الشتات الفلسطيني

اغتيالات عين الحلوة .. خنجر مسموم في خاصرة فلسطينيي لبنان

مخيم عين الحلوة، أو عاصمة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بسبب عدد سكانه الكبير نسبياً (45 ألفاً حسب إحصائيات الأونروا، و70 ألفاً وفق أرقام اللجنة الشعبية)، أكسبته جغرافيته أهمية إضافية؛ فعلى حدوده تقع تجمعات سنية وشيعية ومسيحية.

هو بوّابة الجنوب، وتمرّ بجانبه قوافل اليونيفيل، وفيه قوى إسلامية ووطنية متعددة الاتجاهات والولاءات، لكل هذا هو اليوم في عين العاصفة.

سكان المخيم يخشون من تكرار تجربة مخيمي نهر البارد واليرموك، وإذا كان لا بدّ من توفّر عوامل داخلية، ومحلية لبنانية، وخارجية إقليمية ودولية لاقتحام المخيم، وإنهائه، فيبدو أن العامل الداخلي الأضعف بعدما فشل، إلى حدّ كبير، في الحفاظ على تماسك المبادرة الفلسطينية لحماية الوجود الفلسطيني (آذار/مارس 2014)، بتوافق كل القوى الفلسطينية المؤثّرة آنذاك، وتبع ذلك بأشهر انتشار حوالي 250 عنصراً من كل القوى في مخيم عين الحلوة.

اغتيالات

قبل يوم واحد من اغتيال العميد طلال الأردني، الذراع اليمنى للمسؤول الفتحاوي محمود عيسى الملقّب بـ”اللينو”، كان الأخير يعلن حربه على ما سمّاهم التكفيريين، ثم يغادر إلى القاهرة، ليحضر حفل زفاف نجل محمد دحلان، لترتفع بعدها التهديدات، والتدخّلات، والاغتيالات.

المسؤول السياسي لحركة (حماس) في مدينة صيدا أبو أحمد فضل، وصف في حوار مع “المركز الفلسطيني للإعلام” الأوضاع في مخيم عين الحلوة بقوله “إن الأحداث الأخيرة، وحوادث الاغتيال المتكررة، وأبرزها الأحداث التي جرت في شهر رمضان المبارك، عكست نفسها على أحوال الناس في المخيم، من توتّر، واستنفارات مسلّحة”.

ويضيف أبو أحمد “بعد الحادثتين الأخيرتين (مقتل طلال الأردني ثم طلال المقدح)، تشنجت الأوضاع في المخيم، وخلت الشوارع من المارّة، ومن المتوقّع أن ينفد مخزون الخبز والأغذية خلال ساعات، المحلات والمؤسسات والمدارس توقفت تماماً، وكذلك معظم المراكز الصحية، فهناك شلل كامل يسود المخيم، وحال من الحذر والترقب، ومن وجد مأوى خارج المخيم لجأ إليه”.

واستدرك فضل بقوله “في الوقت نفسه هناك جهود مضنية من الفصائل الفلسطينية، بمختلف مشاربها، إن كان على صعيد المخيم أو لجنة المتابعة العليا الفلسطينية في لبنان، من أجل إيقاف المسلسل الدموي في ظل التربّص الدولي، خاصة ونحن نشعر أن هناك استهدافاً للاجئين، وقضيتهم، إن كان من خلال تصفية بعض المخيمات الفلسطينية، أو إنهاء الأونروا كشاهد على اللجوء”.

تصفية المخيم

وحول إمكانية أن تجري تصفية للمخيم؛ يردّ فضل “تجربتا مخيمي نهر البارد واليرموك لا تزالان ماثلتين أمام القوى الفلسطينية ومختلف شرائح شعبنا، ولا حصانة ممنوحة للمخيمات الفلسطينية، ولدى الفصائل كل الإصرار على عدم تكرار ما حدث في هذين المخيمين، وإذا انتهى مخيم عين الحلوة، بما يمثّل من عنوان للتمسّك بحق العودة، فتصبح الطريق سالكة أمام المشاريع الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، وعلّمتنا التجارب أن أي مخيم يجري تدميره، فإنه لن يُعاد إعماره، ولن ينعم أبناؤه بالعودة إليه”.

وفي ردّه على الأصوات التي تنادي بموت مبادرة حماية الوجود الفلسطيني في لبنان؛ يقول أبو أحمد فضل “إن المبادرة والآليات التي انبثقت منها؛ كاللجنة الأمنية، والقيادة العليا، ما تزال موجودة وصالحة للعمل بها، لكن أحياناً تعصف الأحداث ببعض الإنجازات، فتعود القيادة العليا للفصائل للاجتماع لاستدراك المخاطر، والتصدّي لها”.

ويتابع: “المبادرة جاءت بعد نقاشات طويلة، لذا فمن الصعب البحث عن بديل لها في ظل هذه الظروف. خاصة أن العلّة في التطبيق أحياناً، وليس في جوهر المبادرة، التي نأمل أن تُطبّق بشكل كامل حتى تستعيد المخيمات أمنها وعافيتها”.

وينتقد أبو الفضل تركيز العالم في حديثه عن مخيم عين الحلوة بما يتعلق بالأمن، متجاوزاً نسبة البطالة التي تبلغ أكثر من 60%، ونسبة جامعيين لا تتجاوز 5%، واستقالة تامة للدولة اللبنانية من واجباتها تجاه لاجئيها، ويؤكد “مع ذلك تبقى ضرورة التحرّك العاجل، واستشعار المسؤولين الفلسطينيين لأخطار قادمة، قد لا تعني الكثير لعالم يشهد احتراق دول بأسرها، لكنها يجب أن تعني الحياة من عدمها لمن تبوّأ المسؤولية من الفلسطينيين”.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام

الجمعة، 31 تموز، 2015

مقالات ذات صلة