المقالات

تدخل تركي مباشر في سوريا

تدخل تركي مباشر في سوريا

اسم الكاتب : د. فايز رشيد

تاريخ إدراج المقال : 2014-04-08

التسجيلات التي سربتها إحدى الجهات التركية عن سيناريو تركي لتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا من قبل تركيا كانت آخر غطاء تمت إزاحته حول دور حزب التنمية والعدالة(حزب الإخوان المسلمين)في التآمر على سوريا.بالطبع أردوغان يقف على رأس هذا الحزب الحاكم الذي يمد الجماعات الأصولية التكفيرية وغيرها(مما يسمى بالمعارضة السورية)بكل أنواع الدعم التسليحي واللوجستي في عملياتها الإرهابية في سوريا.

معركة معبر كسب والتصعيد بالهجوم على حلب وعلى اللاذقية وريفها في وقت واحد،أثبت أن الدور التركي فيما يجري في سوريا هو دور تخريبي ومباشر بشكل فاقع،فالمسلحون الذي قاموا بالمعركة الأخيرة التي جاءت رداً على الهزيمة في القلمون وبخاصة في يبرود،انطلقوا من الأراضي التركية،بالرغم من أن التفاهمات بين أهالي اللاذقية وكسب مع الحكم المركزي في دمشق قائمة منذ أمدٍ بعيد،ولهذا ظلت تلك المنطقة لثلاث سنوات(عمر الصراع في سوريا)هادئة حتى أن تواجد الجيش السوري فيها كان قليلاً عندما تم الهجوم.

رد فعل أردوغان على تسريب التسجيل الأخير الذي تم في مكتب دواد أوغلو وزير الخارجية وبحضوره وحضور رئيس الوزراء أردوغان ورئيس جهاز الاستخبارات حقان فيدانكان عنيفا. وفي اعتقاده أن من قام بالتسجيل وتسريبه هي حركة”الخدمة”ذات الاتجاه الإسلامي بزعامة محمد فتح الله غولن(الحليف السابق لأردوغان).التسجيل يتحدث عن إرسال أربعة رجال أتراك أو عملاء إلى سوريا لإطلاق ثمانية صواريخ على أرض بور داخل تركيا(أو حتى شن هجوم إن لزم الأمر)الأمر الذي سيستعمل مبرراً إلى توجيه ضربة عسكرية مباشرة إلى البلد العربي سوريا.أردوغان يبدو مؤخراً كالممسوس الذي أصابه مس،فهو شديد العصبية بعيد حتى عن أدنى حدود الدبلوماسية في تعبيراته،لذا يمكن أيضاً إطلاق كلمة المهووس عليه،يعتقد أن كل التسريبات التي جرت وتمت إذاعة تسجيلاتها من قبل وسائل الإعلام هي مؤامرة على تركيا وعلى حزب التنمية والعدالة وعليه شخصيا.أردوغان دخل بوابة الأزمة بعد اتهامات وجهت إلى أقرب وزرائه إليه،ومن ثم جرى توجهيها إليه شخصياً وإلى نجله أيضاً(وقد تمت إذاعة التسجيلات بينه وبين ابنه)،هذا الأمر أخرجه عن طوره وبدأ مؤخراً كالمتخبط في التصريحات الإعلامية إلى الحد أنه ألغى خدمة”توتير”ومن ثم”اليوتيوب”وكأنه يعيش في العصر الحجري!.

أردوغان أعد نفسه لتسلم رئاسة الجمهورية في الانتخابات الرئاسية القادمة(في أغسطس لهذا العام)ولكن بصلاحيات كاملة من خلال تعديلات دستورية أجراها بعد اتخاذ إجراءات اقصائية عديدة في سلك القضاء.أحال خلالها الكثير من القضاة على التقاعد.أردوغان مهووس بالمجد الشخصي لذلك وبعد انعدام الفرص أمامه ليتسلم منصب رئيس الوزراء مرة أخرى،سيتقدم إلى رئاسة الجمهورية لكن من الصعب أن يحوز حزبه على التأييد بنفس القوة الذي حصل عليه في الانتخابات الماضية.أردوغان يحلم بإعادة الأمجاد وبإمبراطورية عثمانية جديدة تعيد التاريخ إلى الوراء!.رئيس الوزراء التركي نصّب من نفسه محامياً عن الشعب السوري رغم أنه أقام أوثق العلاقات مع النظام السوري ومع الرئيس بشار الأسد شخصياً.بعد الاستيلاء القسري على الحكم من قبل الإخوان المسلمين في أكثر من بلد عربي،وبخاصة في مصر،انقلب أردوغان في سياساته إلى النقيض.منذ بدء الأحداث في سوريا وقف مع التنظيمات والجماعات الأصولية التكفيرية بالرغم من أنه في زيارته الأخيرة إلى إيران صرّح مراراً:بأن التصدي للأصوليين الإرهابيين في سوريا هي المهمة ذات الأولوية.رغم ذلك استمر أرودغان في تأييد تلك الجماعات وهو من الذين طالبوا الرئيس أوباما وحلف الناتو بتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا،وكان انزعاجه كبيراً عندما تم احتواء هذا الأمر.قبل إذاعة التسجيلات الأخيرة قامت القوات التركية بإسقاط طائرة سورية رغم عدم اختراقها للمجال الجوي التركي وفقما يقول السوريون.

للعلم كثيرون من المعارضة التركية تحدثوا عن نوايا أردوغان في توريط تركيا في الحرب على سوريا.كان ذلك قبل كشف التسجيلات والتسريبات الأولى والأخيرة , من بين هؤلاء كمال كيليتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض،الذي تحدث عن سيناريو مماثل(لسيناريو التسجيلات الأخيرة)في وقت سابق من شهر مارس الماضي عندما قال:”إن أردوغان قد يقرر اقحام الجيش في سوريا قبل الانتخابات.المقصود الانتخابات البلدية التي جرت في 30 مارس الماضي…مضيفاً:..لا تجروا تركيا إلى مثل هذه المغامرة” . منذ مظاهرات ميدان تقسيم بدأت شعبية حزب التنمية والعدالة وزعيمه في النزول المتدرج بالتزامن مع الأحداث التي تطرقنا لها وصولاً إلى النتيجة التي نالها الحزب في الانتخابات البلدية ( ورغم فوز حزب التنمية والعدالة بها ) أظهرت انخفاضاً كبيراً في شعبيته.لقد وعد أردوغان بالانسحاب من الحياة السياسية إذا لم يفز حزبه في الانتخابات البلدية.

أردوغان يتدخل تدخلاً مباشراً في بعض الدول العربية ليس في سوريا فحسب وإنما في مصر أيضاً.فقد وصف حراكات 30 يونيو الماضي والتغييرات في 3 يوليو بالإنقلاب, وقال كلاماً أقّل ما يمكن أن يقال عنه:أنه بعيد عن الدبلوماسية حول الأوساط الحاكمة في مصر.بالطبع أرودغان غضب غضباً شديداً بعد إقصاء الإخوان المسلمين عن السلطة في مصر وخلع مندوبهم في قصر الاتحادية محمد مرسي ,وهو ما أدى إلى سحب مصر لسفيرها من تركيا.

التسجيلات كشفت جزءاً من الدور التركي التخريبي في سوريا،فهل سنكون بانتظار تسجيلات أخرى تلقي مزيداً من الضوء على دور حزب التنمية والعدالة ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في الصراع الدائر في سوريا.هذا ما ستكشفه الأيام القادمة!.

مقالات ذات صلة