المقالات

عزلة خارجية يعيشها “نتنياهو”

عزلة خارجية يعيشها “نتنياهو” || د. أسعد عبد الرحمن

بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي (بنيامين نتنياهو) مشاوراته لتشكيل حكومة جديدة في سياق ظلال (أو ظلام) عزلتين: خارجية وداخلية! فالحملات الدعائية العالمية، التي أطلقتها وزارة الخارجية الإسرائيلية، لتحسين صورة الدولة الصهيونية في العالم والحيلولة دون زيادة عزلتها، باءت بالفشل. ويكشف تقرير «المعهد الإسرائيلي للنهضة والديمقراطية» النقاب عن سوء صورة إسرائيل في أوروبا. ويقول: «أحد الأسباب مرده انتشار مصطلح «ظاهرة نزع الشرعية» عن إسرائيل في العالم». ويستخلص باحثو «المعهد» بأن تلك «الظاهرة» أنهت «جميع المحاولات الإسرائيلية لإخفائها عن المشهد إلى الفشل، ذلك أن الخارجية تتهم كل من يستعمل هذا المصطلح بمعاداة إسرائيل، الأمر الذي يحول الجميع إلى أعداء للدولة».

من أكبر الأمثلة على العزلة الخارجية الإسرائيلية، تردي العلاقات الشخصية والسياسية بين (نتنياهو) والرئيس (باراك أوباما). فمؤخرا، نشرت صحيفة «هآرتس» تصريحات «داخلية» للرئيس الأمريكي، وفقا للصحافي الأمريكي اليهودي (جيفري غولدبرغ) المعروف بقربه الشديد للبيت الأبيض، قال فيها: «في اللحظة التي تم فيها إعلام اوباما بقرار نتنياهو المضي قدما في إجراءات تخطيط البناء في منطقة E1بين مستوطنة معاليه أدوميم والقدس، لم يكلف نفسه حتى بإظهار الانزعاج، وقال لبعض الحاضرين إنه اعتاد على هذا النوع من السلوك من قبل نتنياهو». وأضاف (غولدبرغ): «إن أوباما بات غير مبالٍ تجاه ما يعتبره سياسة تدمير ذاتي من جانب نتنياهو»، مشيرا إلى أن أوباما يعتبر أن «كل تصريح بناء جديد في الأراضي الفلسطينية يقود إسرائيل إلى عزلة دولية شبه كاملة». وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أضاف (غولدبرغ) بأن «أوباما يعتقد أن نتنياهو زعيم سياسي جبان، فرغم أن لا أحد يهدده سياسيا، فإنه ما يزال غير مستعد لقيادة حل وسط مع الفلسطينيين». ثم ختم بالقول: «إسرائيل ستجد نفسها في المستقبل المنظور في أي تصويت في منظمة الأمم المتحدة معزولة ومنبوذة تماما».

في السياق ذاته، يرى الجنرال (احتياط) (داني روتشيلد) رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق في دراسة قام بإعدادها في (المركز الأورشليمي للأبحاث): «أنه لا يمكن التهرب من الانطباع بأن الولايات المتحدة ترى في إسرائيل بخطواتها المستقبلية خطرا استراتيجيا أكثر مما تراها حليفا استراتيجيا. من ناحية إسرائيل، هذا إخفاق دبلوماسي مدو». كذلك، في نهاية 2012، وفي «تقرير داخلي» للخارجية الإسرائيلية تناول سياسة دول الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل والعملية السلمية والملف الفلسطيني، حذر التقرير، عمليا، بل أطلق صفارة إنذار مما ينتظر إسرائيل من الاتحاد الأوروبي، مؤكدا، بحسب الصحافة الإسرائيلية، أن «الحكومة القادمة ستكون مضطرة لمواجهة ضغوط أوروبية ثقيلة لدفعها نحو التقدم في المسار السياسي مع الفلسطينيين، وأن النشاط الأوروبي ضد المستوطنات يأخذ زخما أكبر ولا يكتفي فقط بالتعقيب أو الرد على الخطوات التي تعلنها إسرائيل في هذا السياق». كما أكدت الأنباء مؤخرا – نقلاً عن مصادر دبلوماسية – بأن الاتحاد الأوروبي يقوم ببلورة خطة سياسية تهدف «إلى تحريك المفاوضات وصولاً إلى إقامة دولة فلسطينية على أساس حدود 1967، تكون عاصمتها القدس الشرقية مع تبادل للأراضي». من جانبها، أوضحت «يديعوت أحرونوت»: «يدرس الأوروبيون أيضا إمكان أن تمثل مبادئ خطتهم أساساً لانعقاد مؤتمر إقليمي بمشاركة مصر والأردن ودول الخليج، الأمر الذي سيحشر إسرائيل، ويعرضها للظهور بمظهر الرافض للسلام إن هي لم تشارك في هذا المؤتمر».

مع اقتراب موعد الحسم في الازمة النووية الايرانية الذي حدد في 2013، واستمرار الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ستخضع العلاقة المتوترة بين (أوباما) و(نتنياهو) لاختبار في الاشهر القادمة أكثر من أي وقت مضى بينما يستهل كل من الزعيمين فترة ولاية جديدة. هذا، رغم أن (ديفيد ماكوفسكي) الخبير في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى يرى «تراجع احتمال تشكيل حكومة يمينية خالصة ستسبب المشاكل لاوباما.. لذلك هناك فرصة أفضل في أن يجد نتنياهو وسيلة للتفاهم مع الولايات المتحدة». ويضيف: «لكن الوضع لن يكون سهلا. اذ انه خلال السنوات الاربع الماضية كانت طريقة تعامل أوباما مع نتنياهو كثيرا ما تتسم بعدم الاكتراث والريبة المتبادلة وفي بعض الاحيان النفور». وكثيرون ينتظرون ما ستسفر عنه الأسابيع القادمة، سواء قبل أو بعد زيارة الرئيس (أوباما) لإسرائيل والمنطقة. ومن جهته، يخلص الكاتب (سيما كدمون) في مقال بعنوان «إسرائيل بعد الانتخابات: زمن العزلة»: «الاوروبيون يعلمون ان الرعاية الأميركية لإسرائيل قد ضعفت جدا وكذلك سيستوعب هذا المصريون الذين يتعلقون بالولايات المتحدة تعلقا مطلقا. اليكم اذاً، ما ينتظر نتنياهو انه: عالم نفد صبره».

الرأي، عمّان، 10/2/2013

مقالات ذات صلة