شؤون فلسطينية

الصنارة || تلتتقي القيادي في حزب الخضر الألماني, الفلسطيني عبد الكريم عراقي

2017-07-07 09 حسين سويطي

عبد الكريم علي عراقي شاب فلسطيني من مواليد بيروت سنة 1968 .اسرته من منطقة عرب الرمل جنوب عكا (منطقة كوردانة) تهجرت الى لبنان عام النكبة وكغيرها من العائلات الفلسطينية تنقلت وتنوعت مواقع لجوئها. فحطت في الدورة الكارانتينا – المسلخ ثم تل الزعتر فشاتيلا . تعلم في مدرسة اريحا الابتدائية ثم الجليل الثانوية حتى سنة 1985 .هذه السنة شكلت نقطة مفصلية .اندلعت الحرب ضد المخيمات الفلسطينية . غادر لبنان لاجئاً عبر سوريا الى تشيكوسلوڤاكيا فالى برلين الشرقية ومنها الى الغربية . هنا قدم طلب لجوء واستقر فيها .درس علم الاجتماع التربوي، وقراءة خرائط الحدادة وعمل في مجال الرياضة مدربًا في الاتحاد الالماني لكرة القدم.في سنة 2007 انضم لحزب الخضر الالماني، وتم تعيينه في العام 2009 نائبا لرئيس الحزب في منطقة نينبورغ ثم ترشح للانتخابات في العام 2011 وفاز بالدورة الأولى، وحصل على مقعد في المجلس المحلي الاستشاري، وأيضا على مقعد في برلمان المدينة، كما عين نائبا لرئيس البلدية، ليكون أول عربي فلسطيني في كل ألمانيا يتولى هذا المنصب، وكذلك أول فلسطيني يحصل على مقعد في برلمان المدينة.إضافة الى ذلك يعمل في مؤسسة الشباب المسيحي في مجال الاستشارة التربوية. جاء لاجئاً واصبح نائب رئيس بلدية ونائباً في البرلمان في مدينة ذكرت لاول مرة في التاريخ سنة 1021.

استضافته “الصنارة” هذا الاسبوع حيث سزور البلاد مع اسرته وكان لنا هذا اللقاء معه.يقول:

“هذه ليست زيارتي الاولىللوطن. لكن لهذه الزيارة طعمها الخاص كونها زيارة عائلية اسرية. جئت لأرى اهلي واحبائي هنا في الوطن وارى الوطن واتجول فيه. سمعنا الكثير عن البلاد وعشقتها عن بعد. هذه المرة جئت انا وزوجتي وابني وابنتي ليروا هم ايضاً منابت الآباء والأجداد ولنوطد عرى التواصل.كنت في البلاد سنة 2015 ضمن وفد رفيع المستوى من الولاية وزرت يومها القدس والتقيت سماحة الشيخ عكرمة صبري في المسجد الاقصى وكذلك زرت مدينتي الناصرة ورام الله”.

الصنارة: عندما نتحدث عن المانيا, نتحدث عن دولة عظمى, استوعبت اكبر عدد من اللاجئين سواء من الشرق الأوسط سوريا العراق تركيا أم من شمال افريقيا. كونك لاجئاً اولاً واليوم كما علمت تحمل ملف اللاجئين كيف تتعامل مع هذه القضية من خلال خبرتك ومركزك؟

عراقي: خبرتي ومعاناتي التي عشتها كلاجئ احاول ان اترجمها في خدمة قضايا اللاجئين اليوم.في فترة قدومي الى المانيا لم تقدم الدولة الالمانية لنا شيئاً. ولم يكن مسموحاً لنا ان نتعلم. خلال الفترة الاخيرة (السنوات الخمس) استقبلت المانيا ما زاد عن مليون و 200 الف لاجئ منهم نحو 700 الف سوري. هذا الكم الهائل اذا وضعناه مقابل الرقم 81 مليون الذين هم سكان المانيا, فلا يشكل هذا الرقم نسبة ذات حساب.ويُسلأل السؤال :لماذا فتحت المانيا الابواب على مصاريعها لهذا الكم الهائل من اللاجئين؟

اعتقد الالمان او القيادة الالمانية عندما فتحوا الابواب امام الهجرة انهم يستقبلون النخبة السورية, لكن المشكلة ان النخبة لم تصل.. اضف الى ذلك ان المانيا بحاجة الى اطفال.. ومشكلة الالمان انهم لا ينجبون.. فبموجب حسابات الدولة الألمانية في سنة 2021 سيصل ما يقارب 13.6 مليون شخص فوق سن التقاعد (67 سنة). وحسب دراسات معينة سيتناقص عدد الالمان ليصل عددهم سنة 2050 نحو 61 مليوناً بدل 81 اليوم.. اليوم هناك 40% من السكان هم فوق سن الـ 60 سنة. وعليه فان المشكلة الاقتصادية الاساسية ستقع على رأس ومسؤولية صناديق التقاعد التي سيكون من واجبها ان تدفع لهذه الاعداد الهائلة. لذلك وجدت الدولة الالمانية فرصة ان تقوم اولاً بالخدمة الانسانية بانقاذ هذا الكم الهائل من اللاجئين من ويلات الحروب, واستغلال الفرصة لاستيعاب هذا الكم من الناس ليتم تعليمهم وتدريبهم مهنياً ومن ثم تشغيلهم وبالتالي سيقومون بالدفع لصناديق التقاعد والصحة والتأمين الاجتماعي وما شابه ذلك.

من هنا فإن التحرك الالماني نحو اللاجئين كان مدروساً جداً. هم لا يريدون الجيل الاول بل الجيل الثاني والثالث من الابناء والاجيال الصغيرة. ايدي عاملة يتم تدريبها في المانيا لتعيش في المانيا. هم يريدون اطفالاً والا فسينقرضون خاصة ان هناك احصائيات تتحدث ان هذه الدولة الكبيرة سيكون سنة 2035 نصف سكانها من المسلمين. هناك مراكز ابحاث تعمل وتشتغل على هذا. الدولة الالمانية تدفع مكافآت ولادة. لكن المشكلة ان الشعب الالماني غير ولاّد. لذلك تراهم يعطون الناس الاقامات والبيوت والمعاشات والطبابة المجانية وتعليماً مجانياً.

الصنارة: فقط تعالوا…

عراقي: هم لا يطلبون من القادم شيئاً. بل يقولون له لا تنسلخ عن جلدتك. حافظ على تراثك وعلى دينك. فقط اندمج في المجتمع عن طريق اللغة والعمل. اي ان الدولة الألمانية تحاول ان تحل مشاكل العقود القادمة من خلال استقبال اللاجئين

الصنارة: انت شخصياً كيف تتعامل مع هذا الملف؟

عراقي: اتعامل مع هذا الأمر اولاً انسانياً . هؤلاء الناس من اوطاني. اما من الناحية القانونية فيجب ان اتعامل مع الأمر بموجب القانون الالماني. هناك اناس منهم يستوعبون هذه الحقيقة ويتعاملون معها ووفقها . وهناك اناس لا يتعاملون كذلك. هذه فئة من اناس لا يتماشون مع القانون, بل اعتادوا على عيشة “هات ايدك والحقني”.. مَن تأقلم واعتاد ذلك صعب جداً ان يتفهم الحالة الجديدة التي انتقل اليها. لكن المهمة الاولى هي تعلم اللغة التي من خلالها يتم تعلم القانون وثقافة البلد الجديد وعادات أهله وتفكيرهم. هذا يساعد اللاجئ او القادم ان يندمج في حياة المجتمع الالماني وان يشارك ويكون عضواً فعالاً .ليس كل الناس يتقبلون ذلك منهم من ينطلق من حجة انه لا يزال جديداً.. بعد سنتين او اكثر.. ويقول هذا البعض انا لم اتعلم العربية. فكيف سأتعلم الالمانية.. نحن نحاول ان نشرح لهذا البعض ان الامور ليست كذلك, وانه اذا اراد ان يعيش في هذا البلد هناك ضوابط وقوانين وانظمة تلزم ذلك. لك حقوق وعليك واجبات. فعلى الأقل ان تتعلم اللغة. الدولة الالمانية تعطي كل شيء ولا تلزم بأي شيء وتريد منك ان تتعلم اللغة الالمانية حتى تندمج في المجتمع. من هذا الباب نجد صعوبات كبيرة حتى يتفهمنا هذا البعض. وهناك حالة واجهتنا سنة 2015 مع اول دفعة من اللاجئين. يقول بعضهم انه خريج كذا او كذا. تسأله عن الشهادات يقول لم احضرها معي او ابيدت في الحرب. فيضطر ان يبدأ من الصفر. على اللاجئ ان يتعلم اللغة.. اولاً.

الصنارة: اليوم وبعد مرور سنوات اللجوء على هؤلاء هل تحسن وضعهم وبدأوا يدخلون حياة الاستقرار.. وكم بقي من هؤلاء في المانيا اليوم خاصة ان هناك حديث عن بدء عودة لاجئين سوريين الى بلادهم وهو ما شهدناه خلال ايام العيد؟عراقي: رجع الى سوريا نحو 50 الفاً من كل الدول. لكن هذه نسبة ضئيلة, مقارنة مع العدد الهائل من السوريين الذين غادروا بلدهم.الآن تتم عملية غربلة.

الصنارة: كيف يتقبل الالمان كل ذلك على المستوى الشعبي وتعامله مع اللاجئين؟

عراقي: التعامل تغيّر سلبياً بشكل كبير جداً. فالالماني اليوم يعاني من ازمة نقص في البيوت, في الدولة الالمانية 42 مليون بيت وشقة, هناك نسبة من الالمان عاطلة عن العمل ترى ان اللاجئ – اللاجئين يأخذون كل شيء فيبدأ الحديث عن ان ابن البلد لا يحصل على شيء. فبدأ ينمو شعور الكراهية وهذا ما يعمل عليه الحزب البديل – الالماني الذي يشدد على هذا الشيء. في البداية استقبلوا اللاجئين بالورود. اما عندما لم يروا انهم يعملون للبلد, حتى الدوائر الرسمية, كمكتب العمل حيث اعطي استشارات مرتين اسبوعياً, يطلبون من اللاجئ الاجنبي ان يذهب للتعلم فلا يذهب فيتم الخصم من المعاش. الدولة تقدم كل شيء.هذه الامور اثرت كثيراً.. وهناك احزاب المانية بدأت تطالب بعدم ادخال اللاجئين واخرى تطالب بتحديد الكمية المسموح بها. كالحزب المسيحي الاتحادي.نحن لا نقول ذلك. نحن نرفض التحديد .هناك دراسات تقول ان هناك موجة لجوء قريبة ستجتاح اوروبا عددها نحو 60 مليون لاجئ من افريقيا. بكلام آخر, اوروبا استعمرت الشرق بالسلاح.. نحن نستعمرهم بكلمة واحدة.. لاجئ. لديهم الخدمة.. حب المساعدة والسلام.

الصنارة: كل ذلك تغليف لشيء ثان.. يريدون ايدي عاملة تحرك المصانع والاقتصاد.

عراقي: في سنة 2015 – حتى 2016 دفعت الدولة الالمانية 22 مليار يورو على اللاجئين. معاشات وضيافة وسكن وملبس ومأكل ومشرب.

الصنارة: وكم خططت الدولة ان تربح منهم ؟

عراقي: ليست المسألة مسألة ربح. بل هم يفكرون ويخططون لخمسين سنة قادمة. يريدون المحافظة على مستواهم الاقتصادي العالمي الصناعي التجاري والعلمي.سألوا شعبهم ان ينجبوا.. لم يستجيبوا. فبحثوا عن البديل ووجدوه في استيعاب اللاجئين.

الصنارة: وهذا الصرف اثر ايجابياً على الاقتصاد الالماني..

عراقي: طبعاً.. استفاد الناس لأن هذا المبلغ عمل حركة. هذا المبلغ 22 مليار كان في حالة ركود. مبلغ مرصود ومجمد غير فعال. لكن عندما انزلته الدولة على السوق اشتغل كل هذا المبلغ وادار الكثير من المجالات كشبكات التسوق والمواصلات والسيارات والمدارس .حصل تحرك في كل جوانب الاقتصاد. كل هذا المبلغ بقي في السوق الالمانية. قبل 40 سنة او 50 سنة كان اللاجئ القادم الى المانيا سواء من تركيا او غيرها يعمل في المانيا ويبعث الاموال لأهله. الآن الصورة معكوسة, أي ان الفكرة لا تسوق كذلك بل يقومون بذلك انسانياً .هناك حرب ودمار. اهلاً بكم. “مكة لم تفتح ابوابها نحن نفتح الابواب”.هكذا قالت ميركل وهذه سياستهم.

الصنارة: حزب الخضر معروف انه يتعاطى الشأن البيئي ماذا دفعكم الى هذا الشأن الانساني السياسي؟

عراقي: كانت هذه الصفة الاساسية للحزب. ركزنا اولاً على قضايا البيئة .هذا صحيح. لكن اضيفت اليها اليوم القضايا الاجتماعية واللجوء والاهتمام بحق الانسان. أي انسان قادم الينا بشكل فردي بغض النظر من أي بلد قادم. وهناك قسم لدرجات اللجوء مثلاً هناك لاجئ سياسي, ولاجئ جوع, ولاجئ حرب ولاجئ اقتصاد .المانيا تستوعب الجميع. و لكن في حال رفض طلب اللجوء يتم التعامل مع مثل هذه القضايا وفق القانون والأعراف.

الصنارة: هذه التفاصيل هل تنطبق ايضًا على ابناء الجالية الفلسطينية او اللاجئين الفلسطينيين في المانيا, خاصة ان جاليتنا منوعة وفيها قادمون من كل دول العالم؟

عراقي: للأسف لا توجد جالية فلسطينية موحدة او لا يوجد اطار موحد وسقف يوحد الجالية الفلسطينية في المانيا. السبب في ذلك ان السفارة الفلسطينية في برلين بشخص السفيرة الدكتورة خلود دعيبس التي احترمها جداً, هذه السفارة غير مختصة بفلسطينيي الشتات أي انها لا تتابع قضاياهم وتفويضها فقط هو متابعة قضايا الفلسطينيين القادمين من المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية كون هذه السفارة هي سفارة هذه السلطة او هذه الدولة. هي صحيح تتعاون وتشارك الجميع. اما متابعة القضايا فيخضع كل منها حسب البلد القادم منه الشخص. فالفلسطيني القادم من لبنان عنوانه السفارة اللبنانية والقادم من سوريا السفارة السورية وهكذا..

الصنارة: أي ان الهم الفلسطيني موزع.

عراقي: لا بل هو مشتت او ادق مشرذم, ويتوزع على جمعيات ولا يوجد للأسف الشديد سقف موحد يوحد تحته كل هذه الجاليات. مثلاً الهيئة العليا للجاليات الفلسطينية في المانيا. في حين مثلاً انه في 25/5 عقد مؤتمر عام لأبناء الجاليات الاردنية من 15 دولة اوروبية تأسست في ظله “الهيئة العليا للجاليات الاردنية في اوروبا ” هذا ينقصنا.

الصنارة: واين دورك هنا كفلسطيني؟

عراقي: انا كفلسطيني اقف على مسافة واحدة من كل الفلسطينيين بغض النظر من أي بلد قدموا, طالما هذا العمل يخدم الانسان والانسانية .وهكذا اعمل مع كل الجاليات خاصة انني انسان منتخب من قبل كل الناس وليس من قبل مجموعة إثنية او طائفية بعنيها.

الصنارة: وعلى الصعيد السياسي كفلسطيني اين دورك وكيف تخدم القضية الفلسطينية ؟

عراقي: عندما تحفظت المانيا اثناء التصويت على قرار ضم فلسطين كعضو في الأمم المتحدة, شاركت في مؤتمر لحزب الخضر عل مستوى الدولة الالمانية بحضور اكثر من 800 عضو وكانت مهمتي تشكيل لوبي ضاغط لمنع الحكومة الالمانية من المعارضة. واتخذنا قرارا شكل ضغطاً كبيراً على حكومة انجيلا ميركل واضطرها الى اتخاذ قرار بان تتحفظ الدولة الالمانية وان لا تعارض القرار. وهذا يعتبر انجازاً.كذلك لي دور اقوم به في توضيح الصورة الحقيقية للقضية الفلسطينية انسانيا وكقضية حق. اقوم بتوضيح الحق الفلسطيني استناداً الى مواقف السلطة الفلسطينية ورئيسها على مستوى السلام وحل الدولتين وعدم التنازع.

القيادي في حزب الخضر الألماني, الفلسطيني عبد الكريم عراقي

القيادي في حزب الخضر الألماني, الفلسطيني عبد الكريم عراقي

القيادي في حزب الخضر الألماني, الفلسطيني عبد الكريم عراقي

القيادي في حزب الخضر الألماني, الفلسطيني عبد الكريم عراقي

القيادي في حزب الخضر الألماني, الفلسطيني عبد الكريم عراقي

القيادي في حزب الخضر الألماني, الفلسطيني عبد الكريم عراقي

مقالات ذات صلة