المقالات

أسرار الإدارة الاقتصادية الرأسمالية العالمية

بقلم: الدكتور نزار محمود

يعيش على الارض مليارات من البشر المختلف في قدراته وميوله وطموحاته، وهم في تفاعل وتنافس مباشر وغير مباشر، منظور وغير منظور. تحكمهم حاجاتهم المتنوعة، وتحركهم الأنا الذاتية وأنا الانتماء الى جماعات بشرية معينة أو اعتبارات أخرى، وكذلك الاملاءات الخارجية.
ومنذ قديم الزمان عرف الإنسان التنظيم الاجتماعي الذي تحول مع ذلك الزمن الى شكل من الادارة السياسية والذي تطور وتنوع هو الآخر. كان في البدء على مستوى الأسرة، ثم أصبح على مستوى العائلة الكبيرة وم ثم العشيرة والقبيلة حتى وصل الى أشكال الدول المختلفة في انماط اداراتها لاقتصاداتها وحياتها الاجتماعية، والتي انعكست في قوانينها وقيمها واخلاقياتها.
وكانت مسألة الملكية في مفهومها وحدودها، بين المطلقة والمقيدة، وأصحابها من فردية أو جماعية، والتعامل مع الحصول عليها وتداعيات التصرف بها، مسألة دائمة الحساسية في فكر الاقتصاد السياسي وممارساته. هذه المسألة كانت فيصل التفريق بين أنواع الانظمة الاقتصادية المختلفة التي عاشتها المجتمعات البشرية، ومنها الرأسمالية التي تقوم على حرية الملكية الفردية كمبدأ أساسي. وبقدر ما لهذا النظام من جوانب ايجابية على المستوى التنافسي في الانتاج والكفاءة والتطور الدائم، فإن له كذلك من الجوانب السلبية في الجانب الاجتماعي مثل التفاوت الكبير في الدخل والثروات بين من يملك وسائل الانتاج وتوليد الثروة وبين من لا يملك ويكون معرضاً ومضطراً لبيع قوة عمله ومهدداً بالاستغلال وبشبح البطالة وتبعاتها.
من ناحية أخرى فإن الرأسمالية عندما تصل الى مرحلة الخروج من محيطها الداخلي الى الخارجي في حاجتها الى أسواق تصريف منتجاتها والمواد الأولية ومصادر الطاقة والعمالة الرخيصة وغيرها من ممكنات تنافسيتها، فإنها تجد نفسها مضطرة إلى استخدام مخالبها ومكشرة عن أسنانها في إصطياد فرائسها من مشترين وباعة، وفي استخدام من يسهل عليها ذلك من عملاء على مستوى الحكام أو الأفراد.
كما أنه لابد للأنظمة الرأسمالية هذه من التعامل مع المتغيرات والمستجدات، لا بل وإستباقها من أجل التحكم فيها.

ومن أجل ذلك تعمل تلك الأنظمة على:

⁃ ضمان استمرار تقدمها العلمي والتكنولوجي بجميع الوسائل
⁃ المحافظة على قوتها التنافسية في الانتاج كماً ونوعاً، تكلفة وأسعاراً
⁃ ممارسة الاحتكارات لحلقات التنافس الاقتصادي من براءات اختراعات الى أموال وأسرار تقنيات
⁃ الاستحواذ على العقول المتميزة ومهارات العمل المهنية الأجنبية
⁃ الهيمنة على قرارات المؤسسات والمنظمات الدولية من سياسية واقتصادية وتجارية ومالية
⁃ السيطرة على مؤسسات الإعلام، واستخدامها لأغراض تسويق سياساتها، من ناحية، والتضليل بما يخدم مصالحها من ناحية أخرى
⁃ استخدام مؤسساتها الأمنية والاستخبارية والعسكرية للتلاعب بقادة وحكام الدول الدائرة في مناطق نفوذها.
⁃ الهيمنة الثقافية وتسويق أنماط سلوكيات استهلاكية تخدم عجلة انتاجها وتكرس تبعية الغير لها
⁃ استخدام لعبة عملاتها في أسعارها ومؤسسات اصدارها والتلاعب بثروات حامليها، بما يعينها على الاستمرار في هيمنتها وتحكمها.
⁃ السيطرة على قرارات بيع وشراء الموارد والسلع لكثير من الدول والشعوب في إطار تأمين تبعيتها السياسية والاقتصادية لها.

ان ما يحصل في اوكرانيا من حرب وما يلوح من أمر أزمة تايوان وتأزيم الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط لا يخرج عن افرازات ما ذهبت اليه من أمر الهيمنة الرأسمالية العالمية.

 

مقالات ذات صلة