شؤون فلسطينية

كي لا نفقد الاتجاه || أحمد سعدات

المؤلف: أحمد سعدات

القسم الرقمي:

PDF

النص الكامل:
يشهد العالم اليوم تداعيات المرحلة الانتقالية نحو بناء نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، وفي هذا الإطار تواصل هيئة أركان النظام القديم التجديف عكس اتجاه حركة التاريخ لوقف عملية التغيير الجارية، والحفاظ على هيمنتها الشاملة على العالم التي بدأت تتآكل منذ عقدين، مع صعود روسيا والصين اللتين أعدتا مؤسساتهما الحاملة لعملية التغيير، واستمرار الحرب الأوكرانية – الروسية التي أسست لها وغذّتها أميركا والدول الرأسمالية الغربية التي وظفت مصادر قوتها لدعم النظام الأوكراني، مع أن ممكنات حل هذه الأزمة كانت متوفرة لو تم تطبيق اتفاق مينسك.

كما رفعت أميركا وحلفاؤها درجة توتر الصراع بين الصين وتايوان، وبينها وبين دول المحيط الهادىء وبحر الصين الجنوبي، الأمر الذي وضع المجتمع الدولي على حافة الحرب الكونية الساخنة، وشكل تهديداً للأمن والاستقرار والسلام العالمي. وعَكَس المناخ الدولي الجديد تبعية دول الاتحاد الأوروبي للسياسة الأميركية، إذ أجبرتها هذه الأخيرة على مقاطعة الغاز والنفط الروسيين، وفجّرت أنبوب السيل الشمالي الذي يزودها بحاجاتها من الغاز الروسي، وفرضت عليها استيراد الغاز الأميركي بأسعار أكثر تكلفة وأقل جودة قياساً بالغاز الروسي، الأمر الذي أدى إلى تردي الأوضاع الاقتصادية الأوروبية وارتفاع معدلات التضخم إلى مستوى غير مسبوق، وهو ما اضطرها إلى رفع نسبة الفائدة المصرفية عدة مرات، كما أدى إلى ارتفاع الأسعار، وولّد انفجارات احتجاجية شعبية في شوارعها، وخصوصاً في فرنسا وألمانيا، وتسبب بتراجع قوة أحزاب السلطة وهبوط حصادها في الانتخابات العامة.

وفي المقابل، فإن روسيا والصين تواصلان توسيع نفوذهما وتأثيرهما في عدة مناطق من العالم: ففي الشرق الأوسط تعززت العلاقات الروسية – الصينية – التركية – الإيرانية – السعودية – الخليجية، وتوسعت مجالات تعاونها الاقتصادي والسياسي، الأمر الذي أسس لإنجاح المبادرة الصينية في تطبيع العلاقة بين إيران والسعودية من جهة، ومع عدد من دول الخليج من جهة أُخرى، وتخفيف حدة الصراع بين تركيا وسورية بشأن الأزمة السورية، وتوسيع فرص الحل السياسي في احتوائها، وخصوصاً بعد تحسّن العلاقات السورية – السعودية ومع عدد من الدول الخليجية، والـتأسيس لعودة سورية إلى مؤسسات العمل العربي الرسمي الجامعة، وتخفيف معاناة الشعب اللبناني الشقيق الذي يعاني جرّاء الحصار العربي والدولي والانقسام الداخلي وأشكال الابتزاز السياسي كافة. وفي إطار ذلك حل أزمة النظام السياسي العراقي، علماً بأن الاتجاه الصحيح لحل هاتين الأزمتين، وخصوصاً اللبنانية منهما، سيظل مجزوءاً من دون تجاوز القيد الطائفي كأساس لبناء النظام السياسي وتقاسم السلطة الذي أسست له فرنسا في عشرينيات القرن الماضي، وتم تأصيله في اتفاق الطائف في سنة 1989. كما نأمل بأن يساعد هذا المناخ السياسي العربي الجديد في تفعيل المؤسسات العربية الجامعة، وتفعيل قدرتها على احتواء الأزمات العربية بعيداً عن التدويل مثلما جرى في الأزمتَين الليبية واليمنية، وفي وقف التطبيع العربي الرسمي مع الكيان الصهيوني.

وفي هذا السياق، فإن نشوء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب من شأنه أن يعيد التوازن إلى المجتمع الدولي ومؤسساته الأُممية السياسية والاقتصادية، وأن يوفر للدول الفقيرة فرصاً أفضل لاختيار طريقها المستقل للتنمية والبناء الاقتصادي وصيانة استقلالها السياسي، والتحرر من شروط القروض المجحفة التي تفرضها عليها مؤسسات العولمة الإمبريالية: البنك الدولي؛ صندوق النقد الدولي؛ منظمة التجارة العالمية؛ اتفاقية واشنطن لتسوية النزاعات في الاتفاقيات الثنائية للاستثمار، والتي أدت إلى إفقارها وإلحاقها سياسياً واقتصادياً بالدول الأقوى، ونهب فائض القيمة المنتجة وتصديرها إلى أسواق الدول الغنية. وهذا النظام العالمي المتعدد الأقطاب سيفتح آفاقاً جديدة لاتّساع نضال الشعوب والطبقات والفئات المظلومة في العالم، من أجل بناء نظام دولي جديد يرتكز على أساس التكافؤ بين الشعوب، والتوزيع العادل للثروة، ومناهضة جميع أشكال القهر القومي والطبقي، ونبذ أشكال التمييز كلها على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الجنس.

وفي هذا المناخ المشبع برياح الحربين الباردة والساخنة تتفاعل الأزمتان الفلسطينية والصهيونية، وهما أزمتان متلازمتان تحكمهما علاقة جدلية وثيقة، وعلاقة السبب بالنتيجة، وتبادل المواقع بينهما. فالأزمة السياسية الراهنة التي يعيشها الكيان الصهيوني أوسع من أن تُحصر في الخلاف الدائر بين المعارضة والحكومة بشأن ملف الإصلاحات القضائية، وإن كانت هذه المسألة تشكل مظهرها الرئيسي الراهن، فهي أحد تجليات التناقضات الكامنة في جوهر المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني العنصري وكيانه السياسي القائم : التناقض بين الادعاءات التي سوقت الحركة الصهيونية كحركة تحرر قومي وبين مضمونها ووظيفتها الاستعمارية؛ التناقض بين شكلها الليبرالي الغربي والعلماني ومضمونها الديني المؤسس على الأساطير التوراتية؛ تناقضات هويات المستوطنين اليهود الإثنية داخل الكيان الصهيوني؛ التناقض الرئيسي مع الشعب الفلسطيني الأصلاني؛ التناقض الطبقي الذي يحكم علاقة الطبقات في المجتمع الرأسمالي الصهيوني.

إن هذه التناقضات في مجملها لم تظهر على السطح في الأزمة الراهنة، فهي في حالة كمون، لكنها مرشحة للانفجار في المستقبل. فالصراع الراهن بشأن ملف الإصلاحات القضائية يتمحور حول هوية الدولة العلمانية كما أرادها مؤسسو المشروع الصهيوني، والهوية الدينية مثلما تريدها الأحزاب الدينية وأحزاب الصهيونية الدينية، كما يتمحور في الوقت نفسه حول شكل النظام السياسي “الإثنوقراطي” والطابع الفاشي الاستبدادي، ويحركها الصراع الشخصي بين رموز الأحزاب الصهيونية. فالائتلاف الحكومي السابق لم يكن متجانساً، وتوحّد حول شعار إقصاء نتنياهو عن الحكم وليس حزب الليكود، ومع ذلك شاركت أحزابه في إقرار قوانين عنصرية فاشية في وقت سابق، كقانون الولاء للدولة، وقانون النكبة، وقانون أساس القومية، وقانون العَلَم، كذلك قرار تقييد التمويل لمؤسسات المجتمع المدني التي تقع في مواقفها على يسار الأحزاب الصهيونية من حيث نشاطها المناهض للاحتلال وتجاوزاته وجرائمه. وقد تجلت هذه الأزمة في الانقسام العمودي داخل المجتمع الصهيوني ووصوله إلى حافة الحرب الأهلية بحسب تحذيرات هيرتسوغ رئيس الدولة، وفي هواجس العديد من القيادات والرموز السياسية والأمنية، وانخراط قطاعات مجتمعية واسعة في الفاعليات الاحتجاجية من الأكاديميين والفنانين والمثقفين ورجال القضاء والقانون ورجال الأعمال والمؤسسات الإعلامية، فضلاً عن العمال والموظفين.

لقد نجح نتنياهو في تشكيل ائتلافه الحكومي، لكنه وجد نفسه مجبراً على الاستجابة لجميع مطالب أحزاب الائتلاف، المرغوب فيها أو المكره على التحالف معها، وخصوصاً حزب الصهيونية الدينية. كما اعتقد أن عودته إلى الحكم ستحصّنه سياسياً وقانونياً للخلاص من شبح المحكمة التي قد تطيح بأحلامه ومستقبله السياسي، وربما تقوده إلى السجن، وكذلك تحصين شركائه في الائتلاف الحكومي واتفاقاته مع أطراف الائتلاف لتقاسم السلطة التي يمكن الطعن بها قانونياً، ولهذا شَهَر سيف الإصلاح القضائي، ذلك بأن الخيارات أمامه محدودة: إمّا المقامرة بمستقبله السياسي والحفاظ على قواعد الديمقراطية الشكلية داخل المجتمع الاستيطاني، وإمّا السيطرة على السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وضرب مبدأ استقلالية السلطات، وخصوصاً سلطة القضاء. ولتحقيق ذلك أدرج مجموعة من المشاريع لتعديل القوانين الأساسية، وأهمها “قانون التغلّب” الذي يمنع المحكمة العليا من نقض القوانين الأساسية التي يجري إقرارها بالأغلبية البسيطة “60 + 1 عضو”، وتعديل قانون تشكيل المحكمة العليا ولجنة اختيار القضاة، بضمان أغلبية وازنة للائتلاف الحكومي، بما يمكّنه من فرض سيطرة ائتلافه المطلقة على القضاء. فسلوك نتنياهو، على غرار زعامات الأحزاب الصهيونية، لا تحكمه المبادىء، وذلك بحسب المثل العبري الشائع: “إين تربوت، ييش كيسوت” أي “لا يوجد مبادىء، يوجد كراسٍ”، فكل ما هو نافع له صحيح، والغاية تبرر الوسيلة. وقد مضى نتنياهو بإقرار التشريعات غير آبهٍ لصوت الشارع ولتوسع رقعة الاحتجاجات وتعاظم أعداد المشاركين في فاعلياتها، حتى أُجبر على الرضوخ لمطالب الشارع بعد الدعوة العلنية لوزير الحرب يؤاف غالانت ومعه ثلاثة وزراء من الليكود، إلى تعليق التصويت على مشاريع القرارات والاحتكام إلى الحوار مع المعارضة، وعقب تزايد الانتقادات الدولية من طرف المجتمع الدولي، وخصوصاً الإدارة الأميركية التي طالبته بالاستجابة لصوت الشارع ووقف التشريعات. وأرفق نتنياهو موافقته على ذلك بإقالة غالانت ورشوة الوزير الإرهابي بن غفير بتأسيس جهاز الحرس الوطني في مقابل عدم استقالته من الحكومة، أي مأسسة منظمات المستوطنين الإرهابية في ميليشيا شرعية بإمرة وقيادة بن غفير المباشرة.

أغلبية هذه التفاعلات كانت إسقاطاتها السلبية حادة على شعبية نتنياهو وحزب الليكود وائتلافه الحكومي بصورة عامة، فبحسب مؤشرات استطلاعات الرأي بشأن الشخص الأكثر ملاءمة لرئاسة الحكومة، حصل نتنياهو على نسبة 37% في مقابل 46% لزعيم المعسكر القومي ووزير الحرب السابق بني غانتس، كما حصل حزب الليكود في استطلاعَين للرأي على 20 مقعداً من أصل 32 مقعداً في الانتخابات الأخيرة، في مقابل ارتفاع مقاعد المعسكر القومي من 13 مقعداً إلى 27 مقعداً، وهبطت مقاعد الائتلاف الحكومي من 64 مقعداً إلى 46 مقعداً، يقابله ارتفاع عدد مقاعد المعارضة بما فيها الأحزاب العربية إلى 74 مقعداً. وفي استطلاع آخر حصل الائتلاف الحكومي على 51 مقعداً في مقابل 69 مقعداً للمعارضة. ويعزى ارتفاع قوة الائتلاف الطفيف هذا قياساً بالاستطلاع السابق، إلى إلغاء نتنياهو قرار إقالة غالانت.

صحيح أن استطلاعات الرأي تتأرجح نتائجها بحسب تغير الظروف، إلّا إنها مع ذلك غير مريحة للائتلاف الحكومي، علاوة على أن ارتفاع عدد مقاعد المعسكر القومي ونسبة ترشيح غانتس لمنصب رئيس الحكومة يشير إلى إعادة الاعتبار إلى حكم الجنرالات والجيش.

هذه النتائج التي ظللت مناخ الحوار الجاري بين المعارضة والحكومة، فضلاً عمّا يَرشح من أخبار بشأن المواقف من القضايا المختلف عليها، أديا حتى الآن إلى إغلاق الباب أمام أي اتفاق على حل وسط يرضي الطرفين. وعليه، فإن الأزمة الراهنة داخل الكيان الصهيوني مرشحة للاستمرار والتفاقم، إلّا إذا استطاع نتنياهو الاتفاق مع بني غانتس على تشكيل ائتلاف حكومي بديل يحرره من الشراكة مع أحزاب الصهيونية الدينية. غير أن نسبة نجاح هذا الاحتمال تظل ضعيفة، فغانتس الذي تألق نجمه في استطلاعات الرأي لا تشجعه هذه الشراكة على المقامرة بمستقبله السياسي، أو القيام بمغامرة عسكرية واسعة لإخماد التناقضات وتوجيه الأنظار إلى التناقض الخارجي، ذلك بأن الأنظار ستبقى مصوبة إلى غرف الحوار في انتظار تصاعد الدخان الأبيض أو الأسود. وعليه، فإن ما يحدث داخل الكيان الصهيوني من تحول نحو تعزيز الفاشية هو نتيجة منطقية لازمت تجارب الاستعمار الاستيطاني كلها، وهذه الحقيقة تعزز صدقية الراوية التاريخية الفلسطينية العربية بشأن جذور الصراع. فالحكومة الحالية هي الوجه الحقيقي للكيان الصهيوني، كما أن الأساطير التوراتية عن الأحداث التاريخية شرعت تتهاوى أمام معاول علماء الآثار، فجزء كبير منهم يهود وأوروبيون قدموا إلى فلسطين لإثبات تاريخية الأحداث التوراتية، وخرجوا بنتائج معاكسة. وهذه الحقائق كلها جرى توظيفها في زيادة عزلة الاحتلال الدولية، وصولاً إلى نزع الشرعية عن كيانه البغيض، والاستثمار في مجرى تناقضات المجتمع الصهيوني، وتوثيق العلاقات مع القوى اليهودية الديمقراطية المعادية للصهيونية ومشروعها الاستعماري الاستيطاني العنصري، مهما يكن وزنها وثقل تأثيرها الراهن.

إن معطيات الحراك الدولي الراهن، وتفاعلات الأزمة داخل الكيان الصهيوني، واستمرار الحرب المفتوحة على شعبنا من طرف الاحتلال، واتساع مقاومة شعبنا وتصاعدها كمّاً ونوعاً، أمور كلها تُملي على قوى شعبنا السياسية والاجتماعية امتلاك الإرادة السياسية، ومضاعفة جهودها لإنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام الذي يظلل الوضع الفلسطيني الراهن، ويهدد مستقبل قضيتنا الوطنية. فعلى هذه القوى الخروج من دائرة المراوحة، وشقّ الطريق لاستنهاض نضال شعبنا ووضعه على الطريق التي تقود إلى تحقيق أهدافه الوطنية والتاريخية، وتعريف مشروعنا الوطني بالعودة إلى جذور الصراع التاريخية كمشروع قومي وطني تحرري ضد المشروع الاستعماري الصهيوني الاستيطاني العنصري، وإعادة الاعتبار إلى استراتيجيا التحرر بديلاً من المراهنة غير الواقعية على أوهام التسوية التي تم اختبارها خلال 30 عاماً من انطلاق مسار مدريد – أوسلو، وأنتجت الوضع المأزوم الذي تعيشه القضية الوطنية. وعلى هذه القوى أيضاً الاتفاق على استراتيجيا وطنية نضالية موحدة ترتكز على المقاومة وإنجازات نضال شعبنا في محطاته المتعاقبة، وعلى قرارات المجلس المركزي في دوراته المتعاقبة منذ نيسان / أبريل 2015، وقرارات المجلس الوطني الذي عُقد في نيسان / أبريل 2018، والتي دعت إلى فك الارتباط مع الاحتلال والتحلل من التزامات اتفاق أوسلو السياسية والأمنية والاقتصادية، وسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، والتي تم تأكيدها في مخرجات اجتماع الأمناء العامّين في بداية سنة 2021، وإعادة بناء البيت الفلسطيني الداخلي على أسس وطنية ديمقراطية، وتفعيل أدواته القيادية الوطنية الجامعة وفي مقدمها منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك بإعادة الاعتبار إلى مكانتها ككيان سياسي جامع لوحدة شعبنا وأهدافه الوطنية، وكمرجعية سياسية عليا لنضال شعبنا وجميع قواه السياسية والمجتمعية، وممثل شرعي ووحيد لشعبنا في أماكن وجوده كافة. فمهمة إنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام لا تحتاج إلى جولات حوار جديدة تعيد إنتاج أنماط إدارة الانقسام وليس حلّه، بل إلى تطبيق الاتفاقات التي وُقّعت لإنجاز المصالحة بدءاً من آذار / مارس 2005، وصولاً إلى مخرجات اجتماع الأمناء العامّين في سنة 2021، والمسار الديمقراطي الذي نصّت عليه المراسيم الرئاسية والجداول الزمنية لإنجاز الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، والتي أعيد تأكيدها في اتفاق الجزائر الأخير للمصالحة الوطنية.

إن التلكؤ في إنجاز هذه المهمة يملي على شعبنا واجب النضال الديمقراطي لإلزام أصحاب القرار بالقيام بواجبهم الوطني، وإنجاز الوحدة الوطنية وإعلاء المصلحة الوطنية العليا فوق المصالح الفردية والفئوية الضيقة، وتعزيز الشراكة السياسية الديمقراطية بديلاً من المناكفات ومفاهيم ومصطلحات إدارة الانقسام. إن الشعب هو مصدر شرعية أي نظام سياسي أو تنظيم، وذلك عبر صناديق الاقتراع أو في ساحات النضال الجماهيري الديمقراطي، فالوقت من دم ولا يحتمل المراوحة في المكان، وحماية المشروع الوطني الفلسطيني هي حجر الزاوية في توفير الحماية العربية والدولية لشعبنا ونضاله الوطني، وهي أساس استعادة أبعاد النضال القومية والأُممية ومقاومة التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني، وتوسيع إطار المقاطعة الدولية الشعبية والرسمية للاحتلال وسياساته من أجل نزع شرعية كيانه السياسي.

وفي هذا الإطار علينا أن نحوّل الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة إلى مناسبة وطنية قومية لتعزيز مكانة الرواية العربية الفلسطينية التاريخية الثقافية والحضارية، ومحطة لتصعيد النضال والمقاومة في جميع محاور الاشتباك التاريخي المفتوح مع الاحتلال، الميدانية والسياسية والثقافية والقانونية، والدبلوماسية في المحافل الدولية الرسمية والشعبية، وإنجاز وحدتنا الوطنية كأساس ورافعه لاستنهاض نضال شعبنا، وتحقيق أهدافه الوطنية والتاريخية.

(سجن “رامون”، قسم 7، صحراء النقب المحتلة)

مقالات ذات صلة