المقالات

هجرة الفلسطينيين على قوارب الموت .. الاسباب والدوافع والحلول

هجرة الفلسطينيين على قوارب الموت .. الاسباب والدوافع والحلول

بقلم : عاطف خليل

حكاية ريهام المغربي ، تختصر مسيرة المئات من ابناء شعبها الذين اختاروا قوارب الموت، كوسيلة للهروب من واقعهم المرير، نحو مستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم، بعدما اصطدموا بواقع سياسي واقتصادي وامني صعب سواء من هم فوق ارض الوطن او في لبنان، يجوبون الارض بشرقه وغربه بحثا عن فرصة عمل تقيهم ذل السؤال، وتركوا فريسة بين ايدي عصابات تستغل فقر الحال وجهل البعض وغياب المحاسبة القانونية والملاحقات الأمنية.

هذا هو حال اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات لبنان ، والنازحون قسرا من مخيمات سوريا ، بؤس وحرمان ومعاناة ، تكاد تصل الى الفقر المدقع بسبب ارتفاع نسبة البطالة التي وصلت الى نعدلات مرتفعة جدا في مخيمات لبنان بسبب الحرمان من حق العمل ، وبسبب القوانين الظالمة التي توضعها الحكومة اللبنانية وتحرم الفلسطيني من الحق الطبيعي في الحياة. هذا اضافة الى مشكلات تقليص خدمات الاونروا التي طالت القطاعات الاساسية للاجئين في التعليم والطبابة والاغاثة ، وهو ما أثر سلبا على حياة اللاجئ في لبنان .

لعل القهر الذي يمارس على اللاجئ الفلسطيني في لبنان ووصل حد العنصرية ، هو السبب المباشر في محاولة هجرة الشباب الى القارة العجوز ” اوروبا ” التي يجد فيها ما يعوضه عن الحرمان والمعاناة في مواطن اللجوء والشتات . واذا ما دققنا بحالات المهاجرين فتجد غالبتهم من الشباب المتعلم الذي تخرج من الجامعات والمعاهد العليا ، واصبح من العاطلين عن العمل، وعند دخولك الى أي مخيم من مخيمات اللاجئين في لبنان تجد العشرات من المقاهي التي يرتادها هؤلاء الشباب الخريجون الذين لم يجدوا فرص للعمل بسبب القوانين اللبنانية ، وكذلك تراجع الاونروا عن تشغيل هؤلاء الشباب حيث اوقفت التوظيف في مؤسستها ، بل اكثر من ذلك فالقوانين الظالمة التي اتخذتها وزارة العمل لحقت الفلسطيني الذي كان يعمل في المؤسسات غير الحكومية ، مؤخرا بعد القرار الذي اتخذ بوقف عمل الاجانب في هذه المؤسسات التي كان تستعوب مئات من الخريجين. كل ذلك مضافا اليه غياب أي استراتيجية لدى المرجعيات الفلسطينية ، بل اكثر من ذلك فهي لا تولي ادنى اهتمام لهؤلاء الشباب ولا تحاورهم وتستمع اليهم ولمشاكلهم . وغياب المؤسسات والمشاريع التشغيلية في المخيمات .

امام هذا الواقع وتفاقم المشكلات الامنية التي وصلت ذروتها في عدد من المخيمات ، تزايد في الاونه الاخيرة حركة الهجرة من النازحين من مخيمات سوريا ومن اللاجئين في مخيمات لبنان ، بحثا عن مكان يستطيع ان يعيش فيه كأنسان له حقوق وعليه واجبات.

كيف تبدأ رحلة الهجرة او رحلة المجهول حيث لا يدري المهاجر ماذا سيحل به اثناء رحلة الموت في البحار ؟

كثيرا من الذين هاجرو من لبنان خرجوا اما من خلال المطار بطريقة شرعية وتأشيرة من السفارة التركية ، واخرين هاجرو بطرق غير شرعية عبر مراكب صغير من بحر لبنان الى تركيا ، وبكلا الحالتين المشكلة واحدة والتكاليف باهظة . اما الخطر الاكبر فيبدأ من تركيا ومن مدينة ازمير بالتحديد حيث منها تنطلق مراكب الموت باتجاه جزر اليونان المعبر الوحيد بعد ايطاليا الى اوروبا .

في ازمير التركية يبدأ المهاجرون بالبحث عن مهربين وهم كثر موجودين هناك ، ويبدأ التفاوض معه على السعر، فالاسعار تتراوح ما بين 1000 دولار الى 1500 دولار للشخص الواحد . ويبدأ المهرب بتجميع المهاجرين في مكان قريب من البحر حتى يكتمل العدد المطلوب. فيتم وضع المهاجرين في المركب بالعشرات حيث يصل عددهم في مركب مفترض ان يتسع لعشرين شخص يتم وضع 60 شخص في المركب لينطلق في رحلة الموت في البحر بين تركيا واليونان فمن يصل يكون قد مات وولد من جديد ومن لم يصل يكون في عداد الموتى او المفقودين كما حالة اللاجئه الفلسطينية ريهام المغربي ومن قبلها الشاب اسماعيل العريس والمئات من ابناء شعبنا من مخيمات لبنان وسوريا .

في اليونان يبدأ المهاجرون باستكمال رحلة المجهول باتجاه مقدونيا – صربيا- المجر – كرواتيا – النمسا – المانية … الخ مسافات كبيرة يقطعها المهاجرون مشياً على الاقدام في الغابات وفي جنح الظلام هربا من حرس الحدود ، والعشرات منهم تعرضوا للسلب والقتل والخطف في هذه الغابات .

وعندما يصل المهاجرون الى البلدان التي قصدوها في هذه الرحلة الطويلة يتم وضعهم في مخيمات او كمات اشبه بالثكنات العسكرية او السجن المغلق ليتم النظر في طلباتهم ، وهذا الامر قد يستغرق شهور عدة كما هو الحال في مدينة كوفين القبرصية حيث يقبع اكثر من 350 مهاجر من فلسطيني سوريا ولبنان في مخيم منذ اكثر من عشرة شهور وما زالو ينتظرون الافراج عنهم ، في ظروف سيئة للغاية .

وفي المانيا كذلك الامر ويضاف اليها الاقتحامات المتكرر من قبل النازيين لتلك المخيمات والتهجم عليهم وضربهم بالسكاكين والحجارة كما حصل مؤخرا في احدى التجمعات التابعة للكنيسة في برلين . وفي هولندا نفس الحال يشكوا اللاجئون من اسكانهم في مخيمات ووحدات سكنية حديدية في الباحات العامة والحدائق . وفي السويد لا يختلف الامر حيث ما زال اكثر من 300 مهاجر يفترشون الارض في خيم اعتصام مفتوح منذ عشرات الايام امام وزارة الهجرة السويدية .

معاناة كبيرة يعانيها المهاجرون الذي وصلوا الى القارة الاوروبية بعد ان خسروا آلاف الدولارات ليهاجرو .

واذا ما درسنا واقع الحال وحاولنا ان نجد حلولا مناسبة ليتمكن الفلسطيني من العيش بالحد الادنى نستيطيع ان نحد او نقلص من الهجرة خاصة من المخيمات . التي يجب ان نحافظ عليها باعتبارها احد شواهد النكبة وعنوان من عنواين اللجوء والنصال من اجل العودة . وهنا علينا ان لا نشكك بوطنية أي من المهاجرين ، مع ادراكنا الكامل للدور الريادي الذي يتبوأه الفلسطينيون خاصة في اوروبا دفاعا عن حق العودة ودعما لاهلنا في الوطن المحتل .

لذلك علينا البحث عن السبل الكفيلة بحل هذه القضية التي تزيادت في الاونة الاخيرة :-

– عقد لقاءات او ورش عمل في كافة المخيمات مع الشباب الفلسطيني والحوار معهم والاستماع لقضاياهم وهموهم للوصول الى استراتيجة عمل موحدة تستجيب لهموم الشباب وتعالج قضاياهم .

– اعادة تشكيل اللجان الشعبية على اسس من الديمقراطية وادخال الكفاءات والشباب والمراة .

– اشراك الشباب دونما خوف في القيادة وتحمل المسؤوليات الوطنية والاجتماعية ومنحهم الدور الاوسع .

– العمل الجدي وفق استراتيجة وبرنامج وطني واجتماعي لتحسين واقع المؤسسات الوطنية الخاصة بالمنظمة ووقف التفرد والهيمنة والاستئثار بمقدرات شعبنا ، واشراك الشباب في قيادة هذه المؤسسات التي تعنى بالجوانب المتعلقة باللاجئين.

– اعادة الاعتبار للاتحاد العام لطلبة فلسطين وتفعيل دوره وتطويره واجراء الانتخابات في الجامعات والمعاهد العليا .

– تشكيل هيئات مشتركة لصناديق الطلاب والتكافل والضمان الصحي بمشاركة الجميع وبادارة شفافة .

– العمل الجدي من قبل القيادة السياسية لفتح حوار جدي مع الجانب اللبناني للوصول لحل مشكلة العمل والتملك والتعاطي الانساني مع المخيمات .

– تشكيل لجان امنية مشتركة واشراك الفعاليات والشخصيات الوطنية والاجتماعية للحفاظ على امن المخيمات ومحاسبة المخلين بالامن الاجتماعي عبر رفع الغطاء السياسي عنهم .

– الضغط الجدي على الاونروا لوقف سياسية التقليص في خدماتها للاجئين عموما وللنازحين من مخيمات سوريا . وهو ما يحتاج الى برنامج وآليات عمل باجماع كل المرجعيات الفلسطينية تحت عنوان حقوق اللاجئين والنازحين خط احمر .

– تشكيل خلية ازمة من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لمتابعة قضايا اللاجئين في مخيمات لبنان وسوريا .

– تقديم مبلغ مالي من اللجنة التنفيذية للمنظمة لانجاز وفتح مشاريع تشغيلية للاجئين في مخيمات لبنان .

وختاما اذا ما انجزنا جزء من تلك المطالب نستطيع ان نقلص من الهجرة ونحافظ على مخيماتنا ونصونها .

مقالات ذات صلة