المقالات

الحكومة الإسرائيلية القادمة: موت رؤيا “الدولتين”…

الحكومة الإسرائيلية القادمة: موت رؤيا “الدولتين”…

دوف فايسغلاس*

قال من قال إن المستقبل في اسرائيل معلوم وواضح دائما؛ فهو الماضي الذي يتغير بلا توقف. أجل ان مستقبل اسرائيل السياسي أصبح واضحا جدا، فنتنياهو هو الذي سيشكل الحكومة القادمة. ولم تستطع الأحزاب التي تسمي نفسها “مركزا” أن تتحد وفشلت في عرض مرشح وحيد مناسب في رأي الجمهور لولاية رئاسة الوزراء. ولهذا لن تجد أحزاب المركز الأكثرية المطلوبة لإنشاء حكومة اخرى.

ستكون حكومة نتنياهو الجديدة حكومة يمين متطرف، وهي شراكة “طبيعية” بين “الليكود” و”اسرائيل بيتنا” و”البيت اليهودي” و”شاس” والأحزاب الحريدية. وبعد أن يضمن نتنياهو الأكثرية المطلوبة من بين شركائه في الرأي والموقف، يمكن ان يطلب من حزب أو أحزاب من المركز ان تنضم الى حكومته لمنحه شبه توازن واعتدال – لكن دون ان يكون للحزب المنضم تأثير حقيقي في مواقف الحكومة السياسية.

سيكون حزب “البيت اليهودي”، الذي أخذ يقوى وبخاصة على حساب “الليكود”، الشريك الرئيس في الائتلاف القادم. نتنياهو لا يريد ذلك، لكن لن يكون أمامه مناص لأن الأرقام هي التي ستقرر، وفيما بين ذلك يحاول نتنياهو ان يصد نفتالي بينيت بالتفاف عليه من اليمين – في حُمى تصريحات عن بناء متوقع في المنطقة E1 وفي شرقي القدس وفي مناطق “يهودا” و”السامرة”؛ والعالم ينفجر. فالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ينددان بتصريحات البناء بلغة لم يسبق لها بيد ان نضال “البيت اليهودي” وبينيت تسبق كل شيء وتُسوغ كل ضرر سياسي.

يخطئ من يوهم نفسه بأن الحكومة الجديدة بعد الانتخابات كما هي العادة ستعود الى الاعتدال في كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني. لأن قدرة الحكومة الحالية المحدودة جدا على الدفع الى الأمام بمسيرة سياسية ستختفي تماما، فالشريك الائتلافي الكبير للمستقبل، نفتالي بينيت وحزبه، يرفض إقامة دولة فلسطينية. ويقول بينيت ان الموقف الاسرائيلي الرسمي الذي يعترف بمبدأ الدولتين ويقبله وسيلة لتسوية الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني كارثة يجب ان تبطل. واليهود لن يُجلوا عن بيوتهم في أراضي “يهودا” و”السامرة”؛ وعلى كل حال فانه سيرفض شخصيا تنفيذ أي أمر عسكري يأمر بفعل ذلك. والعالم، بحسب رأيه المدروس، لا يهتم البتة بالصراع الاسرائيلي- الفلسطيني لأن هذا ما استنتجه من عنوان صحيفة في مدينة أميركية غير مهمة تناول بقرة محلية اسمها “متيلدا” ولم يتناول “جبل الهيكل” (المسجد الأقصى).

ان الحلف المتوقع بين “البيت اليهودي” وجماعة متطرفي “الليكود” – التي قويت جدا في الانتخابات التمهيدية – سيسلب نتنياهو ايضا القدرة على التظاهر بأنه يريد دولتين؛ وقد تظل تُسمع شعارات خطبة بار ايلان. لكن من الواضح للجميع ان التفاوض السياسي لن يستأنف بإزاء زخم البناء الواسع في “المناطق”، وانه لن تنشأ دولة فلسطينية – سواء أكان ذلك خيرا أم شرا – بسبب الرفض المطلق لحل المستوطنات والانسحاب من أكثر “المناطق” التي تم احتلالها في حرب 1967. ولا أمل البتة في أن توافق التركيبة الائتلافية الموصوفة آنفا على وقف البناء أو تفكيك المستوطنات أو انسحاب ما؛ وقد انتهت أصلا رؤيا الدولتين.

ليس من الصعب ان نصف حجم الأزمة السياسية التي ستُدفع اليها اسرائيل اذا وحينما تحبط إنشاء دولة فلسطينية في الظروف المعروفة. ان اسرائيل متعلقة تماما بالتأييد السياسي والعسكري للولايات المتحدة، وإن جزءا كبيرا من التصدير الاسرائيلي هو لدول الاتحاد الأوروبي. وإن حكومة – كتلك المتوقعة – تسبب إحباط حل الدولتين قد تجلب لاسرائيل ضررا ملموسا بالمصالح العسكرية والسياسية والاقتصادية الأشد حيوية.

*رئس مكتب أرئيل شارون الأسبق.

عن “يديعوت”

الأيام، رام الله، 25/12/2012

مقالات ذات صلة