يمكن التعامل بها مع هذا العدو، فرغم الدعوات التي تطلقها بعض الأطراف بالساحة الفلسطينية رسمية وغيررسمية حول جدوى العمل المسلح، إلا أن الأيام اللاحقة والتمسك بالمفاوضات أثبتت عقم هذا الموقف على مدار عقدين من الزمن.

شكّل اغتيال العنصري الصهيوني زئيفي دفعة نوعية لرفاق وكوادر الجبهة الشعبية ورفع من ثقة الجماهير بهذا الفصيل الثوري وبأهمية العمل العسكري وبالضربات النوعية التي من المفترض أن يتم تلقينها للكيان الصهيوني.

إن هذه العملية البطولية التي جاءت متزامنة مع سلسلة من العمليات الاستشهادية التي هزت عمق الكيان الصهيوني، والتي كانت ينفذها أبطال المقاومة الفلسطينية، أعطت مزيداً من الإرادة والتصميم والتحدي لقطاعات واسعة من شعبنا الفلسطيني، وأكدت على صوابية العمل العسكري، من أجل تكبيد العدو الخسائر البشرية والمادية وشل حركته، وأهمية تصعيد وتطوير المواجهة العسكرية معه وتمتينها وحمايتها وتصليبها لتكون قادرة على تحقيق الانتصارات تلو الانتصارات على طريق الحرية والاستقلال وانجاز مرحلة التحرر الوطني الشامل.

الملفت للنظر أن القيادة الفلسطينية دانت مباشرة عملية اغتيال الوزير العنصري الصهيوني الذي طالما دعا لطرد الفلسطينيين من أرضهم، حيث تجاهلت هذه القيادة تصريحاته العنصرية الرامية إلى طرد الشعب الفلسطيني ودعواته للتطهير العرقي التي كانت تعبر عن نازية مواقف هذا الصهيوني.

لماذا القيادة الفلسطينية اعتقلت قيادات وكوادر من الجبهة الشعبية وعلى رأسها الأمين العام الرفيق أحمد سعدات في ردها على العملية؟

أثبتت الأحداث اللاحقة منذ اغتيال الصهيوني رحبعام زئيفي، ان التبريرات التي مارستها أو حاولت القيادة الفلسطينية ايهام الشعب الفلسطيني وقواه السياسية لصحة مواقفها بإدارة الصراع باطلة وممجوجة ومبتذلة وتكشف طبيعة السلطة الفلسطينية والتزاماتها الأمنية مع الكيان الصهيوني، فرد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لم يكن سبباً بتصعيد مجازر وجرائم الكيان الصهيوني ضد شعبنا وقواه السياسية وقياداته العسكرية والسياسية، فقد جاء الرد الجبهاوي كجزء من عملية المواجهة التي فرضها استمرار الاحتلال والاستيطان الصهيوني على الأرض الفلسطينية والتي عمدّتها مسيرة الشهداء ومعاناة الجرحى وصمود الاسرى.

ان هذه الذكرى من المفترض أن تكون دائماً مناسبة امام كافة القوى الوطنية والثورية وعلى رأسها قيادة وكوادر وأعضاء الجبهة الشعبية للتأكيد على مواصلة النضال وتطويره ووضع استراتيجية نضاليه قادرة على توجيه الضربات النوعية الكبيرة والمؤلمة والتي تكبده خسائر تفرض عليه التفكير باستمرار استيطانه للاراضي الفلسطينية ودفع ثمن احتلاله وجرائمه.

ويجب أن تبقى هذه الذكرى حافزاً قوياً لكافة قيادات وكوادر الجبهة الشعبية وأعضائها وأنصارها وقاعدتها الجماهيرية من أجل التأكيد على بناء وتمتين البناء الذاتي وترسيخ العلاقات الداخلية ووضع كافة الامكانيات والطاقات الحزبية والذاتية تحت تصرف حركة التحرر الوطني ضمن استراتيجية وطنية شاملة لإلحاق الهزيمة بهذا العدو.

إن الوعي بالطبيعة الطبقية للقيادة الفلسطينية ومواقفها المشينة بحق ثوابتنا الفلسطينية، يجب أن تكون ضمن مراجعة هذه المواقف ومواجهتها والتصدي لها، والعمل على توفير الارضية الملائمة لإيجاد البديل الثوري عنه… البديل الذي لا يساوم على المباديء والاهداف التي انطلقت من أجلها حركة التحرر الوطني الفلسطيني، فأثبتت التجربة الاستعدادات عند هذه القيادة استعداداتها للمساومة على الحقوق والثوابت الفلسطينية، وان اقدام القيادة الفلسطينية على تسليم الرفيق الأمين العام للجبهة الشعبية لحراس بريطانيين وامريكيين بسجن مضمونه صهيوني بشكل فلسطيني، هذا التصرف جاء ليعبر بالأساس على هزلية هذه القيادة ورضوخها لكافة الضغوط وتخليها عن حقها بالدفاع عن وجودها ومباديء شعبنا وثورتنا الأبية، فما زالت الأحداث تثبت أن هذه القيادة غير جديرة وأمينة على شعبنا، وان خلق البديل وتوفير الأرضية لبديل ثوري أصبح ضرورة من ضرورات المرحلة.

إن هذه المناسبة والمناسبات الأخرى للعمليات البطولية التي قامت بها الجبهة الشعبية وباقي الفصائل يجب الوقوف أمامها واستخلاص العبر والدروس من أجل تطوير وتصعيد العملية النضالية التي سجلتها بطولات وتضحيات الآلاف من أبناء شعبنا، فمنهم من استشهد وآخرين زجوا بمعتقلات النازية الصهيونية، وآخرين ما زالوا يعانون من الملاحقات، بطولات نفذها أبطال شعبنا الفلسطيني والعربي شكّلت بكل المحطات والأوقات رافعة وطنية واستعدادات شعبية للتضحية من اجل فلسطين والحرية، بطولات تشحذ الهمم، فالوقوف أمام هذه العمليات النوعية والبطولية هو من اجل التأكيد ان لغة السلاح والكفاح المسلح هي اللغة التي يفهمها العدو والتي ترهقه العدو وترعبه وتحمله أعباء احتلاله وتحرق الأرض تحت اقدام جنوده.

تحية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقيادتها وكوادرها ومقاتليها الأبطال الذين استطاعوا أن يلقنوا الكيان الصهيوني درساً لن ينساه وأن الجبهة الشعبية أثبتت أنها بمستوى التحدي التي فرضتها المرحلة.

والحرية للرفيق الأمين العام ورفاق العملية البطولية، والخزي والعار لكل من ساهم باعتقالهم وتسليمهم للكيان الصهيوني.

15/10/2013

مقالات ذات صلة