المقالات

مقابلة مع ألان شويه Alain Chouet، المدير السابق لجهاز الامن الخارجي الفرنسي

مقابلة مع ألان شويه Alain Chouet، المدير السابق لجهاز الامن الخارجي الفرنسي فرع دمشق والذي شغل لاحقا منصبا رئاسيا في جهاز الاستخبارات الفرنسية. يُعتبر ألان شوييه واحدا من افضل الخبراء المتخصصين بالعالم العربي-الاسلامي.

يعلن ألان شوييه رفضه القرار الفرنسي بتسليح المعارضة السورية.

لقد تأمل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يوم الجمعة ان يتخذ الاوروبيون “خلال الاسابيع القادمة” قرارا بخصوص رفع الحظر عن تزويد قوى المعارضة السورية بالسلاح. وقد صرّح قائلا: ” لقد قامت بعض البلدان بتزويد بشار الاسد ونظامه بالسلاح، ومن بينها روسيا. ينبغي علينا ان نعي نتائج ذلك، ويجب على اوروبا ان تتخذ قرارها خلال الاسابيع القادمة”. وتابع كلامه قائلا بأن “وزراء الخارجية سيدرسون كل “نتائج رفع الحظر” خلال الاجتماع المقرر في 22، 23 آذار في دوبلن”. خطوة انتقدها بشدة ألان شويه.

الجريدة: هل من المناسب ان تقوم فرنسا بتزويد المعارضة السورية بالسلاح؟

الان شويه: أنا مندهش من هذا الامر. فنحن سنجد انفسنا خارج الشرعية الدولية بشكل كامل وفي وضع لم يسبق له مثيل. وللمقارنة استطيع القول كما لو ان فرنسا قررت لوحدها في عام 1991 تسليح (الجماعة الاسلامية المسلحة) و (جبهة الخلاص الاسلامية) في الجزائر تحت ذريعة فوزهم بالانتخابات وبان العسكريين قد أوقفوا العملية الانتخابية.

في الحالة السورية، سنسلح جماعات لا تمثل أحد ولا يعترف بها أحد، سوانا! فحتى منظمة الامم المتحدة لم تعترف بالمعارضة. من جهة أخرى عن اي معارضة نتحدث؟ فهي متنوعة، هجينة ومنقسمة تماما. العسكريون فيها لا يعترفون بسلطة السياسيين، بالإضافة الى سيطرة الجماعات الجهادية في داخل تركيبتها العسكرية.

الجريدة: ما هي الاسلحة التي تريد فرنسا تزويدهم بها؟

ألان شويه: لا اعرف. انا اسمع عن اسلحة “دفاعية” وهي بالنسبة لي لا تختلف اطلاقا عن الاسلحة “الهجومية”. اما الحديث عن اسلحة “غير قاتلة” فهذا لعب في الكلمات. انا لا أعلم لمن سنعطيهم… يؤكد بعض المسؤولين السياسيين الفرنسيين بان وكالات الاستخبارات لدينا تعلم تماما لمن ينبغي اعطاؤها. انا اعرف سورية منذ 40 عام وعملت في الاستخبارات لمدة 30 عام واستطيع ان أؤكد بان مثل هذا اليقين هو متغطرس ومتهور تماما. ما ألاحظه على الارض هو ان ما نسميه (الجيش السوري الحر) يتكون من ضباط وعساكر فرّوا الى تركيا، حيث يتواجد أغلبهم في معسكرات عندما لا يُظهرون اي منحى أو غاية اسلامية. أحد مؤسسي الجيش الحر، العقيد رياض الاسعد، يتواجد عمليا تحت الاقامة الجبرية مع منع دخوله الاراضي السورية. كل هذا من اجل ترك المكان للجماعات المتطرفة الاصولية والجهاديين. بالتالي، اعيد بدوري طرح السؤال: ما هي الاسلحة التي سنعطيها، والى من؟

الجريدة: إذا كانت لندن وباريس ترغبان في اعطاء السلاح، فهذا من اجل التخلص من الرئيس بشار الاسد. لماذا التحرك الان بعد عامين من السكون تقريبا؟

الان شويه: ليس لدينا اي تفويض من الامم المتحدة او من اي طرف آخر. ولا نملك اي شرعية قضائية من اجل الاطاحة بالرئيس الاسد مهما كانت اخطائه. ليس من شأن لا الفرنسيين ولا الانكليز القيام بذلك، هذا شأن السوريين. منذ عامين وفرنسا تزود المعارضين السوريين بالدعم اللوجستي والتقني، وبدورات تدريبية تنظمها المخابرات الفرنسية والانكليزية والاميركية. اما هذه المرة، فإن تزويدهم بالسلاح بشكل رسمي سيُدخلنا في مرحلة جديدة.

الجريدة: ولكن هذه ليست المرة الاولى التي تدعم فيها اجهزة الاستخبارات جماعات معارضة مسلحة رغما عن القوانين الدولية؟

ألان شويه: طبعا، هذا يدخل في عمل هذه الاجهزة… فنحن لا نستطيع ان نرسل عسكريين بشكل رسمي مع أعلام وريش وأبواق إلا عند امتلاكنا تفويضا ضمن اطار الشرعية الدولية. ولكن عندما يعلن وزير للخارجية عن نيته ارسال مساعدة عسكرية الى اجانب ينوون الاطاحة بحكومتهم، على الرغم من معارضة الهيئات الدولية لذلك، فإننا ندخل في شكل جديد وخطير من عدم الشرعية الدولية.

الجريدة: انتم تعرفون سورية بشكل جيد للغاية، حيث عملتم هناك لسنوات طويلة وتتكلمون لغتها. ما هو تقييمكم بشكل عام عن الوضع؟

ألان شويه: لقد تدهور الوضع بشكل كبير خلال هذه السنتين. نحن في بلد تم تدميره وتخريبه وهو الان فريسة لاشتباكات أثنية ومذهبية. لا شيء سيعود كما كان سابقا. لقد دخلنا في منطق الحرب الاهلية، حرب مشابهة لتلك التي أغرقت لبنان بالدماء خلال 15 عام. ولكنني اقول لكم بوضوح: ان وصولنا الى الحل لن يكون عن طريق تسليح الأصوليين. لقد دعت فرنسا الى ايجاد حل عن طريق المفاوضات، ولكنها وبطريقة منافقة اسرعت في اقصاء أحد الاطراف بمنعه من الوصول الى طاولة المفاوضات، ألا وهو السلطة. من بقي اذا للتفاوض معه؟ منذ بداية الازمة ونحن في الضبابية العسكرية والقضائية والسياسية والايديولوجية. انا نفسي اجد صعوبة في رؤية الامور بوضوح. نحن في حالة من الارتباك المطلق خصوصا بدعمنا في سورية أناس نحاربهم في مناطق اخرى.

الجريدة: هل يمكنكم التحديد اكثر؟

ألان شويه: انا اقصد مالي. وعلى الرغم من ان المقارنة لا تبرهن شيئا وان الاسلاميين الموجودين في مالي ليسوا نفس الاسلاميين الذين يقاتلون في سورية، ولكن لديهم نفس الاهداف، نفس المحرضين، نفس الدعاة ونفس الممولين. اجد هذا امرا مهما ومثيرا للفضول. وكمسؤول سابق عن جهاز كبير في الدولة، اجد نفسي مرتبكا وقلقا امام تلك الخيارات الغريبة والعدوانية التي يتخذها الدبلوماسيون والسياسيون لدينا.

المقابلة اجراها الصحفي جان غينيل Jean Guisnel، منشورة على موقع جريدة لوبوان، بتاريخ 17 آذار 2013

ترجمة: ميس ضوماط، باريس

Mays DOUMAT

مقالات ذات صلة