المقالات

حكومة إسرائيلية بنكهة جنسية !

حكومة إسرائيلية بنكهة جنسية !

د. عادل محمد عايش الأسطل

منذ الأمس سجّلت زعيمة حزب الحركة الجديد “تسيبي ليفني” وبشكلٍ (مفاجئ) دخولها في الائتلاف الحكومي برئاسة رئيس الوزراء “بنيامين نتانياهو” وكانت تقدمت إلى الداخل بكلتا قدميها دفعةً واحدة، وهي تلوّح بشارة الانتصار، في أعقاب مفاوضاتها مع أعضاء حزب (الليكود) والتي لم تشهد الكثير من التعقيد، وبدت أكثر سهولةٍ ويُسر، بعد أن كنّا نفهم أن لا تلاقي بين الجبلين، مهما كان، نظراً للتاريح السياسي السيء بينهما والتاريخ الشخصي لكليهما أيضاً، الذي انتشر فيما بعد. لكن الذي حدث هو ضد ما كنّا نعتقد على الأقل من حيث، ماهي السبيل التي اتبعتها “ليفني” وأذعن لها “نتانياهو” وأدت إلى هذا الاتفاق؟ وما هي الطريقة التي انتهجها نتانياهو” وأدت إلى إقناع “ليفني” لحصول التوافق وإظهارها الرغبة في الدخول إلى عصمة الائتلاف.

خلال انتخابات الكنيست الثامنة عشر التي جرت في أوائل العام 2009، تغلّبت “ليفني” زعيمة حزب (كاديما) أنذاك، على حزب (الليكود) بزعامة “نتانياهو” بفارق مقعداً واحداً(28 -27) ولكن لم يُمكنها ذلك المقعد أو ذلك الفوز من تشكيل الحكومة، واختارت البقاء في المعارضة وتزعّمت صفوفها، وعارضت حينها بكل قوًتها، حتى سماع الحديث عن دخولها ضمن الائتلاف الحكومي برئاسة “نتانياهو” لكن في هذه الأثناء طاشت الثوابت، ودخلت الحكومة بستة مقاغد فقط، وتحت قيادة “نتانياهو” ولا شك هناك تغيرات.

لا شك فإن لكليهما مطالب وطموحات وحدود مقابلة، لتحقيق الأغراض وصد الشروط المقابلة، حسب الإمكانات والحاجة وبأقصى الجهد. ما ظهر حتى الآن، فإن “ليفني” استطاعت انتزاع بعضاً من مطالبها السياسية وما تصبو إليه، حتى على الصعيد الشخصي. فعلى الصعيد السياسي فقد تمحورت حول العمل على إحباط بعض القوانين، التي تحكم العلاقة بين المتدينين والحكومة وأهمها، قانون (تال) أو التخفيف من حِدّنه. وإبداء المرونة الكافية باتجاه تحريك العملية السلمية مع الفلسطينيين، وإعطائها الزخم المناسب والكفيل بتقدمها، من خلال إيجاد إمكانية ملائمة لاستئناف المفاوضات وما يتعلق بها. وأمّا على الجانب الشخصي، فقد توضحت في جهدها، لاستئناف مكانتها السياسية وترسيخ وجودها في مركز الدولة، والحصول على امتيازات حزبية وشعبية، ناهيك عن أن لديها نيّة مبيّتة للانتقام من “نتانياهو” بتوريطه أمام الرأيين المحلي والدولي، كونه أساء التصرف محلياً ودولياً من خلال أداء حكومته لسياسات خاطئة، أثّرت سلباً على دولة إسرائيل وعلى الشعب الإسرائيلي بشكلٍ عام، حتى من قِبل أفضل أصدقاءها في الغرب والولايات المتحدة أيضاً. لأن الراسخ لديها، هو أنه لا ينبغي له قيادة دولة إسرائيل.

وبالمقابل، فقد حصل “نتانياهو” بالرغم من أن أعضاء كتلة (البيت اليهودي) الأصوليين، غير راضين تماماً، عن انضمام “ليفني” إلى الحكومة أو تكليفها بإدارة المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، حصل على تحقيق بعضاً من أمنياته، بضمّها للحكومة على أمل دحرجة “يائير لابيد” زعيم حزب (يوجد مستقبل) المالك للرقم (19) مقعداً، بهدف إمكانية الإفلات من تكرار السيناريو اليميني للحكومة، وبالتالي تجميلها أمام العالم وتحسين صورة إسرائيل من جديد على نحوٍ خاص. كذلك فإن “نتانياهو” يريد أن يكون على رأس الدولة، وممارسة الحكم بأقل الخسائر، في ضوء خشيته من الوقوع في حفرة (انتخابات أخرى) قد تؤدي إلى نهايته السياسية. ويمكن إضافة بند آخر، وهو غرس (زهرة ملوّنة) داخل الحكومة، أمام الزائر الجديد، الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” وإن لم تكن طازجة وبلا رائحة، لكنها حتماً سيُلقى على عاتقها امتصاص البلل، والعمل على إماطة الكراهية المتبادلة، وغسل الفم من تلفظات سابقة بدرت من الأعماق.

على أية حال، وبرغم أن “ليفني” هي داخل التوليفة الحكومية المرتقبة، فإنها بالتأكيد لن يكون بمقدورها أن تشكل تقدماً يُذكر على الصعيد السياسي وخاصةً ما نحن في انتظاره، برغم تسلّمها وحسب رغبتها (الملف التفاوضي) مع الجانب الفلسطيني، فقد قادت من قبل خلال تاريخها السياسي الطويل العملية السياسية، وترأست المزيد من الجولات التفاوضية، وكانت بلا نتيجة ومن دون جدوى، ناهيك عما تناقلته الأنباء عن مغامراتها الجنسية مع (شخصيات عربية) التي ذُكِر أنها أشاعتها وأفصحت عنها، في سبيل إملاء مطالبها، وكسب التنازلات لصالح دولتها إسرائيل، معتمدة على جواز ذلك العمل، على فتاوى دينية لبعضٍ من حاخامات اليهود، الذين يؤمنون بعقيدة ترك الغريق ليلقى حتفه، لأن ذلك تحقيق لإرادة الله.

وفي ضوء ما تقدم، فإنه لا يُسعدنا نحن كفلسطينيين أو كعرب بشكلٍ عام، أن تكون “ليفني” داخل الحكومة أو حتى خارجها، برغم ما تبدو عليه من مرونة في اتجاهاتها وأفكارها السياسية تجاه القضية الفلسطينية، فهي بالتأكيد بعيدة كل البعد، عن إمكانية الوفاء بكل أو بعض التطلعات الفلسطينية، الآن أو في المستقبل، ناهيك عما يمكن أن يصدر منها أو غيرها، من الأكاذيب والافتراءات المُغرضة، التي يمكن أن يُسجلها التاريخ وتبقى على امتداد الزمن، رغم عدم صحتها.

خان يونس/فلسطين

21/2/2013

مقالات ذات صلة