المقالات

الانقلاب على الإسلاميين أهداف مركبة

قبل الخوض في انقلاب علمانيين الجزائر وفلسطين ومصر بواسطة العسكر بالتكافل والتضامن مع الغرب المتبجح بالمقاربات الديموقراطية على الإسلاميين القادمين عبر صوت الصناديق الشعبية الهادر , هناك من يمعن في جلد ذات الحركة الإسلامية سواء بهدف الذبح أو لبوس الإصلاح الرمادي فيقول في تبرير إقصائي بكلام حق يراد به باطل لم يتشكل تيار واسع داخل الفكر الديني متصالح مع الحداثة , و لذلك كانت العقول الاسلامية التي امنت بالقوة الجوهرية للموروث الديني ، و تعاطت مع المنتوج الفكري الكوني بروح من التفاعل الرصين، على أساس الاستيعاب الواعي، قليلة العدد !!!.

الشيخ هاشم منقارة
بقلم: الشيخ هاشم منقارة

الاسلام السياسي اليوم و هو يمتطي ظهر السلطة، بات مشغولا بالسياسي المباشر، الى حد فاقم من غفلته عن الإصلاح والمبادئ الجوهرية التي قام عليها الاسلام الاحيائي، و المتلخصة في البحث عن تفاعل الاسلام الدائم مع العصر , الاسلام السياسي ربح السلطة مؤقتاً ، و ان لم يتدارك الأمر فسيخسر نفسه وعليه ولتبرير الانقلاب ادار الرئيس محمد مرسي فترة السنة من حكمه بتقنيات الستينات التقليدية البطيئة من خطابات واعلانات حسن نوايا وبعدة عسكرية وأمنية وقضائية واعلامية خصومه السياسيين اضافة لخيارات استراتيجية خاطئة في الوقت الذي افتقد فيه اتقان لما بات يعرف بالحرب الناعمة وبمعنى اوضح النفاق السياسي! التبرير لم يقنع أحداً في هذا العالم بالمضمون إذا ما استثنينا المواقف المبيتة والمتواطئة. من واشنطن الى الرياض مروراً بالكثير من الملحقات المعنية بأثارة الشكوك الدائمة حول جدوى استمرار الإسلام السياسي. يمكننا ببساطة أن نعزوا الأمر الى اشكالية المصالح والمبادئ على مستوى المشادة الداخلية الناتجة عن اشكالية العلاقة بين المتدينين والعلمانيين النمطية من جهة وللتركيب الإقليمي والدولي المناوئ من جهة أخرى. بمزيد من عناصر الانحراف الفكري والأخلاقي , يتهم الناس بالتخلف والسذاجة لمجرد رفضهم العبودية والتمسك بدينهم ومبادئهم ومصالح شعبهم وأمتهم رغم اننا كنا أول من انتقد بعض المواقف المهادنة من قبيل ابقاء سفارة اسرائيل في القاهرة واقفال السفارة السورية!؟ ولما كان كل ما كان ثورة اصبح قديماً هل احال السيسي والعسكر الديمقراطية الناشئة في مصر الى التاريخ ومعها ما تبقى من مقاربات سلمية لتقويم الفساد والاعوجاج السلطوي العربي والإسلامي امام ليس فقط الإسلاميين بل مجمل المواطنين؟ وقد بدا العلمانيون شركاء السلطة في التواريخ والحقبات المتلاحقة بالملاحقة وقد استنفذوا فرصهم السادية عقوداً من الزمن بمسميات مختلفة فلما جاء الإسلاميون وبالمقاربات التي أعابوها عليهم ردحاً من الزمن جن جنونهم وقد كفروا سراً وعلانية بكل الوسائل الممكنة التي شرطها اسلامي! حتى قالوا بما يفضح سريرتهم اليوم لذة سقوط الإسلاميين أشد من لذة سقوط اي ديكتاتور آخر!!

يمكننا الآن الدخول الى قلب المشهد مباشرة جماعة الربع الساعة الأخيرة يريدون الاستفراد بالإسلاميين بدءاً من سلاح المقاومة في لبنان الى مصر وفلسطين والجزائر والسودان والقائمة تطول بهدف اعادة عقارب الساعة الى الوراء حيث العنف والعمل السري والمطاردة والملاحقة عبر ثلاثية العسكر والإعلام والقضاء العدة التي مولتها واشنطن وذخرتها تماماً للظروف المماثلة المشكلة الكبرى أن بعض الإسلاميين اعتقدوا حقاً أن للثعلب دين وفيه يقول شوقي” :

مخطئٌ من ظنّ يوماً أنّ للثعلب دينا ….!!!

برز الثعلب يوماً في ثياب الواعظينا

ف…مشى في الأرض يهذي ويسبّ الماكرينا

ويقول : الحمد لله إله العالمينا

يا عباد الله توبوا فهو كهف التائبينا

وازهدوا في الطير إن العيش عيش الزاهدينا

واطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصبح فينا

فأتى الديك رسول من إمام الناسكينا

عرض الأمر عليه ورجـــاه أن يلينا

فأجاب الديك : عذراً يا أضلّ المهتدينا

بلّغ الثعلب عني عن جدودي الصالحينا

عن ذوي التيجان ممن دخل البطن اللعينا

أنهم قالوا وخير القول قول العارفينا

مخطئٌ من ظنّ يوماً أنّ للثعلب دينا

لقد اتضح بالدليل القاطع أن الديموقراطية التي يريدها اعداء الإسلام هي مجرد حصان طروادة. لكن السؤآل الأهم هل على الإسلاميين تحقيق اهداف الانقلابين بالعودة للتخلي عن ممارسة حقهم في الدعوة علانية واحقيتهم في قيادة الجماهير وبالتالي اخلاء الساحة للمدعين؟ بالطبع لا فالتنمية بعمومها والانعتاق من الظلم يستصرخهم بقوة الى ميدان الفعل والتأثير لكن لا بد للبندقية أن تعانق غصن الزيتون. خاصة انهم قد استنفذوا كل التقديمات والتطمينات الممكنة وأنها ليست مسار اوسلو ومفاوضات التسوية وعليه فليعلم الإسلاميون أهمية وحدتهم ونهجهم المقاوم الضمان الوحيد لبقائهم اقوياء في ساحة الصراع التي لم يوفر فيها الخصوم وسيلة للانقلاب على الشرعية والحقوق المكتسبة وأن الساعة ابداً لن تعود الى الوراء وخسارة معركة لا تعني ابداً خسارة حرب. وانه لم يعد ممكناً إضفاء البعد الافتراضي على الواقع الفعلي عن طريق لعبة الرقمنة المسؤولة عن خلق نماذج طوباوية مقولبة تعبر عن واقع بمزيد من التضليل!؟ وكما كان متوقعاً عاد عسكر مصر كما كل العسكر في منطقتنا لممارسة السياسة على صهوة حشود مليونية من الإلكترون العلماني المهجن بالأزهر والكنيسة وقضاء وإعلام عدة نظام ما قبل مرسي ربما افتقد “الإخوان” لرئيس غير كاريزمي بمواصفات السينوغرافيا قادر على دغدغة احلام الساحات الرمادية القادرة على ترجيح كفة المشادة السلطوية في اتون السلطة العميقة وعليه يمكن القول ان ايجابيات استمرار المسار الديموقراطي على علاته لا تقارن بأي انقلاب عسكري باكسسوارات شعبية حتى لو كانت مليونية وعليه من يضمن بعد الآن المساحة التي يتحرك فيها المجلس العسكري في اي مقاربة سلميه عبر الصناديق لحسم الخيارات السياسية في اي بلد عربي وإسلامي بما تريده الأهداف المركبة في واشنطن وتل ابيب.

المطلوب من الإسلاميين تجاوز الانفعال وردة الفعل وقوة اللحظة واجراء قراءة نقدية موضوعية غير تكرار معزوفة الانقلاب على الشرعية الدستورية على غرار ما حصل في الجزائر لأقرانهم عليهم الاقتناع بخسارة معركة وليس خسارة حرب وأن استخدام العنف كرد فعل ربما يكون السبب المباشر لأنهاء الحرب لغير صالحهم من المهم جداً للحياة السياسية المصرية الجديدة ان يضخ فيها المزيد من الدماء الشابة خاصة على مستوى الجماعة نفسها فمصر احوج ما تكون للحوار ولتطبيق بنود ما ورد في صيغة التنحية التي هي بالأساس رؤية مشتركة للجميع باستثناء قرار تنحية الرئيس وإخفاؤه ان ممارسة معارضة مسؤولة من قبل الإسلاميين ستعيدهم مستقبلاً وبالقريب العاجل على صهوة نفس الحشود التي اطاحت بهم وكما فعلت مع رئيسين حتى الآن بزمن قياسي باعتبار ان المزاج الشعبي ما بعد ثورة 25 يناير سلاح ذو حدين حتى في وجه العسكر انفسهم ومفاده ان اي رئيس او نظام لا يمكنه بعد الآن الركون للترف السلطوي بفعل الاحتضار او الموت السياسي المفاجئ وعليه ربما من المبكر القول ان الإسلاميين قد سقطوا بالضربة القاضية وأن من استطاع ان يكسب استحقاقات ديموقراطية متوالية في زمن قياسي له رأي قد يفاجئ الجميع بتثبيت الخيارات واستبدال الأشخاص.

* “رئيس مجلس قيادة حركة التوحيد الإسلامي ، عضو جبهة العمل الإسلامي في لبنان واتحاد علماء بلاد الشام”

بقلم: الشيخ هاشم منقارة*

مقالات ذات صلة